وعن أَبي هُريرة رضي اللّهُ عنهُ قالَ: قال رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "ما نقصَتْ صَدَقَةٌ منْ مالٍ، ومَا زاد اللّهُ عَبْداً بِعَفْوٍ إلا عِزّاً، وما تواضع أَحدٌ لله إلا رَفَعهُ" أَخرجَهُ مُسلمٌ.
 

فسر العلماء عدم النقص بمعنيين:
الأول: أنه يبارك له فيه ويدفع عنه الآفات فيجبر نقص الصورة بالبركة الخفية.
والثاني: أنه يحصل بالثواب الحاصل عن الصدقة جبران نقص عينها فكأن الصدقة لم تنقص المال لما يكتب الله من مضاعفة الحسنة إلى عشر أمثالها إلى أضعاف كثيرة.
قلت: والمعنى الثالث أنه تعالى يخلفها بعوض يظهر به عدم نقص المال بل ربما زادته، ودليله قوله تعالى: {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه} وهو مجرّب محسوس وفي قوله: "ما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً" حث على العفو عن المسيء وعدم مجازاته على إساءته وإن كانت جائزة قال تعالى: {فمن عفا وأصفح فأجره على الله}.
وفيه أنه يجعل الله تعالى للعافي عزا وعظمة في القلوب، لأنه بالانتصاف يظنّ أنه يعظم ويصان جانبه ويهاب ويظنّ أن الإغضاء والعفو لا يحصل به ذلك فأخبر رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بأنه يزداد بالعفو عزا؛ وفي قوله: "وما تواضع أحد لله" أي لأجل ما أعده الله للمتواضعين "إلا رفعه الله" دليل على أن التواضع سبب للرفعة في الدارين لإطلاقه. وفي الحديث حث على الصدقة وعلى العفو وعلى التواضع، وهذه من أمهات مكارم الأخلاق.