ذكر اسلام أبي ذر رضي الله عنه
 
قال الحافظ البيهقي أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ حدثنا الحسين بن محمد بن زياد حدثنا عبد الله بن الرومي حدثنا النضر بن محمد حدثنا عكرمة بن عمار عن أبي زميل سماك بن الوليد عن مالك بن مرثد عن أبيه عن أبي ذر قال كنت ربع الإسلام أسلم قبلي ثلاثة نفر وأنا الرابع أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت السلام عليك يا رسول الله أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فرأيت الاستبشار في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا سياق مختصر وقال البخاري اسلام أبي ذر حدثنا عمرو بن عباس حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن المثنى عن أبي حمزة عن ابن عباس قال لما بلغ أبا ذر مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأخيه اركب إلى هذا الوادي فاعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي يأتيه الخبر من السماء فاسمع من قوله ثم ائتني فانطلق الآخر حتى قدمه وسمع من كلامه ثم رجع إلى أبي ذر فقال له رأيته يأمر بمكارم الأخلاق وكلاما ما هو بالشعر فقال ما شفيتني مما أردت فتزود وحمل شنة فيها ماء حتى قدم مكة فاتى المسجد فالتمس رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يعرفه وكره أن يسأل عنه حتى أدركه بعض الليل اضطجع فرآه علي فعرف أنه غريب فلما رآه تبعه ولم يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء حتى أصبح ثم احتمل قربته وزاده إلى المسجد وظل ذلك اليوم ولا يراه النبي صلى الله عليه وسلم حتى أمسى فعاد إلى مضجعه فمر به علي فقال أما آن للرجل يعلم منزله فاقامه فذهب به معه لا يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء حتى إذا كان يوم الثالث فعاد علي مثل ذلك فاقام معه فقال ألا تحدثني بالذي أقدمك قال إن أعطيتني عهدا وميثاقا لترشدني فعلت ففعل فأخبره قال فانه حق وأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاذا أصبحت فاتبعني فاني إن رأيت شيئا أخاف عليك قمت كأني أريق الماء وإن مضيت فاتبعني حتى تدخل مدخلي ففعل فانطلق يقفوه حتى دخل على النبي صلى الله عليه وسلم ودخل معه فسمع من قوله وأسلم مكانه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ارجع إلى قومك فاخبرهم حتى يأتيك أمري فقال والذي بعثك بالحق لاصرخن بها بين ظهرانيهم فخرج حتى أتى المسجد فنادى باعلا صوته اشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ثم قام فضربوه حتى اضجعوه فاتى العباس فاكب عليه فقال ويلكم ألستم تعلمون أنه من غفار وأن طريق تجارتكم إلى الشام فانقذه منهم ثم عاد من الغد بمثلها فضربوه وثاروا اليه فاكب العباس عليه هذا لفظ البخاري وقد جاء اسلامه مبسوطا في صحيح مسلم وغيره فقال الامام أحمد حدثنا يزيد بن هارون حدثنا سليمان بن المغيرة حدثنا حميد بن هلال عن عبد الله ابن الصامت قال أبو ذر خرجنا من قومنا غفار وكان يحلون الشهر الحرام أنا وأخي أنيس وأمنا
فانطلقنا حتى نزلنا على خال لنا ذي مال وهيئة فأكرمنا خالنا وأحسن إلينا فحسدنا قومه فقالوا له إنك إذا خرجت عن أهلك خلفك اليهم أنيس فجاء خالنا فثنى ما قيل له فقلت له أما ما مضى من معروفك فقد كدرته ولا جماع لنا فيما بعد قال فقربنا صرمتنا فاحتملنا عليها وتغطى خالنا بثوبه وجعل يبكي قال فانطلقنا حتى نزلنا حضرةمكة قال فنافر أنيس عن صرمتنا وعن مثليها فأتيا الكاهن فخير أنيسا فاتانا بصرمتنا ومثلها وقد صليت يابن أخي قبل أن القى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين قال قلت لمن قال لله قلت فأين توجه قال حيث وجهني الله قال واصلي عشاء حتى إذا كان من آخر الليل الفيت كأني خفاء حتى تعلوني الشمس قال فقال أنيس إن لي حاجة بمكة فألقني حتى آتيك قال فانطلق فراث علي ثم أتاني فقلت ما حسبك قال لقيت رجلا يزعم أن الله أرسله على دينك قال فقلت ما يقول الناس له قال يقولوا إنه شاعر وساحر وكان أنيس شاعرا قال فقال لقد سمعت الكهان فما يقول بقولهم وقد وضعت قوله على إقراء الشعر فوالله ما يلتئم لسان أحد أنه شعر ووالله إنه لصادق وإنهم لكاذبون قال فقلت له هل أنت كافي حتى انطلق قال نعم وكن من أهل مكة على حذر فانهم قد شنعوا له وتجهموا له قال فانطلقت حتى قدمت مكة فتضعفت رجلا منهم فقلت أين هذا الرجل الذي يدعونه الصابئ قال فاشار إلي فمال أهل الوادي علي بكل مدرة وعظم حتى خررت مغشيا علي ثم ارتفعت حين ارتفعت كأني نصب أحمر فاتيت زمزم فشربت من مائها وغسلت عني الدم ودخلت بين الكعبة وأستارها فلبثت به يابن أخي ثلاثين من يوم وليلة مالي طعام إلا ماء زمزم فسمنت حتى تكسرت عكن بطني وما وجدت على كبدي سخفة جوع قال فبينا أهل مكة في ليلة قمراء أضحيان وضرب الله على أشحمة أهل مكة فما يطوف بالبيت غير امرأتين فاتتا علي وهما يدعوان اساف ونائلة فقلت انكحوا أحدهما الآخر فما ثناهما ذلك فقلت وهن مثل الخشبة غير أني لم أركن قال فانطلقتا يولولان ويقولان لو كان ههنا أحد من أنفارنا قال فاستقبلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وهما هابطان من الجبل فقال ما لكما فقالتا الصابئ بين الكعبة واستارها قالا ما قال لكما قالتا قال لنا كلمة تملأ الفم قال وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وصاحبه حتى استلم الحجر وطاف بالبيت ثم صلى قال فاتيته فكنت أول من حياه بتحية أهل الاسلام فقال عليك السلام ورحمة الله من أنت قال قلت من غفار قال فاهوى بيده فوضعها على جبهته قال فقلت في نفسي كره أن انتميت إلى غفار قال فاردت أن آخذ بيده فقذفني صاحبه وكان أعلم به مني قال متى كنت ههنا قال قلت
كنت ههنا منذ ثلاثين من بين ليلة ويوم قال فمن كان يطعمك قلت ما كان لي طعام إلا ماء زمزم فسمنت حتى تكسرت عكن بطني وما وجدت على كبدي سخفة جوع قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها مباركة إنها طعام طعم قال فقال أبو بكر ائذن لي يا رسول الله في طعامه الليلة قال ففعل قال فانطلق النبي صلى الله عليه وسلم وانطلقت معهما حتى فتح أبو بكر بابا فجعل يقبض لنا من زبيب الطائف قال فكان ذلك أول طعام أكلته بها فلبثت ما لبثت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني قد وجهت إلى أرض ذات نخل ولا أحبسها إلا يثرب فهل أنت مبلغ عني قومك لعل الله ينفعهم بك ويأجرك فيهم قال فانطلقت حتى أتيت أخي أنيسا قال فقال لي ما صنعت قال قلت صنعت إني أسلمت وصدقت قال فما بي رغبة عن دينك فاني قد اسلمت وصدقت ثم أتينا أمنا فقالت ما بي رغبة عن دينكما فاني قد اسلمت وصدقت فتحملنا حتى أتينا قومنا غفار قال فاسلم بعضهم قبل أن يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وكان يؤمهم خفاف بن إيما بن رخصة الغفاري وكان سيدهم يومئذ وقال بقيتهم إذا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلمناقال فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسلم بقيتهم قال وجاءت أسلم فقالوا يا رسول الله اخواننا نسلم على الذي اسلموا عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم غفار غفر الله لها وأسلم سالمها الله ورواه مسلم عن هدبة بن خالد عن سليمان بن المغيرة به نحوه وقد روى قصة اسلامه على وجه آخر وفيه زيادات غريبة فالله أعلم وتقدم ذكر اسلام سلمان الفارسي في كتاب البشارات بمبعثه عليه الصلاة والسلام