بدر العظمى يوم الفرقان يوم التقى الجمعان متابعة
 
قال ابن اسحاق ثم تزاحف الناس ودنا بعضهم من بعض وقال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن لا يحملوا حتى يأمرهم وقال إن اكتنفكم القوم فانضحوهم عنكم بالنبل وفي صحيح البخاري عن أبي أسيد قال قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر إذا أكثبوكم يعني المشركين فارموهم واستبقوا نبلكم وقال البيهقي أخبرنا الحاكم أخبرنا الاصم حدثنا احمد بن عبد الجبار عن يونس ابن بكير عن أبي اسحاق حدثني عبد الله بن الزبير قال جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شعار المهاجرين يوم بدر يا بني عبد الرحمن وشعار الخزرج يا بني عبد الله وشعار الاوس يا بني عبيد الله وسمى خيله خيل الله وقال ابن هشام وكان شعار الصحابة يوم بدر أحد أحد
قال ابن اسحاق ورسول الله صلى الله عليه وسلم في العريش معه أبو بكر رضي الله عنه يعني وهو يستغيث الله عز وجل كما قال تعالى إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بالف من الملائكة مردفين وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم
قال الامام احمد حدثنا أبو نوح قراد ثنا عكرمة بن عمار ثنا سماك الحنفي أبو زميل حدثني ابن عباس حدثني عمر بن الخطاب قال لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اصحابه وهم ثلاثمائة ونيف ونظر إلى المشركين فاذا هم ألف وزيادة فاستقبل النبي صلى الله عليه وسلم القبلة وعليه رداؤه وازاره ثم قال اللهم أنجز لي ما وعدتني اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الاسلام فلا تعبد بعد في الأرض أبدا فما زال يستغيث بربه ويدعوه حتى سقط رداؤه فأتاه أبو بكر فاخذ رداءه فرده ثم التزمه من ورائه ثم قال يا رسول الله كفاك مناشدتك ربك فانه سينجز لك ما وعدك فانزل الله إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بالف من الملائكة مردفين وذكر تمام الحديث كما سيأتي وقد رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن جرير وغيرهم من حديث عكرمة بن عمار اليماني وصححه علي ابن المديني والترمذي وهكذا قال غير واحد عن ابن عباس والسدي وابن جرير وغيرهم أن هذه الآية نزلت في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر وقد ذكر الاموي وغيره أن المسلمين عجوا الى الله عز وجل في الاستغاثة بجنابة والاتعانة به وقوله تعالى بالف من الملائكة مردفين أي ردفا لكم ومددا لفئتكم رواه العوفي عن ابن عباس وقاله مجاهد وابن كثير وعبد الرحمن بن زيد وغيرهم وقال أبو كدينة عن قابوس عن ابن عباس مردفين وراء كل ملك ملك وفي رواية عنه بهذا الاسناد مردفين بعضهم على اثر بعض وكذا قال أبو ظبيان والضحاك وقتادة وقد روى علي بن أبي طلحة الوالبي عن ابن عباس قال وأمد الله نبيه والمؤمنين بالف من الملائكة وكان جبريل في خمسمائة مجنبة وميكائيل في خمسمائة مجنبة وهذا هو المشهور ولكن قال ابن جرير حدثني المثنى حدثنا اسحاق ثنا يعقوب بن محمد الزهري حدثني عبد العزيز بن عمران عن الربعي عن أبي الحويرث عن محمد بن جبير عن علي قال نزل جبريل في الف من الملائكة على ميمنة النبي صلى الله عليه وسلم وفيها أبو بكر ونزل ميكائيل في ألف من الملائكة على ميسرة النبي صلى الله عليه وسلم وأنا في الميسرة ورواه البيهقي في الدلائل من حديث محمد بن جبير عن علي فزاد ونزل اسرافيل في ألف من الملائكة وذكر أنه طعن يومئذ بالحربة حتى أختضبت إبطه من الدماء فذكر أنه نزلت ثلاثة آلاف من الملائكة وهذا غريب وفي اسناده ضعف ولو صح لكان فيه تقوية لما تقدم من الاقوال ويؤيدها قراءة من قرأ بألف من الملائكة مردفين بفتح الدال والله أعلم وقال البيهقي أخبرنا الحاكم أخبرنا الاصم ثنا محمد بن سنان القزاز ثنا عبيد الله بن عبد المجيد أبو علي الحنفي حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب أخبرني اسماعيل بن عوف بن عبد الله بن أبي رافع عن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده قال لما كان يوم بدر قاتلت شيئا من قتال ثم جئت
مسرعا لانظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعل قال فجئت فاذا هو ساجد يقول يا حي يا قيوم يا حي يا قيوم لا يزيد عليها فرجعت إلى القتال ثم جئت وهو ساجد يقول ذلك أيضا فذهبت إلى القتال ثم جئت وهو ساجد يقول ذلك أيضا حتى فتح الله على يده وقد رواه النسائي في اليوم والليلة عن بندار عن عبيد الله بن عبد المجيد أبي علي الحنفي وقال الاعمش عن أبي اسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود قال ما سمعت مناشدا ينشد أشد من مناشدة محمد صلى الله عليه وسلم يوم بدر جعل يقول اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد ثم التفت وكأن شق وجهه القمر وقال كأني أنظر إلى مصارع القوم عشية رواه النسائي من حديث الاعمش به وقال لما التقينا يوم بدر قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رأيت مناشدا ينشد حقا له أشد مناشدة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكره وقد ثبت إخباره عليه السلام بمواضع مصارع رؤس المشركين يوم بدر في صحيح مسلم عن أنس بن مالك كما تقدم وسيأتي في صحيح مسلم أيضا عن عمر بن الخطاب ومقتضى حديث ابن مسعود أنه أخبر بذلك يوم الوقعة وهو مناسب وفي الحديثين الآخرين عن أنس وعمر ما يدل على أنه أخبر بذلك قبل ذلك بيوم ولا مانع من الجمع بين ذلك بأن يخبر به قبل بيوم وأكثر وان يخبر به قبل ذلك بساعة يوم الوقعة والله أعلم وقد روى البخاري من طرق عن خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو في قبة له يوم بدر اللهم أنشدك عهدك ووعدك اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم أبدا فاخذ أبو بكر بيده وقال حسبك يا رسول الله الححت على ربك فخرج وهو يثب في الدرع وهو يقول سيهزم الجمع ويولون الدبر بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر وهذه الآية مكية وقد جاء تصديقها يوم بدر كما رواه ابن أبي حاتم حدثنا أبي ثنا أبو الربيع الزهراني ثنا حماد عن أيوب عن عكرمة قال لما نزلت سيهزم الجمع ويولون الدب ر قال عمر أي جمع يهزم وأي جمع يغلب قال عمر فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يثب في الدرع وهو يقول سيهزم الجمع ويولون الدبر بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر فعرفت تأويلها يومئذ وروى البخاري من طريق ابن جريج عن يوسف بن ماهان سمع عائشة تقول نزل على محمد بمكة وإني لجارية العب بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر
قال ابن اسحاق وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يناشد ربه ما وعده من النصر ويقول فيما يقول اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد وأبو بكر يقول يا نبي الله بعض مناشدتك ربك فان الله منجز لك ما وعدك وقد خفق النبي صلى الله عليه وسلم خفقه وهو في العريش ثم انتبه فقال أبشر يا أبا بكر أتاك نصر الله هذا جبريل آخذ بعنان فرسه يقوده على ثناياه النقع يعني الغبار قال ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس فحرضهم وقال والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل
صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر إلا أدخله الله الجنة قال عمير بن الحمام أخو بني سلمة وفي يده تمرات يأكلهن بخ بخ أفما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء قال ثم قذف التمرات من يده وأخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل رحمه الله
وقال الامام احمد حدثنا هاشم بن سليمان عن ثابت عن أنس قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبسا عينا ينظر ما صنعت عير أبي سفيان فجاء وما في البيت أحد غيري وغير النبي صلى الله عليه وسلم قال لا أدري ما استثنى من بعض نسائه قال فحدثه الحديث قال فخرج رسول الله فتكلم فقال إن لنا طلبة فمن كان ظهره حاضر فليركب معنا فجعل رجال يستأذنونه في ظهورهم في علو المدينة قال لا إلا من كان ظهره حاضرا وانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدر وجاء المشركون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتقدم ن أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه فدنا المشركون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قوموا إلى جنة عرضها السموات والارض قال يقول عمير بن الحمام الانصاري يا رسول الله جنة عرضها السموات والارض قال نعم قال بخ بخ فقال رسول الله ما يحملك على قول بخ بخ قال لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها قال فانك من أهلها قال فأخرج تمرات من قرنه فجعل يأكل منهن ثم قال لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها حياة طويلة قال فرمى ما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قتل رحمه الله ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وجماعة عن أبي النضر هاشم بن القاسم عن سليمان بن المغيرة به وقد ذكر ابن جرير أن عميرا قاتل وهو يقول رضي الله عنه
ركضا إلى الله بغير زاد * إلا التقى وعمل المعاد
والصبر في الله على الجهاد * وكل زاد عرضة النفاد
غير التقى والبر والرشاد
وقال الامام احمد حدثنا حجاج حدثنا اسرائيل عن أبي اسحاق عن حارثة بن مضرب عن علي قال لما قدمنا المدينة اصبنا من ثمارها فاجتويناها وأصابنا بها وعك وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحيز عن بدر فلما بلغنا أن المشركين قد أقبلوا سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر وبدر بئر فسبقنا المشركين اليها فوجدنا فيها رجلين رجلا من قريش ومولى لعقبة بن أبي معيط فأما القرشي فانفلت وأما المولى فوجدناه فجعلنا نقول له كم القوم فيقول هم والله كثير عددهم شديد بأسهم فجعل المسلمون إذا قال ذلك ضربوه حتى انتهوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له كم القوم قال هم والله كثير عددهم شديد بأسهم فجهد النبي صلى الله عليه وسلم أن يخبره كم هم فابى ثم أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله كم ينحرون من الجزر فقال عشرا كل يوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم القوم الف كل جزور لمائة وتبعها ثم إنه أصابنا من
الليل طش من مطر فانطلقنا تحت الشجر والحجف نستظل تحتها من المطر وبات رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ربه ويقول اللهم إنك إن تهلك هذه الفئة لا تعبد فلما طلع الفجر نادى الصلاة عباد الله فجاء الناس من تحت الشجر والحجف فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرض على القتال ثم قال إن جمع قريش تحت هذه الضلع الحمراء من الجبل فلما دنا القوم منا وصاففناهم إذا رجل منهم على جمل له أحمر يسير في القوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا علي ناد حمزة وكان أقربهم من المشركين من صاحب الجمل الاحمر فجاء حمزة فقال هو عتبة بن ربيعة وهو ينهى عن القتال ويقول لهم يا قوم أعصبوها برأسي وقولوا جبن عتبة بن ربيعة وقد علمتم أني لست بأجبنكم فسمع بذلك أبو جهل فقال أنت تقول ذلك والله لو غيرك يقوله لاعضضته قد ملأت رئتك جوفك رعبا فقال إياي تعير يا مصفر استه سيعلم اليوم أينا الجبان فبرز عتبة وأخوه شيبة وابنه الوليد حمية فقالوا من يبارز فخرج فتية من الانصار مشببة فقال عتبة لا نريد هؤلاء ولكن نبارز من بني عمنا من بني عبد المطلب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قم يا حمزة وقم يا علي وقم يا عبيدة بن الحارث بن المطلب فقتل الله عتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة وجرح عبيدة فقتلنا منهم سبعين وأسرنا سبعين وجاء رجل من الانصار بالعباس بن عبد المطلب أسيرا فقال العباس يا رسول الله والله إن هذا ما أسرني لقد أسرني رجل أجلح من أحسن الناس وجها على فرس أبلق ما أراه في القوم فقال الانصاري أنا أسرته يا رسول الله فقال اسكت فقد أيدك الله بملك كريم قال فاسرنا من بني عبد المطلب العباس وعقيلا ونوفل بن الحارث هذا سياق حسن وفيه شواهد لما تقدم ولما سيأتي وقد تفرد بطوله الامام احمد وروى أبو داود بعضه من حديث اسرائيل به ولما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من العريش وحرض الناس على القتال والناس على مصافهم صابرين ذاكرين الله كثيرا كما قال الله تعالى آمرا لهم يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا الآية
وقال الاموي حدثنا معاوية بن عمرو عن أبي اسحاق قال قال الاوزاعي كان يقال قلما ثبت قوم قياما فمن استطاع عند ذلك أن يجلس أو يغض طرفه ويذكر الله رجوت أن يسلم من الرياء وقال عتبة بن ربيعة يوم بدر لاصحابه ألا ترونهم يعني أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جثيا على الركب كأنهم حرس يتلمظون كما ثثلمظ الحيات أو قال الافاعي قال الاموي في مغازيه وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حين حرض المسلمين على القتال قد نفل كل امرئ ما أصاب وقال والذي نفسي بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر إلا أدخله الله الجنة وذكر قصة عمير بن الحمام كما تقدم وقد قاتل بنفسه الكريمة قتالا شديدا ببدنه وكذلك أبو بكر الصديق كما كانا في العريش يجاهدان بالدعاء والتضرع ثم نزلا فحرضا وحثا على القتال وقاتلا بالابدان جمعا
بين المقامين الشريفين قال الامام احمد حدثنا وكيع حدثنا اسرائيل عن أبي اسحاق عن حارثة ابن مضرب عن علي قال لقد رأيتنا يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أقربنا من العدو وكان من أشد الناس يومئذ بأسا ورواه النسائي من حديث أبي اسحاق عن حارثة عن علي قال كنا إذا حمي البأس ولقي القوم اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الامام احمد حدثنا أبو نعيم حدثنا مسعر عن أبي عون عن أبي صالح الحنفي عن علي قال قيل لعلي ولابي بكر رضي الله عنهما يوم بدر مع أحدكما جبريل ومع الآخر ميكائيل واسرافيل ملك عظيم يشهد القتال ولا يقاتل أو يشهد الصف وهذا يشبه ما تقدم من الحديث أن أبا بكر كان في الميمنة ولما تنزل الملائكة يوم بدر تنزيلا كان جبريل على أحد المجنبتين في خمسمائة من الملائكة فكان في الميمنة من ناحية أبي بكر الصديق وكان ميكائيل على المجنبة الاخرى في خمسمائة من الملائكة فوقفوا في الميسرة وكان علي بن أبي طالب فيها وفي حديث رواه أبو بعلى من طريق محمد بن جبير بن مطعم عن علي قال كنت أسبح على القليب يوم بدر فجاءت ريح شديدة ثم أخرى ثم أخرى فنزل ميكائيل في الف من الملائكة فوقف على يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وهناك أبو بكر واسرافيل في الف في الميسرة وأنا فيها وجبريل في الف قال ولقد طفت يومئذ حتى بلغ إبطي وقد ذكر صاحب العقد وغيره أن أفخر بيت قالته العرب قول حسان بن ثابت
وببئر بدر إذ يكف مطيهم * جبريل تحت لوائنا ومحمد
وقد قال البخاري حدثنا اسحاق بن ابراهيم حدثنا جرير عن يحيى بن سعيد عن معاذ بن رفاعة ابن رافع الزرقي عن أبيه وكان أبوه من أهل بدر قال جاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما تعدون أهل بدر فيكم قال من أفضل المسلمين أو كلمة نحوها قال وكذلك من شهد بدرا من الملائكة انفرد به البخاري وقد قال الله تعالى إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الاعناق يعني الرؤس واضربوا منهم كل بنان وفي صحيح مسلم من طريق عكرمة بن عمار عن أبي زميل حدثني ابن عباس قال بينما رجل من المسلمين يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربة بالسوط فوقه وصوت الفارس أقدم حيزوم إذ نظر إلى المشرك أمامه قد خر مستلقيا فنظر اليه فاذا هو خطم وشق وجهه بضربة السوط وحضر ذلك أجمع فجاء الانصاري فحدث ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صدقت ذلك من مدد السماء الثالثة فقتلوا يومئذ سبعين وأسروا سبعين
قال ابن اسحاق حدثني عبد الله بن ابي بكر بن حزم عمن حدثه عن ابن عباس عن رجل من
بني غفار قال حضرت أنا وابن عم لي بدرا ونحن على شركنا وإنا لفي جبل ننتظر الوقعة على من تكون الدائرة فأقبلت سحابة فلما دنت من الجبل سمعنا منها حمحمة الخيل وسمعنا قائلا يقول أقدم حيزوم فأما صاحبي فانكشف قناع قلبه فمات مكانه وأما أنا لكدت أن أهلك ثم انتعشت بعد ذلك وقال ابن اسحاق وحدثني عبد الله بن ابي بكر عن بعض بني ساعدة عن أبي أسيد مالك بن ربيعة وكان شهد بدرا قال بعد أن ذهب بصره لو كنت اليوم ببدر ومعي بصري لأريتكم الشعب الذي خرجت منه الملائكة لا أشك فيه ولا أتمارى فلما نزلت الملائكة ورآها ابليس وأوحى الله اليهم أني معكم فثبتوا الذين آمنوا وتثبتهم أن الملائكة كانت تأتي الرجل في صورة الرجل يعرفه فيقول له أبشروا فانهم ليسوا بشيء والله معكم كروا عليهم
وقال الواقدي حدثني ابن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال كان الملك يتصور في صورة من يعرفون فيقول إني قد دنوت منهم وسمعتهم يقولون لو حملوا علينا ما ثبتنا ليسوا بشيء إلى غير ذلك من القول فذلك قوله إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا الآية ولما رأى ابليس الملائكة نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى مالا ترون وهو في صورة سراقة وأقبل أبو جهل يحرض أصحابه ويقول لا يهولنكم خذلان سراقة إياكم فانه كان على موعد من محمد وأصحابه ثم قال واللات والعزى لا نرجع حتى نفرق محمدا وأصحابه في الجبال فلا تقتلوهم وخذوهم أخذا وروى البيهقي من طريق سلامة عن عقيل عن ابن شهاب عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال قال أبو أسيد بعد ما ذهب بصره يا ابن أخي والله لو كنت أنا وأنت ببدر ثم أطلق الله بصري لأريتك الشعب الذي خرجت علينا منه الملائكة من غير شك ولا تمار وروى البخاري عن ابراهيم بن موسى عن عبد الوهاب عن خالد عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر هذا جبريل آخذ برأس فرسه وعليه اداة الحرب
وقال الواقدي حدثنا ابن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس وأخبرني موسى بن محمد بن ابراهيم التيمي عن أبيه وحدثني عابد بن يحيى عن أبي الحويرث عن عمارة بن أكيمة الليثي عن عكرمة عن حكيم بن حزام قالوا لما حضر القتال ورسول الله صلى الله عليه وسلم رافع يديه يسأل الله النصر وما وعده يقول اللهم إن ظهروا على هذه العصابة ظهر الشرك ولا يقوم لك دين وأبو بكر يقول والله لينصرنك الله وليبيضن وجهك فانزل الله الفا من الملائكة مردفين عند اكتناف العدو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبشر يا أبا بكر هذا جبريل معتجر بعمامة صفراء آخذ بعنان فرسه بين السماء والارض فلما نزل الى الارض تغيب ساعة ثم طلع وعلى ثناياه النقع يقول أتاك نصر الله إذ دعوته وروى البيهقي عن أبي أمامة بن سهل عن أبيه قال يا بني لقد رأيتنا يوم
بدر وأن أحدنا ليشير إلى رأس مشرك فيقع رأسه عن جسده قبل أن يصل اليه السيف
وقال ابن اسحاق حدثني والدي حدثني رجال من بني مازن عن أبي واقد الليثي قال إني لأتبع رجلا من المشركين لاضربه فوقع رأسه قبل أن يصل اليه سيفي فعرفت أن غيري قد قتله وقال يونس بن بكير عن عيسى بن عبد الله التيمي عن الربيع بن أنس قال كان الناس يعرفون قتلى الملائكة ممن قتلوهم بضرب فوتة الاعناق وعلى البنان مثل سمة النار وقد احرق به
وقال ابن اسحاق حدثني من لا أتهم عن مقسم عن ابن عباس قال كانت سيماء الملائكة يوم بدر عمائم بيض قد ارخوها على ظهورهم الا جبريل فانه كانت عليه عمامة صفراء وقد قال ابن عباس لم تقاتل الملائكة في يوم سوى يوم بدر من الايام وكانوا يكونون فيما سواه من الايام عددا ومددا لا يضربون وقال الواقدي حدثني عبد الله بن موسى بن ابي أمية عن مصعب بن عبد الله عن مولى لسهيل بن عمرو سمعت سهيل بن عمرو يقول لقد رأيت يوم بدر رجالا بيضا على خيل بلق بين السماء والارض معلمين يقتلون وياسرون وكان أبو اسيد يحدث بعد أن ذهب بصره قال لو كنت معكم الآن ببدر ومعي بصري لأريتكم الشعب الذي خرجت منه الملائكة لا أشك ولا أمتري قال وحدثني خارجة بن ابراهيم عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل من القائل يوم بدر من الملائكة أقدم حيزوم فقال جبريل يا محمد ما كل أهل السماء أعرف
قلت وهذا الاثر مرسل وهو يرد قول من زعم أن حيزوم اسم فرس جبريل كما قاله السهيلي وغيره والله أعلم وقال الواقدي حدثني اسحاق بن يحيى عن حمزة بن صهيب عن أبيه قال فما أدري كم يد مقطوعة وضربة جائفة لم يدم كلمها قد رأيتها يوم بدر وحدثني محمد بن يحيى عن أبي عقيل عن أبي بردة بن نيار قال جئت يوم بدر بثلاثة ارؤس فوضعتهن بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت أما رأسان فقتلتهما وأما الثالث فاني رأيت رجلا طويلا قتله فاخذت رأسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاك فلان من الملائكة وحدثني موسى بن محمد بن ابراهيم عن أبيه قال كان السائب بن ابي حبيش يحدث في زمن عمر يقول والله ما أسرني أحد من الناس فيقال فمن يقول لما انهزمت قريش انهزمت معها فادركني رجل اشعر طويل على فرس أبيض فاوثقني رباطا وجاء عبد الرحمن بن عوف فوجدني مربوطا فنادى في العسكر من أسر هذا حتى انتهى بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال من أسرك قلت لا أعرفه وكرهت أن أخبره بالذي رأيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرك ملك من الملائكة اذهب ياابن عوف باسيرك وقال الواقدي حدثني عابد بن يحيى حدثنا أبو الحويرث عن عمارة بن اكيمة عن حكيم بن حزام قال لقد رأيتنا يوم بدر وقد وقع بجاد من السماء قد سد الافق فاذا الوادي يسيل نهلا فوقع في نفسي أن هذا شيء من السماء أيد به محمد فما كانت إلا الهزيمة ولقي الملائكة
وقال اسحاق بن راهويه حدثنا وهب بن جرير بن حازم حدثني أبي عن محمد بن اسحاق حدثني أبي عن جبير بن مطعم قال رأيت قبل هزيمة القوم والناس يقتتلون مثل البجاد الاسود قد نزل من السماء مثل النمل الاسود فلم اشك أنها الملائكة فلم يكن إلا هزيمة القوم ولما تنزلت الملائكة للنصر ورآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أغفى إغفاءة ثم استيقظ وبشر بذلك أبا بكر وقال أبشر يا أبا بكر هذا جبريل يقود فرسه على ثناياه النقع يعني من المعركة ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من العريش في الدرع فجعل يحرض على القتال ويبشر الناس بالجنة ويشجعهم بنزول الملائكة والناس بعد على مصافهم لم يحملوا على عدوهم حصل لهم السكينة والطمأنينة وقد حصل النعاس الذي هو دليل على الطمأنينة والثبات والايمان كما قال إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وهذا كما حصل لهم بعد ذلك يوم أحد بنص القرآن ولهذا قال ابن مسعود النعاس في المصاف من الايمان والنعاس في الصلاة من النفاق وقال الله تعالى إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خير لكم وإن تعودوا نعد ولن تغني عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت وإن الله مع المؤمنين قال الامام احمد حدثنا يزيد ابن هارون ثنا محمد بن اسحاق حدثني الزهري عن عبد الله بن ثعلبة أن أبا جهل قال حين التقى القوم اللهم أقطعنا للرحم وآتانا بما لا نعرف فأحنه الغداة فكان هو المستفتح وكذا ذكره ابن اسحاق في السيرة ورواه النسائي من طريق صالح بن كيسان عن الزهري ورواه الحاكم من حديث الزهري أيضا ثم قال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه
وقال الاموي حدثنا أسباط بن محمد القرشي عن عطية عن مطرف في قوله إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح قال قال أبو جهل اللهم أعن أعز الفئتين وأكرم القبيلتين وأكثر الفريقين فنزلت إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وقال علي بن ابي طلحة عن ابن عباس في قوله وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم قال أقبلت عير أهل مكة تريد الشام فبلغ ذلك اهل المدينة فخرجوا ومعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدون العير فبلغ ذلك أهل مكة فاسرعوا اليها لكيلا يغلب عليها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فسبقت العير رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الله قد وعدهم احدى الطائفتين وكانوا يحبون أن يلقوا العير وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسلمين يريد القوم وكره القوم مسيرهم لشوكة القوم فنزل النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون وبينهم وبين الماء رملة دعصة فاصاب المسلمون ضعف شديد وألقى الشيطان في قلوبهم الغيظ يوسوسهم تزعمون أنكم أولياء الله وفيكم رسوله وقد غلبكم المشركون على الماء وأنتم كذا فأمطر الله عليهم مطرا شديدا فشرب المسلمون وتطهروا فاذهب الله عنهم رجز الشيطان فصار الرمل لبدا ومشى الناس عليه والدواب فساروا إلى القوم وأيد الله نبيه والمؤمنين بالف من
الملائكة فكان جبريل في خمسمائة من الملائكة مجنبة وميكائيل في خمسمائة من الملائكة مجنبة وجاء ابليس في جند الشياطين ومعه ذريته وهم في صورة رجال من بني مدلج والشيطان في صورة سراقة بن جعشم وقال الشيطان للمشركين لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما اصطف الناس قال أبو جهل اللهم أولانا بالحق فانصره ورفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه فقال يا رب إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض أبدا فقال له جبريل خذ قبضة من التراب فأخذ قبضة من التراب فرمى بها وجوههم فما المشركين من أحد إلا وأصاب عينيه ومنخريه وفمه تراب من تلك القبضة فولوا مدبرين وأقبل جبريل إلى إبليس فلما رآه وكانت يده في يد رجل من المشركين يده ثم ولى مدبرا وشيعته فقال الرجل يا سراقة أما زعمت أنك لنا جار قال إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب وذلك حين رأى الملائكة رواه البيهقي في الدلائل