وعَنْ جُويْريَةَ بنْت الحارث رضي الله عنها قالَتْ: قال لي رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "لقَدْ قُلْتُ بعْدكِ أَرْبع كلمات لَوْ وزنَتْ بمَا قُلتِ مُنْذُ اليوْم لوزنَتْهُنَّ: سبحان الله وبحمده عدد خَلْقِهِ ورضاءَ نَفْسه وزنةَ عرْشه ومداد كلماته" أخرجَهُ مُسْلمٌ.
 

(وعن جويرية بنت الحارث رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لقَدْ قُلْتُ بعْدكِ أَرْبع كلمات لَوْ وزنَتْ بمَا قُلتِ) بكسر التاء خطاب لها (مُنْذُ اليوْمَ لَوزَنَتْهُنَّ: سُبحان الله وبحمْدهِ عَددَ خَلْقِهِ ورضاءَ نفْسِهِ وزنَةَ عرْشِهِ ومِدادَ كلماتِهِ" أخرجه مسلم).
عدد خلقه منصوب صفة مصدر محذوف تقديره أسبحه تسبيحاً ومثله أخواته. وخلقه شامل لما في السموات والأرض وفي الدنيا والآخرة، ورضاء نفسه أي عدد من رضي الله عنهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، ورضاه عنهم لا ينقضي ولا ينقطع. وزنة عرشه أي زنة ما لا يعلم قدر وزنه إلا الله. ومداد كلماته بكسر الميم وهو ما تمد به الدواة كالحبر، والكلمات هي معلومات الله ومقدوراته وهي لا تنحصر وهي لا تتناهى، ومدادها هو كل مدة يكتب بها معلوم أو مقدور، وذلك لا ينحصر فمتعلقه غير منحصر كما قال تعالى: {قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي}: الحديث دليل على فضل هذه الكلمات وأن قائلها يدرك فضيلة تكرار القبول بالعدد المذكور.
وعَنْ أَبي سعيد الخُدريِّ رضي اللّهُ عنهُ قال: قالَ رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "الباقيات الصَّالحات: لا إله إلا اللّهُ وسُبحانَ الله والله أَكْبرُ والحمدُ لله ولا حَوْلَ ولا قوةَ إلا بالله" أخْرجَه النسائي وصحّحه ابنُ حبّان والحاكمُ.
الباقيات الصالحات: يراد بها الأعمال الصالحة التي يبقى لصاحبها أجرها أبد الآباد، وفسرها صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بهذه الكلمات، ويحتمل أنه تفسير لقوله تعالى: {والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً وخير أملاً}.
وقد جاء في الأحاديث تفسيرها بأفعال الخير. فأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من حديث ابن عباس: "الباقيات الصالحات: هنّ ذكر لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله وتبارك الله ولا حول ولا قوة إلا بالله وأستغفر الله وصلى الله على رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم والصيام والصلاة والحج والصدقة والعتق والجهاد والصلة؛ وجميع أنواع الحسنات وهنّ الباقيات الصالحات التي تبقى لأهلها في الجنة" وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن[اث] قتادة[/اث]: "الباقيات الصالحات كل شيء من طاعة الله فهو من الباقيات الصالحات" ولا ينافي تفسيرها في الحديث بما ذكر فإنه لا حصر فيه عليها.
وعَنْ سَمُرة بن جُندب رضي الله عنهُ قال: قال رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "أَحبُّ الكلام إلى الله أَربعٌ لا يضركَ بأيهنَّ بدأت سُبحانَ الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أَكبرُ" أَخرجهُ مُسْلمٌ.
يعني إنما كانت أحبه إليه تعالى لاشتمالها على تنزيهه وإثبات الحمد له والوحدانية والأكبرية. وقوله: "لا يضرك بأيهنّ بدأت" دل على أنه لا ترتيب بينها ولكن تقديم التنزيه أولى لأنه تقدّم التخلية ــــ بالخاء المعجمة ــــ على التحلية ــــ بالحاء المهملة ــــ والتنزيه تخلية عن كل قبيح، وإثبات الحمد والوحدانية والأكبرية تحلية بكل صفات الكمال، لكنه لما كان تعالى منزهة ذاته عن كل قبيح لم تضر البداءة بالتحلية وتقديمها على التخلية.
والأحاديث في فضل هذه الكلمات مجموعة ومتفرقة بحر لا تنزفه الدلاء ولا ينقصه الإملاء وكفى بما في الحديث من أنها الباقيات الصالحات وأنها أحب الكلام إلى الله تعالى.