عمارة بيت المقدس بعد خرابها واجتماع بني إسرائيل بعد تفرقهم في بقاع الأرض
 
قال الله تعالى في كتابه المبين وهو أصدق القائلين أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال انى يحيى هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلة العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال أعلم ان الله على كل شيء قدير قال هشام بن الكلبي ثم أوحى الله تعالى الى ارميا عليه السلام فيما بلغني انى عامر بيت المقدس فأخرج إليها فأنزلها فخرج حتى قدمها وهي خراب فقال في نفسه سبحان الله أمرني الله أن أنزل هذه البلدة وأخبرني أنه عامرها فمتى يعمرها ومتى يحييها الله بعد موتها ثم وضع رأسه فنام ومعه حماره وسلة من طعام فمكث في نومه سبعين سنة حتى هلك بخت نصر والملك الذي فوقه وهو لهراسب وكان ملكه مائة وعشرين سنة وقام بعده ولده بشتاسب بن لهراسب وكان موت بخت نصر في دولته فبلغه عن بلاد الشام أنها خراب وان السباع قد كثرت في أرض فلسطين فلم يبق بها من الانس احد فنادى في أرض بابل في بني إسرائيل ان من شاء أن يرجع إلى الشام فليرجع وملك عليهم رجلا من آل داود وأمره ان يعمر بيت المقدس ويبني مسجدها فرجعوا فعمروها وفتح الله لارميا عينيه فنظر إلى المدينة كيف تبني وكيف تعمر ومكث في نومه ذلك حتى تمت له مائة سنة ثم بعثه الله وهو لا يظن أنه نام أكثر من ساعة وقد عهد المدينة خرابا فلما نظر إليها عامرة آهلة قال أعلم أن الله على كل شيء قدير قال فأقام بنو اسرائيل بها ورد الله عليهم امرهم فمكثوا كذلك حتى غلبت عليهم الروم في زمن ملوك الطوائف ثم لم يكن لهم جماعة ولا سلطان يعني بعد ظهور النصارى عليهم هكذا حكاه ابن جرير في تاريخه عنه وذكر ابن جرير ان لهراسب كان ملكا عادلا سائسا لمملكته قد دانت له العباد والبلاد والملوك والقواد وانه كان ذا رأي جيد في عمارة الأمصار والأنهار والمعاقل ثم لما ضعف عن تدبير المملكة بعد مئة سنة ونيف نزل عن الملك لولده بشتاسب فكان في زمانه ظهور دين الجوسية وذلك ان رجلا كان اسمه زردشت
كان قد صحب ارميا عليه السلام فأغضبه فدعا عليه ارميا فبرص زردشت فذهب فلحق بأرض آذربيجان وصحب بشتاسب فلقنه دين المجوسية الذي اخترعه من تلقاء نفسه فقبله منه بشتاسب وحمل الناس عليه وقهرهم وقتل منهم خلقا كثيرا ممن اباه منهم ثم كان بعد بشتاسب بهمن بن بشتاسب وهو من ملوك الفرس المشهورين والأبطال المذكورين وقد ناب بخت نصر لكل واحد من هؤلاء الثلاثة وعمر دهرا طويلا قبحه الله والمقصود أن هذا الذي ذكره ابن جرير من أن هذا المار على هذه القرية هو ارميا عليه السلام قال وهب بن منبه وعبدالله بن عبيد بن عمير وغيرهما وهو قوي من حيث السياق المتقدم وقد روى عن علي وعبدالله بن سلام وابن عباس والحسن وقتادة والسدي وسليمان بن بريدة وغيرهم أنه عزير وهذا اشهر عند كثير من السلف والخلف والله أعلم