وعَنْ أَبي هريرة رضي الله عنْهُ قالَ: قال رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "مَنْ قال: سُبحان الله وبحمده مائةَ مرَّة حُطّت عَنْهُ خطاياهُ وإن كانت مثل زبد البحْر" متّفقٌ عليه.
 

معنى سبحان الله تنزيهه عما لا يليق به من نقص، فيلزم منه نفي الشريك والصاحب والولد وجميع ما لا يليق، والتسبيح يطلق على جميع ألفاظ الذكر ويطلق على صلاة النافلة، ومنه صلاة التسبيح خصت بذلك لكثرة التسبيح فيها.
وفيه: أنه تكفر بهذا الذكر الخطايا، وظاهره ولو كبائر، والعلماء يقيدون ذلك بالصغائر ويقولون: لا تمحى الكبائر إلا بالتوبة، وقد أورد على هذا سؤال: وهو أنه يدل على أن التسبيح أفضل من التهليل، فإنه قال في التهليل: "إن من قال مائة مرة في يوم محيت عنه مائة سيئة" كما قدمناه وهنا قال: "حطت عنه خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر" والأحاديث دالة على أن التهليل أفضل، فقد أخرج الترمذيّ والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم من حديث جابر مرفوعاً "أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله، وهي كلمة التوحيد والإخلاص وهي اسم الله الأعظم" ومعنى التسبيح داخل فيها فإنه التنزيه عما لا يليق بالله وهو داخل في لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك... إلخ؛ وفضائلها عديدة وأجيب عنه بأنه انضاف إلى ثواب التهليل مع التفكير ثلاثة أمور رفع الدرجات وكتب الحسنات وعتق الرقاب، والعتق يتضمن تكفير جميع السيئات فإن من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضواً منه من النار كما سلف.
وظاهر الأحاديث أن هذه الفضائل لكل ذاكر. وذكر القاضي عن بعض العلماء أن الفضل الوارد في مثل هذه الأعمال الصالحة، والأذكار إنما هو لأهل الفضل في الدين، والطهارة من الجرائم العظام وليس من أصر على شهواته وانتهك دين الله وحرماته بلا حق، من الأفاضل المطهرين في ذلك وشهد له قوله تعالى: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين امنوا وعملوا الصالحات}.