وعنْ عُقْبة بن عامر رضي اللّهُ عنهُ قال: نذَرَتْ أُخْتي أَنْ تمْشيَ إلى بيت الله حافية فأَمَرتني أَنْ أَستفتي لهَا رسولَ اللّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم فاسْتَفْتَيْتُهُ فقالَ النّبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "لِتَمْشِ ولتركَبْ" مُتفقٌ عليهِ واللفظُ لمسْلمٍ، ولأحْمدَ والأربعةِ فقال: "إِنَّ الله لا يصنعُ بشقاءِ أُختِكَ شيئاً، مُرْهاً فلتختمِرْ ولتركب ولتصمْ ثلاثةَ أَيّام".
 

دل الحديث على أن من نذر أن يمشي إلى بيت الله لا يلزمه الوفاء، وله أن يركب لغير عجز، وإليه ذهب الشافعي.
وذهبت الهادوية: إلى أنه لا يجوز الركوب مع القدرة على المشي، فإذا عجز جاز له الركوب ولزمه دم، مستدلين برواية أبي داود لحديث عقبة بأنه قال فيه: "إن أختي نذرت أن تحج ماشية وإنها لا تطيق فقال رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: إن الله تعالى لغني عن مشي أختك فلتركب ولتهد بدنة" فتقييد رواية الصحيحين بأن المراد ولتمش إن استطاعت وتركب في الوقت الذي لا تطيق المشي فيه أو يشق عليها.
وقوله: "فلتختمر" ذكر ذلك لأنه وقع في الرواية أنها نذرت أن تحج لله ماشية غير مختمرة قال: فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: "مرها. الحديث" ولعل الأمر بصيام ثلاثة أيام لأجل النذر بعدم الاختمار، فإنه نذر بمعصية، فوجب كفارة يمين، وهو من أدلة من يوجب الكفارة في النذر بمعصية، إلا أنه ذكر البيهقي أن في إسناده اختلافاً، وقد ثبت في رواية أبي داود عن ابن عباس بعد قوله: فلتركب "ولتهد بدنة" قيل: وهو على شرط الشيخين إلا أنه قال البخاري: لا يصح في حديث عقبة بن عامر الأمر بالإهداء، فإن صح فكأنه أمر ندب وفي وجهه خفاء.