وعن بريدةَ رضي الله عنْهُ قالَ: سمع رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم رجلاً يقولُ: اللهمَّ إني أَسأَلك بأَني أَشهدُ أَنكَ أَنت الله لا إله إلا أَنتَ الأحدُ الصَّمدُ الذي لمْ يلد ولمْ يولد ولمْ يكُنْ لهُ كُفُواً أَحَدٌ فقال (رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم): "لَقَدْ سأَلَ الله باسمه الذي إذا سئل به أعطى وإذا دُعي به أَجاب" أَخْرَجهُ الأربعةُ وصحّحه ابنُ حبّان.
 

الأحد: صفة كمال لأن الأحد الحقيقي ما يكون منزه الذات عن أنحاء التركيب والتعدد وما يستلزم أحدهما كالجسمية والتحيز والمشاركة في الحقيقة، ومتصفاً بخواصها كوجوب الوجود والقدرة الذاتية والحكمة الناشئة عن الألوهية.
والصمد: السيد الذي يصمد إليه في الحوائج ويقصد، والمتصف به على الإطلاق هو الذي يستغني عن غيره مطلقاً وكل ما عداه محتاج إليه، وليس ذلك عنه إلا الله تعالى. ووصفه بأنه لم يلد لم يجانس ولم يفتقر إلى ما يعينه أو يخلف عنه لامتناع الحاجة والفناء عليه، وهو رد على من قال: الملائكة بنات الله، ومن قال: عزير ابن الله والمسيح ابن الله، وقوله: "لم يولد" أي لم يسبقه عدم.
فإن قلت: المعروف تقدّم كون المولود مولوداً على كونه والداً؛ فكان هذا يقتضي أن يقال: الذي لم يولد ولم يلد. قلت: القصد الأصلي هنا نفي كونه تعالى ليس له ولد كما ادّعاه أهل الباطل ولم يدع أحد أنه تعالى مولود فالمقام مقام تقديم نفي ذلك. فإن قلت: فلم ذكر ولم يولد مع عدم من يدعيه؟ قلت: تعميماً لتفرد الله تعالى عن مشابهات المخلوقين وتحقيقاً لكونه ليس كمثله شيء.
والكفؤ: المماثل أي لم يكن أحد يمثاله في شيء من صفات كماله وعلو ذاته. وفي الحديث دليل على أنه ينبغي تحري هذه الكلمات عند الدعاء لإخباره صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أنه إذا سئل بها أعطى وإذا دعي بها أجاب. والسؤال: الطلب للحاجات، والدعاء أعم منه، فهو من عطف العام على الخاص.