فصل في عقده عليه السلام الألفة بين المهاجرين والانصار
 
بالكتاب الذي أمر به فكتب بينهم والمؤاخاة التي أمرهم بها وقوحدهم عليها وموادعته اليهود الذين كانوا بالمدينة
وكان بها من أحياء اليهود بنو قينقاع وبنوالنضير وبنو قريظة وكان نزولهم بالحجاز قبل الانصار أيام بخت نصر حين دوخ بلاد المقدس فيما ذكره الطبري ثم لما كان سيل العرم وتفرقت شذر مذر نزل الاوس والخزرج المدينة عند اليهود فحالفوهم وصاروا يتشبهون بهم لما يرون لهم عليهم من الفضل في العلم المأثور عن الانبياء لكن من الله على هؤلاء الذين كانوا مشركين بالهدى والاسلام وخذل أولئك لحسدهم وبغيهم واستكبارهم عن اتباع الحق
وقال الامام احمد حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة ثنا عاصم الاحول عن أنس بن مالك قال حالف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والانصار في دار أنس بن مالك وقد رواه الامام احمد أيضا والبخاري ومسلم وأبو داود من طرق متعددة عن عاصم بن سليمان الاحول عن أنس بن مالك قال حالف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قريش والانصار في داري وقال الامام احمد حدثنا نصر بن باب عن حجاج هو ابن أرطاة قال وحدثنا سريج ثنا عباد عن حجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب كتابا بين المهاجرين والانصار أن يعقلوا معاقلهم وأن يفدوا عانيهم بالمعروف والاصلاح بين المسلمين قال احمد وحدثنا سريج ثنا عباد عن حجاج عن الحكم عن قاسم عن ابن عباس مثله تفرد به الامام احمد وفي صحيح مسلم عن جابر كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل بطن عقولة وقال محمد ابن اسحاق كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا بين المهاجرين والانصار وادع فيه اليهود وعاهدهم وأقرهم على دينهم وأموالهم واشترط عليهم وشرط لهم بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد النبي الامي بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم أنهم أمة واحدة من دون الناس المهاجرون من قريش على ربعتهم يتعاقلون بينهم وهم يفدون عانيهم بالمعروف والقسط وبنو عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الاولى وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين ثم ذكر كل بطن من بطون الانصار وأهل
كل دار بني ساعدة وبني جشم وبني النجار وبني عمرو بن عوف وبني النبيت إلى أن قال وإن المؤمنين لا يتركون مفرحا بينهم أن يعطوه بالمعروف في فداء وعقل ولا يحالف مؤمن مولى مؤمن دونه وان المؤمنين المتقين على من بغى منهم أو ابتغى دسيسة ظلم أو اثم أو عدوان أو فساد بين المؤمنين وان أيديهم عليه جميعهم ولو كان ولد احدهم ولا يقتل مؤمن مؤمنا في كافر ولا ينصر كافر على مؤمن وان ذمة الله واحدة يجير عليهم أدناهم وإن المؤمنين بعضهم موالي بعض دون الناس وانه من تبعنا من يهود فإن له النصر والاسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم وإن سلم المؤمنين واحدة لا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله إلا على سواء وعدل بينهم وان كل غازية غزت معنا يعقب بعضها بعضا وإن المؤمنين يبىء بعضهم بعضا بما نال دماءهم في سبيل الله وإن المؤمنين المتقين على أحسن هدى وأقومه وانه لا يجير مشرك مالا لقريش ولا نفسا ولا يحول دونه على مؤمن وانه من اغتبط مؤمنا قتلا عن بينة فانه قود به إلى أن يرضى ولي المقتول وان المؤمنين عليه كافة ولا يحل لهم الا قيام عليه وإنه لا يحل لمؤمن أقر بما في هذه الصحيفة وآمن بالله واليوم الآخر أن ينصر محدثنا ولا يؤويه وانه من نصره أو آواه فان عليه لعنة الله وغضبة يوم القيامة ولا يؤخذ منه صرف ولا عدل وانكم مهما اختلفتم فيه من شيء فإن مرده الى الله عز وجل وإلى محمد صلى الله عليه وسلم وان اليهود يتفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين وان يهود بني عوف أمة مع المؤمنين لليهود دينهم وللمسلمين دينهم مواليهم وأنفسهم إلا من ظلم وأثم فانه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته وان ليهود بني النجار وبني الحارث وبني ساعدة وبني جشم وبني الاوس وبني ثعلبة وجفنة وبني الشطنة مثل ما ليهود بني عوف وان بطانة يهود كأنفسهم وانه لا يخرج منهم أحد إلا بإذن محمد ولا ينحجر على ثار جرح وانه من فتك فبنفسه إلا من ظلم وان الله على أثر هذا وان على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة وان بينهم النصح والنصيحة والبر دون الاثم وإنه لم يأثم امرؤ بحليفه وإن النصر للمظلوم وإن يثرب حرام حرفها لاهل هذه الصحيفة وان الجار كالنفس غير مضار ولا آثم وانه لا تجار حرمة إلا بإذن أهلها وانه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده فإن مرده إلى الله وإلى محمد رسول الله وان الله على من اتقى ما في هذه الصحيفة وأبره وانه لا تجار قريش ولا من
نصرها وان بينهم النصر على من دهم يثرب وإذا دعوا إلى صلح يصالحونه ويلبسونه فانهم يصالحونه وانهم إذا دعوا إلى مثل ذلك فانه لهم على المؤمنين إلا من حارب في الدين على كل أناس حصتهم من جانبهم الذي قبلهم وانه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم أو آثم وإنه من خرج آمن ومن قعد آمن بالمدينة إلا من ظلم أو أثم وان الله جار لمن بر واتقى كذا أورده ابن اسحاق بنحوه وقد تكلم عليه أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله في كتاب الغريب وغيره بما يطول