وعَنْ عبد الله بن عَمْرو رضي الله عنهما قالَ: كانَ رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم يقولُ: "اللهمَّ إنِّي أَعوذُ بك منْ غَلَبة الدين وغَلَبة العَدوِّ وشماتة الأعداءِ" رواهُ النسائي وصحّحهُ الحاكم.
 

غلبة الدَين: ما يغلب المدين قضاؤه، ولا ينافي الاستعاذة كونه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم استدان ومات ودرعه مرهونة في شيء من شعير، فإن الاستعاذة من الغلبة بحيث لا يقدر على قضائه، ولا ينافيه أن الله مع المدين حتى يقضي دينه ما لم يكن فيما يكره الله، وروي هذا عن عبد الله بن جعفر مرفوعاً لأنه يحمل على ما لا غلبة فيه. فمن استدان ديناً يعلم أنه لا يقدر على قضائه فقد فعل محرماً، وفيه ورد حديث "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أداها الله عنه ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله" أخرجه البخاري، وقد تقدم، ولذا استعاذ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم من المغرم وهو الدين؛ ولما سألته عائشة عن وجه إكثاره من الاستعاذة منه قال: "إن الرجل إذا غرم حدّث فكذب ووعد فأخلف" فالمستدين يتعرض لهذا الأمر العظيم.
وأما غلبة العدو أي بالباطل لأن العدو في الحقيقة إنما يعادي في أمر باطل إما لأمر ديني أو لأمر دنيوي كغصب الظالم لحق غيره مع عدم القدرة على الانتصاف منه، وغير ذلك.
وأما شماته الأعداء فهي فرح العدو بضر نزل بعدوه. قال ابن بطال: شماتة الأعداء ما ينكأ القلب وتبلغ به النفس أشد مبلغ. وقد قال هرون لأخيه عليهما السلام: {ولا تشمت بي الأعداء} لا تفرحهم بما تصيبني به.