وعن ثابت بن الضَّحّاك رضي اللّهُ عنهُ قالَ: نَذَرَ رجلٌ على عَهْد رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم أَنْ يَنْحَر إبلاً ببُوانةَ فأَتَى رسولَ اللّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم فَسَأَله فقال: "هلْ كانَ فيها وثنٌ يُعْبدُ؟" قالَ: لا، قالَ: "فهلْ كان فيها عيدٌ من أعيادهم؟" فقال: لا، فقال: "أوفِ بنذركَ فإنّهُ لا وفاءَ لِنَذر في معصيةِ الله ولا في قطيعة رَحِمٍ ولا فيما لا يملكُ ابنُ آدمَ" رَواهُ أَبو داودَ والطبرانيُّ واللفظُ له وَهُوَ صحيح الإسنادِ، ولهُ شاهدٌ مِنْ حديث كَرْدَمٍ عَنْدَ أَحْمدَ.
 

(وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه) هو ثابت بن الضحاك الأشهلي. قال البخاري: هو ممن بايع تحت الشجرة حدّث عنه أبو قلابة وغيره (قال: نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن ينحر إبلاً ببوانة). بضم الموحدة وبفتحها وبعدها واو ثم ألف وبعد الألف نون موضع بالشام، وقيل: أسفل مكة دون يلملم (فأتى رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم فسأله، فقال: "هل كان فيها وثنٌ يُعْبَدُ؟" قال: لا. قال: "فهل كانَ فيها عيدٌ مِنْ أعيادهم؟" فقال: لا. فقال: "أوْفِ بنذركَ فإنّهُ لا وفاءَ لنذر في معصية الله تعالى ولا في قطيعة رحمٍ ولا فيما لا يملك ابنُ آدمَ". رواهُ أبو داود والطبراني واللفظ له وهو صحيح الإسناد وله شاهد من حديث كَرْدم) بفتح الكاف وسكون الراء وفتح الدال المهملة (عند أحمد).
والحديث له سبب عند أبي داود وهو: أنه "قال: يا رسول الله إني نذرت إن ولد لي ولد ذكر أن أذبح على رأس بوانة ــــ في عقبة من الصاعد عنه ــــ الحديث" وهو دليل على أن من نذر أن يتصدق أو يأتي بقربة في محل معين أنه يتعين عليه الوفاء بنذره ما لم يكن في ذلك المحل شيء من أعمال الجاهلية، وإلى هذا ذهب جماعة من أئمة الهادوية. وقال الخطابي: إنه مذهب الشافعي، وأجازه غيره لغير أهل ذلك المكان ا هــــ.
ولكنه يعارضه حديث "لا تشد الرحال" فيكون قرينة على أن الأمر هنا للندب، كذا قيل، ويدل له أيضاً قوله:
وعنْ جابر رضي اللّهُ عنهُ أنَّ رَجُلاً قال يومَ الْفتح: يا رسول اللّهِ إني نذرت إنْ فَتَحَ الله عَليك مكّة أَنْ أُصلي في بيتِ المقْدس؟ فقالَ: "صلِّ ها هُنا" فسأَلهُ فقال: "صلِّ ها هُنا" فسألهُ فقال: "فشأنكَ إذنْ" رواهُ أَحمدُ وأَبو داود وصححهُ الحاكمُ.
وعَنْ جابر رضي الله عنهُ قالَ: جيءَ بسارقٍ إلى النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم فقال: "اقتلوه" فَقَالوا: يا رسول الله إنما سرق؟ قال: "اقطعُوهُ" فقُطع، ثمَّ جيءَ بهِ الثّانية فقال: "اقتُلوهُ" فذكرَ مِثلهُ: ثم جيء به الثالثة فذكر مثله، ثم جيء به الرابعة كذلك، ثمَّ جيءَ بهِ الخامسة فقالَ: "اقتلوهُ" أَخرجهُ أَبو داودَ والنسائي واستنكره.
(وعن جابر رضي الله عنه أن رجلاً قال يوم الفتح:) أي فتح مكة. (يا رسول الله إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس فقال: "صَلِّ ها هُنا" فسأله فقال: "صلِّ ها هنا" فسأله فقال: "فَشأنك إذن" رواه أحمد وأبو داود وصححه الحاكم).