قصة عمرو بن العاص مع النجاشي
 

قال محمد بن اسحاق بعد مقتل أبي رافع وحدثني يزيد بن أبي حبيب عن راشد مولى حبيب بن اوس الثقفي عن حبيب بن اوس حدثني عمرو بن العاص من فيه قال لما انصرفنا يوم الاحزاب عن الخندق جمعت رجالا من قريش كانوا يرون رأيي ويسمعون مني فقلت لهم تعلمون والله أني ارى أمر محمد يعلو الامور علوا منكرا واني لقد رأيت أمرا فما ترون فيه قالوا وما رأيت قال رأيت أن نلحق بالنجاشي فنكون عنده فان ظهر محمد على قومنا كنا عند النجاشي فانا ان نكن تحت يديه أحب الينا من أن نكون تحت يدي محمد وان ظهر قومنا فنحن من قد عرفوا فلن يأتينا منهم إلا خير قالوا ان هذا لرأي قلت فاجمعوا لنا ما نهدي له فكان أحب ما يهدى اليه من أرضنا الادم فجمعنا له أدما كثيرا ثم خرجنا حتى قدمنا عليه فوالله انا لعنده إذ جاءه عمرو بن
أمية الضمري وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعثه اليه في شأن جعفر وأصحابه قال فدخل عليه ثم خرج من عنده قال فقلت لاصحابي هذا عمرو بن أمية لو قد دخلت على النجاشي فسألته إياه فأعطانيه فضربت عنقه فاذا فعلت رأت قريش أني قد أجزأت عنها حين قتلت رسول محمد قال فدخلت عليه فسجدت له كما كنت أصنع فقال مرحبا بصديقي هل أهديت لي من بلادك شيئا قال قلت نعم أيها الملك قد أهديت لك أدما كثيرا قال ثم قربته اليه فأعجبه واشتهاه ثم قلت له أيها الملك أني قد رأيت رجلا خرج من عندك وهو رسول رجل عدو لنا فأعطنيه لاقتله فإنه قد أصاب من أشرافنا وخيارنا قال فغضب ثم مد يده فضرب بها أنفه ضربة ظننت أنه قد كسره فلو انشقت الارض لدخلت فيها فرقا ثم قلت أيها الملك والله لو ظننت أنك تكره هذا ما سألتكه قال أتسألني أن أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الاكبر الذي كان يأتي موسى فتقتله قال قلت أيها الملك أكذاك هو قال ويحك يا عمرو أطعني واتبعه فانه والله لعلى الحق وليظهرن على من خالفه كما ظهر موسى بن عمران على فرعون وجنوده قال قلت أفتبايعني له على الاسلام قال نعم فبسط يده فبايعته على الاسلام ثم خرجت الى أصحابي وقد حال رأيي عما كان عليه وكتمت أصحابي اسلامي ثم خرجت على عامدا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأسلم فلقيت خالد بن الوليد وذلك قبيل الفتح وهو مقبل من مكة فقلت أين أبا سليمان فقال والله لقد استقام الميسم وانا الرجل لنبي أذهب والله أسلم فحتى متى قال قلت والله ما جئت الا لاسلم قال فقدمنا المدينة على النبي صلى الله عليه وسلم فتقدم خال بن الوليد فأسلم وبايع ثم دنوت فقلت يا رسول الله اني أبايعك على أن تغفر لي ما تقدم من ذنبي ولا أذكر ما تأخر قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عمرو بايع فان الاسلام يجب ما كان قبله وان الهجرة تجب ما كان قبلها قال فبايعته ثم انصرفت قال ابن اسحاق وقد حدثني من لا أتهم ان عثمان بن طلحة بن أبي طلحة كان معهما أسلم حين أسلما فقال عبد الله بن أبي الزبعري السهمي
أنشد عثمان بن طلحة خلفنا * وملقى نعال القوم عند المقبل
وما عقد الآباء من كل حلقة * وما خالد من مثلها بمحلل
أمفتاح بيت غير بيتك تبتغي * وما تبتغي من بيت مجد مؤثل
فلا تأمنن خالدا بعد هذه * وعثمان جاءا بالدهيم المعضل
قلت كان اسلامهم بعد الحديبية وذلك ان خالد بن الوليد كان يومئذ في خيل المشركين كما سيأتي بيانه فكان ذكر هذا الفصل في اسلامهم بعد ذلك أنسب ولكن ذكرنا ذلك تبعا للامام محمد بن اسحاق رحمه الله تعالى لأن أول ذهاب عمرو بن العاص الى النجاشي كان بعد وقعة الخندق الظاهر انه ذهب بقية سنة خمس والله أعلم