في فريضة شهر رمضان سنة ثنتين قبل وقعة بدر
 
قال ابن جرير وفي هذه السنة فرض صيام شهر رمضان وقد قيل إنه فرض في شعبان منها ثم
حكي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم عنه فقالوا هذا يوم نجى الله فيه موسى فقال نحن أحق بموسى منكم فصامه وأمر الناس بصيامه وهذا الحديث ثابت في الصحيحين عن ابن عباس وقد قال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وإن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من ايام أخر الآية وقد تكلمنا على ذلك في التفسير بما فيه الكفاية من ايراد الاحاديث المتعلقة بذلك والآثار المروية في ذلك والاحكام المستفادة منه ولله الحمد
وقد قال الامام احمد حدثنا أبو النضر حدثنا المسعودي حدثنا عمرو بن مرة عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى عن معاذ بن جبل قال احيلت الصلاة ثلاثة أحوال وأحيل الصيام ثلاثة أحوال فذكر أحوال الصلاة قال وأما أحوال الصيام فان رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فجعل يصوم من كل شهر ثلاثة أيام وصام عاشوراء ثم أن الله فرض عليه الصيام وأنزل يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم إلى قوله وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فكان من شاء صام ومن شاء أطعم مسكينا فاجزأ ذلك عنه ثم إن الله أنزل الآية الاخرى شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن إلى قوله فمن شهد منكم الشهر فليصمه فاثبت صيامه على المقيم الصحيح ورخص فيه للمريض والمسافر وأثبت الا طعام للكبير الذي لا يستطيع الصيام فهذان حولان قال وكانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا فاذا ناموا امتنعوا ثم أن رجلا من الانصار يقال له صرمة كان يعمل صائما حتى أمسى فجاء أهله فصلى العشاء ثم نام فلم يأكل ولم يشرب حتى أصبح فاصبح صائما فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جهد جهدا شديدا فقال مالي أراك قد جهدت جهدا شديدا فاخبره قال وكان عمر قد أصاب من النساء بعد ما نام فاتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فانزل الله أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم إلى قوله ثم أتموا الصيام إلى الليل ورواه أبو داود في سننه والحاكم في مستدركه من حديث المسعودي نحوه وفي الصحيحين من حديث الزهري عن عروة عن عائشة أنها قالت كان عاشوراء يصام فلما نزل رمضان كان من شاء صام ومن شاء أفطر وللبخاري عن ابن عمر وابن مسعود مثله ولتحرير هذا موضع آخر من التفسير ومن الاحكام الكبير وبالله المستعان
قال ابن جرير وفي السنة أمر الناس بزكاة الفطر وقد قيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب
الناس قبل الفطر بيوم أو يومين وأمرهم بذلك قال وفيها صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العيد وخرج بالناس إلى المصلى فكان أول صلاة عيد صلاها وخرجوا بين يديه بالحربة وكانت للزبير وهبها له النجاشي فكانت تحمل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأعياد
قلت وفي هذه السنة فيما ذكره غير واحد من المتأخرين فرضت الزكاة ذات النصب كما سيأتي تفصيل ذلك كله بعد وقعة بدر إن شاء الله تعالى وبه الثقة وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم بسم الله الرحمن الرحيم