ولأبي داودَ منْ حديث ابنِ عبّاس مَرْفوعاً "من نَذَرَ نذْراً لمْ يُسَمّهِ فَكفّارتُه كفارةُ يمين، ومَنْ نَذَرَ نذْراً في معْصية فكفّارتهُ كفّارَةُ يمين، ومَنْ نَذَرَ نذْراً لا يطيقُهُ فَكفَّارَتُهُ كفّارةُ يمين" وإسْنادُهُ صحيحٌ إلا أَنَّ الحفّاظَ رَجّحُوا وقْفَهُ.
 

أما النذر الذي لم يسم كأن يقول: لله عليّ نذر. فقال كثير من العلماء: في ذلك كفارة يمين لا غير، وعليه دل حديث عقبة وحديث ابن عباس، وأما النذر بالمعصية فكفارته كفارة يمين، كما صرح به الحديث، سواء فعل المعصية أم لا، وكذلك من نذر نذراً لا يطيقه عقلاً ولا شرعاً كطلوع السماء وحجتين في عام، لا ينعقد وتلزمه كفارة يمين. وعند الشافعي ومالك وداود وجماهير العلماء: لا تلزمه الكفارة لما دل عليه الحديث الآتي وهو قوله:
وللبخاريِّ مِنْ حديث عائشة "ومَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصيَ اللّهَ فلا يَعْصِهِ".
ولم يذكر كفارة، وحديث عمر "لا يمين عليك ولا نذر في معصية الله" أخرجه ابن ماجه. وذهبت الهادوية وابن حنبل إلى وجوب الكفارة، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما. وأجيب عنه بأن الأصح أنه موقوف.
وأما الزيادة في حديث عمران بن حصين "وكفارته كفارة يمين" فقد أخرجها النسائي والحاكم والبيهقي، ولكن فيه: محمد بن الزبير الحظلي وليس بالقوي، وله طريق أخرى فيها علة، ورواه الأربعة من حديث عائشة وفيه راوٍ متروك، ورواه الدارقطني وفيه أيضاً متروك. ولا يلزم الوفاء بنذر المعصية لقوله: "فلا يعصه" ولما يفيده قوله:
ولمُسلم من حديث عمران "لا وفاءَ لِنذر في مَعْصيةٍ".
فإنه صريح في النهي عن الوفاء، كالذي قبله.