تنبيه على فضل هذا المسجد الشريف
 
قال الامام احمد حدثنا يحيى بن أنيس بن أبي يحيى حدثني أبي قال سمعت ابا سعيد الخدري قال اختلف رجلان رجل من بني خدرة ورجل من بني عمرو بن عوف في المسجد الذي أسس على التقوى فقال الخدري هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال العمري هو مسجد قباء فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألاه عن ذلك فقال هو هذا المسجد لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال في ذلك خير كثير يعني مسجد قباء ورواه الترمذي عن قتيبة عن حاتم بن اسماعيل عن أنيس بن أبي يحيى الاسلمي به وقال حسن صحيح وروى الامام احمد عن اسحاق بن عيسى عن الليث بن سعد والترمذي والنسائي جميعا عن قتيبة عن الليث عن عمران بن أبي أنس عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه قال تمارى رجلان في المسجد الذي أسس على التقوى وذكر نحو ما تقدم وفي صحيح مسلم من حديث حميد الخراط عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه سأل عبد الرحمن بن أبي سعيد كيف سمعت أباك في المسجد الذي أسس على التقوى قال أبى أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن المسجد الذي أسس على التقوى فاخذ كفا من حصباء فضرب به الارض ثم قال هو مسجدكم هذا وقال الامام احمد حدثنا وكيع حدثنا ربيعة بن عثمان التميمي عن عمران بن أبي أنس عن سهيل بن سعد قال اختلف رجلان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد في الذي أسس على التقوى فقال أحدهما هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الآخر هو مسجد قباء فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألاه فقال
هو مسجدي هذا وقال الامام احمد حدثنا أبو نعيم حدثنا عبد الله بن عامر الاسلمي عن عمران بن أبي أنس عن سهل بن سعد عن أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال المسجد الذي أسس على التقوى مسجدي هذا فهذه طرق متعددة لعلها تقرب من إفادة القطع بانه مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وإلى هذا ذهب عمر وابنه عبد الله وزيد بن ثابت وسعيد بن المسيب واختاره ابن جرير وقال آخرون لا منافاة بين نزول الآية في مسجد قباء كما تقدم بيانه وبين هذه الاحاديث لان هذا المسجد أولى بهذه الصفة من ذلك لان هذا أحد المساجد الثلاثة التي تشد الرحال اليها كما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي هذا والمسجد الحرام ومسجد بيت المقدس وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تشد الرحال الا إلى ثلاثة مساجد وذكرها وثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام وفي مسند احمد بأسناد حسن زيادة حسنة وهي قوله فان ذلك أفضل وفي الصحيحين من حديث يحيى القطان عن حبيب عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي والاحاديث في فضائل هذا المسجد الشريف كثيرة جدا وسنوردها في كتاب المناسك من كتاب الاحكام الكبير إن شاء الله وبه الثقة وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم
وقد ذهب الامام مالك وأصحابه إلى أن مسجد المدينة أفضل من المسجد الحرام لأن ذاك بناه ابراهيم وهذا بناه محمد صلى الله عليه وسلم ومعلوم أن محمدا صلى الله عليه وسلم أفضل من ابراهيم عليه السلام وقد ذهب الجمهور إلى خلاف ذلك وقرروا أن المسجد الحرام أفضل لانه في بلد حرمه الله يوم خلق السموات والارض وحرمه ابراهيم الخليل عليه السلام ومحمد خاتم المرسلين فاجتمع فيه من الصفات ما ليس في غيره وبسط هذه المسألة موضع آخر وبالله المستعان