فصل ( كتاب النبي صلى الله عليه و سلم إلى النجاشي )
 
قال البيهقي في الدلائل باب ما جاء في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم الى النجاشي ثم روى عن الحاكم عن الاصم عن احمد بن عبد الجبار عن يونس عن ابن اسحاق قال هذا كتاب من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي الاصحم عظيم الحبشة سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لم يتخذ صاحبة ولا ولدا وأن محمدا عبده ورسوله وأدعوك بدعاية الله فاني أنا رسوله فاسلم تسلم يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فان تولوا فقولوا اشهدوا بانا مسلمون فان أبيت فعليك إثم النصارى من قومك
هكذا ذكره البيهقي بعد قصة هجرة الحبشة وفي ذكره ههنا نظر فان الظاهر أن هذا الكتاب انما هو إلى النجاشي الذي كان بعد المسلم صاحب جعفر وأصحابه وذلك حين كتب الى ملوك الأرض يدعوهم إلى الله عز وجل قبيل الفتح كما كتب الى هرقل عظيم الروم قيصر الشام وإلى كسرى ملك الفرس والى صاحب مصر وإلى النجاشي قال الزهري كانت كتب النبي صلى الله عليه وسلم اليهم واحدة يعني نسخة واحدة وكلها فيها هذه الآية وهي من سورة آل عمران وهي مدنية بلا خلاف فانه من صدر السورة وقد نزل ثلاث وثمانون آية من أولها في وفد نجران كما قررنا ذلك في التفسير ولله الحمد والمنة فهذا الكتاب إلى الثاني لا إلى الأول وقوله فيه الى النجاشي الأصحم لعل الأصحم مقحم من الراوي بحسب ما فهم والله أعلم
وأنسب من هذا ههنا ما ذكره البيهقي عن الحاكم عن أبي الحسن محمد بن عبد الله الفقيه بمرو حدثنا حماد بن احمد حدثنا محمد بن حميد حدثنا سلمة بن الفضل عن محمد بن اسحاق قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي في شأن جعفر بن أبي طالب وأصحابه وكتب معه كتابا بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى النجاشي الاصحم ملك الحبشة سلام عليك فاني احمد اليك الله الملك القدوس المؤمن المهيمن وأشهد أن عيسى روح الله وكلمته القاها إلى مريم البتول الطاهرة الطيبة الحصينة فحملت بعيسى فخلقه من روحه ونفخته كما خلق آدم بيده ونفخه وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له والموالاة على طاعته وأن تتبعني فتؤمن بي وبالذي جاءني فاني رسول الله وقد بعثت اليك ابن عمي جعفرا ومعه نفر من المسلمين فاذا جاؤوك فاقرهم ودع التجبر فاني أدعوك وجنودك إلى الله عز وجل وقد بلغت ونصحت فاقبلوا نصيحتي
والسلام على من اتبع الهدى فكتب النجاشي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم إلى محمد رسول الله من النجاشي الاصحم بن أبجر سلام عليك يا نبي الله من الله ورحمة الله وبركاته لا إله إلا هو الذي هداني إلى الاسلام فقد بلغني كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى فورب السماء والارض إن عيسى ما يزيد على ما ذكرت وقد عرفنا ما بعثت به الينا وقرينا ابن عمك وأصحابه فاشهد أنك رسول الله صادقا ومصدقا وقد بايعتك وبايعت ابن عمك واسلمت على يديه لله رب العالمين وقد بعثت اليك يا نبي الله باربحا بن الاصحم بن أبجر فاني لا أملك إلا نفسي وإن شئت أن آتيك فعلت يا رسول الله فاني أشهد أن ما تقول حق