فصل ( نعي رسول الله لحمنة بنت جحش أخيها وخالها وزوجها يوم أحد ) .
 
قال ابن اسحاق ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم الى المدينة فلقيته حمنة بنت جحش كما ذكر لي فلما لقيت الناس نعى اليها أخوها عبد الله بن جحش فاسترجعت واستغفرت له ثم نعى لها خالها حمزة بن عبد المطلب فاسترجعت واستغفرت له ثم نعى لها زوجها مصعب بن عمير فصاحت وولولت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان زوج المرأة منها لبمكان لما رأى من تثبتها عند أخيها وخالها وصياحها على زوجها وقد قال ابن ماجه حدثنا محمد بن يحيى حدثنا اسحاق بن محمد الفروي حدثنا عبد الله بن عمر عن ابراهيم بن محمد بن عبد الله بن جحش عن أبيه عن حمنة بنت جحش انه قيل لها قتل أخوك فقالت رحمه الله وانا لله وانا اليه راجعون فقالوا قتل زوجك قالت واحزناه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان للزوج من المرأة لشعبة ما هي لشيء قال ابن اسحاق وحدثني عبد الواحد بن أبي عون عن اسماعيل عن محمد عن سعد بن أبي وقاص قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة من بني دينار وقد أصيب زوجها وأخوها وأبوها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأحد فلما نعوا لها قالت ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا خيرا يا أم فلان هو بحمد الله كما تحبين قالت أرونيه حتى أنظر اليه قال فأشير لها اليه حتى اذا رأته قالت كل مصيبة بعدك جلل قال ابن هشام الجلل يكون من القليل والكثير وهو ههنا القليل قال امرؤ القيس
لقتل بني أسد ربهم * ألا
كل شيء خلاه جلل
أي صغير وقليل قال ابن اسحاق فلما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الى أهله ناول سيفه ابنته فاطمة فقال اغسلي عن هذا دمه يا بنيه فوالله لقد صدقني في هذا اليوم وناولها علي بن أبي طالب سيفه فقال وهذا فاغسلي عنه دمه فوالله لقد صدقني اليوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لئن كنت صدقت القتال لقد صدقه معك سهل بن حنيف وأبو دجانة وقال موسى بن عقبة في موضع آخر ولما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم سيف علي مخضبا بالدماء قال لئن كنت أحسنت القتال فقد أحسن عاصم بن ثابت بن أبي الاقلح والحارث بن الصمة وسهل بن حنيف وروى البيهقي عن سفيان ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس قال جاء علي بن أبي طالب بسيفه يوم أحد قد انحنى فقال لفاطمة هاك السيف حميدا فانها قد شفتني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لئن كنت أجدت الضرب بسيفك لقد أجاده سهل بن حنيف وأبو دجانة وعاصم بن ثابت والحارث ابن الصمة قال ابن هشام وسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا هو ذو الفقار قال وحدثني بعض أهل العلم عن ابن أبي نجيح قال نادى مناد يوم أحد لا سيف الا ذو الفقار قال وحدثني بعض أهل العلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي لا يصيب المشركون منا مثلها حتى يفتح علينا قال ابن اسحاق ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم بدار بني عبد الاشهل فسمع البكاء والنوائح على قتلاهم فذرفت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال لكن حمزة لا بواكي له فلما رجع سعد بن معاذ وأسيد بن الحضير الى دار بني عبد الاشهل أمرا نساءهن أن يتحزمن ثم يذهبن فيبكين على عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثني حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف عن بعض رجال بني عبد الاشهل قال لما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بكاءهن على حمزة خرج عليهن وهن في باب المسجد يبكين فقال ارجعن يرحمكن الله فقد آسيتن بأنفسكن قال ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ عن النوح فيما قال ابن هشام وهذا الذي ذكره منقطع ومنه مرسل وقد اسنده الامام احمد فقال حدثنا زيد بن الحباب حدثني اسامة بن
زيد حدثني نافع عن ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع من أحد فجعل نساء الانصار يبكين على من قتل من أزواجهن قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن حمزة لا بواكي له قال ثم نام فاستنبه وهن يبكين قال فهن اليوم اذا يبكين يندبن حمزة وهذا على شرط مسلم وقد رواه ابن ماجه عن هارون بن سعيد عن ابن وهب عن أسامة بن زيد الليثي عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بنساء بنى عبد الأشهل يبكين هلكاهن يوم احد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن حمزة لا بواكي له فجاء نساء الانصار يبكين حمزة فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ويحهن ما انقلبن بعد مرورهن فلينقلبن ولا يبكين على هالك بعد اليوم وقال موسى بن عقبة ولما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم أزقة المدينة اذا النوح والبكاء في الدور قال ما هذا قالوا هذه نساء الانصار يبكين قتلاهم فقال لكن حمزة لا بواكي له واستغفر له فسمع ذلك سعد بن معاذ بن عبادة ومعاذ بن جبل وعبد الله بن رواحة فمشوا الى دورهم فجمعوا كل نائحة باكية كانت بالمدينة فقالوا والله لاتبكين قتلى الانصار حتى تبكين عم النبي صلى الله عليه وسلم فإنه قد ذكر أنه لا بواكي له بالمدينة وزعموا ان الذي جاء بالنوائح عبد الله بن رواحة فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما هذا فأخبر بما فعلت الانصار بنسائهم فاستغفر لهم وقال لهم خيرا وقال ما هذا أردت وما أحب البكاء ونهى عنه وهكذا ذكر ابن لهيعة عن أبي الاسود عن عروة بن الزبير سواء قال موسى بن عقبة وأخذ المنافقون عند بكاء المسلمين في المكر والتفريق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحزين المسلمين وظهر غش اليهود وفارت المدينة بالنفاق فور المرجل وقالت اليهود لو كان نبيا ما ظهروا عليه ولا أصيب منه ما أصيب ولكنه طالب ملك تكون له الدولة وعليه وقال المنافقون مثل قولهم وقالوا للمسلمين لو كنتم أطعتمونا ما اصابكم الذين أصابوا منكم فأنزل الله القرآن في طاعة من اطاع ونفاق من نافق وتعزية المسلمين يعني فيمن قتل منهم فقال واذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم الآيات كلها كما تكلمنا على ذلك في التفسير ولله الحمد والمنة