وعنْ ابن عَبّاس رضي الله عنهما قال: قالَ رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "مَنْ تَسَمّع حديث قومٍ وهم لهُ كارهون صُبَّ في أُذنيْهِ الآنُكُ يَومَ القيامة" يعني الرَّصاص. أخرجه البخاريُّ.
 

(وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم: "منْ تسمّعَ حديث قوْم وهُمْ لهُ كارهون صُبَّ في أُذنيه الآنك) بفتح الهمزة والمد وضم النون (يَوْم القيامة" يعني الرصاص) هو مدرج في الحديث تفسيراً لما قبله (أخرجه البخاري).
هكذا في نسخ بلوغ المرام "تسمع" بالمثناة الفوقية وتشديد الميم، ولفظ البخاري من استمع، والحديث دليل على تحريم استماع حديث من يكره سماع حديثه ويعرف بالقرائن وبالتصريح. وروى البخاري في الأدب المفرد من رواية سعيد المقبري قال: مررت على ابن عمر ومعه رجل يتحدّث فقمت إليهما فلطم صدري وقال: إذا وجدت اثنين يتحدّثان فلا تقم معهما حتى تستأذنهما. قال ابن عبد البرّ: لا يجوز لأحد أن يدخل على المتناجين في حال تناجيهما.
قال المصنف: ولا ينبغي للداخل عليهما القعود عندهما ولو تباعد عنهما إلا بإذنهما، لأن افتتاحهما الكلام سراً وليس عندهما أحد دل على أنهما لا يريدان الإطلاع عليه. وقد يكون لبعض الناس قوّة فهم إذا سمع بعض الكلام استدل به على باقيه، فلا بدّ منه له من معرفة الرضا فإنه قد يكون في الإذن حياء وفي الباطن الكراهة. ويلحق باستماع الحديث استنشاق الرائحة ومس الثوب واستخبار صغار أهل الدار ما يقول الأهل والجيران من كلام أو ما يعملون من الأعمال. وأما لو أخبره عدل عن منكر جاز له أن يهجم ويستمع الحديث لإزالة المنكر.