وعَنْ أَبي هُريرة رضي الله عنهُ قال: كانَ رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم إذا أَصبحَ يقولُ: "اللهمَّ بك أَصبحْنا وبك أَمسينا وبك نحيا وبك نموتُ وإليك النشورُ" وإذا أَمسى قالَ مثْلَ ذلك إلا أنّهُ قال: "وإليك المصيرُ" أَخرجه الأربعةُ.
 

الظرف متعلق بمقدّر أي بقوّتك وقدرتك وإيجادك أصبحنا أي دخلنا في الصباح إذا أنت أوجدتنا وأوجدت الصباح. ومثله أمسينا. والنشور من نشر الميت إذا أحياه، وفيه مناسبة: لأن النوم أخو الموت فالإيقاظ منه كالإحياء بعد الإماتة، كما ناسب في المساء ذكر المصير لأنه ينام فيه والنوم كالموت. وفيه الإقرار بأن كل إنعام من الله تعالى.
وعَنْ أَنس رضي الله عَنْهُ قالَ: كانَ أَكثرُ دعاءِ رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "ربّنا آتنا في الدنيا حَسَنةً وفي الآخرة حسَنَةً وقنا عذاب النّار" مُتّفقٌ عَلَيه.
قال القاضي عياض: إنما كان يدعو بهذه الآية لجمعها معاني الدعاء كله من أمر الدنيا والآخرة، قال: والحسنة عندهم ههنا النعمة، فسأل نعيم الدنيا والآخرة، والوقاية من العذاب، نسأل الله أن يمن علينا بذلك. وقد كثر كلام السلف في تفسير الحسنة.
فقال ابن كثير: الحسنة في الدنيا تشمل كل مطلوب دنيوي من عافية ودار رحبة، وزوجة حسناء وولد بارّ، ورزق واسع، وعلم نافع، وعمل صالح، ومركب هني، وثياب جميلة، إلى غير ذلك مما شملته عبارتهم، فإنها مندرجة في حسنات الدنيا؛ فأما الحسنة في الآخرة: فأعلاها دخول الجنة وتوابعه من الأمن، وأما الوقاية من النار: فهي تقتضي تيسير أسبابه في الدنيا من اجتناب المحارم وترك الشبهات أو العفو محضاً. ومراده بقوله وتوابعه: ما يلحق به في الذكر لا ما يتعقبه حقيقة.