سياق البخاري لعمرة الحديبية
 

قال في كتاب المغازي حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا سفيان سمعت الزهري حين حدث هذا الحديث حفظت بعضه وثبتني معمر عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم يزيد أحدهما على صاحبه قالا خرج النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه فلما أتى ذا الحليفة قلد الهدي وأشعره وأحرم منها بعمرة وبعث عينا له من خزاعة وسار النبي صلى الله عليه وسلم حتى اذا كان بغدير الاشطاط أتاه عينه قال إن قريشا قد جمعوا لك جموعا وقد جمعوا لك الاحابيش وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت ومانعوك فقال أشيروا أيها الناس علي أترون أن أميل الى عيالهم وذراري هؤلاء الذين يريدون ان يصدونا عن البيت فان يأتونا كان الله قد قطع عينا من المشركين وإلا تركنا لهم محروبين قال أبو بكر يا رسول الله خرجت عامدا لهذا البيت لا تريد قتل أحد ولا حرب أحد فتوجه له فمن صدنا عنه قاتلناه قال امضوا على اسم الله هكذا رواه ها هنا ووقف ولم يزد شيئا على هذا
وقال في كتاب الشهادات حدثني عبد الله بن محمد حدثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر أخبرني الزهري أخبرني عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم يصدق كل واحد منهما حديث صاحبه قالا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية حتى اذا كانوا ببعض الطريق قال النبي صلى الله عليه وسلم إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة فخذوا ذات اليمين فوالله ما شعر بهم خالد حتى اذا هم بقترة الجيش فانطلق يركض نذيرا لقريش وسار النبي صلى الله عليه وسلم حتى اذا كان بالثنية التي هبط عليهم منها بركت به راحلته فقال الناس حل حل فألحت فقالوا خلأت القصواء خلأت القصواء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل ثم قال والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها ثم زجرها فوثبت فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء يتبرضه تبرضا فلم يلبثه الناس
حتى نزحوه وشكى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم العطش فانتزع سهما من كنانته ثم أمرهم أن يجعلوه فيه فوالله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه فبينما هم كذلك إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه من خزاعة وكانوا عيبة نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل تهامة فقال إني تركت كعب ابن لؤي وعامر بن لؤي نزلوا اعداد مياه الحديبية معهم العوذ المطافيل وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت فقال النبي صلى الله عليه وسلم انا لم نجيء لقتال أحد ولكن جئنا معتمرين وان قريشا قد نهكتهم الحرب وأضرت بهم فان شاءوا ماددتهم مدة ويخلوا بيني وبين الناس فان أظهر فان شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا والا فقد جموا وان هم أبوا فوالذي نفسي بيده لاقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي ولينفذن أمر الله قال بديل سأبلغهم ما تقول فانطلق حتى أتى قريشا فقال انا قد جئناكم من عند هذا الرجل وسمعناه يقول قولا فان شئتم أن نعرضه عليكم فعلنا فقال سفهاؤهم لا حاجة لنا أن تخبرنا عنه بشيء وقال ذوو الرأي منهم هات ما سمعته يقول قال سمعته يقول كذا وكذا فحدثهم بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام عروة بن مسعود فقال أي قوم ألست بالوالد قالوا بلى قال أولستم بالولد قالوا بلى قال فهل تتهمونى قالوا لا قال ألستم تعلمون اني استنفرت أهل عكاظ فلما بلحوا علي جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني قالوا بلى قال فإن هذا قد عرض لكم خطة رشد فاقبلوها ودعوني آتيه فقالوا ائته فأتاه فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم نحوا من قوله لبديل فقال عروة عند ذلك أي محمد أرأيت ان استأصلت أمر قومك هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك وان تكن الاخرى فاني والله لا أرى وجوها واني لأرى أشوابا من الناس خليقا أن يفروا ويدعوك فقال له أبو بكر أمصص بظر اللات أنحن نفر عنه وندعه قال من ذا قالوا أبو بكر قال أما والذي نفسي بيده لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لاجبتك قال وجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم فكلما تكلم أخذ بلحيته والمغيرة بن شعبة قائم على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه السيف وعليه المغفر فكلما أهوى عروة بيده الى لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب يده بنعل السيف وقال له أخر يدك عن لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع عروة رأسه فقال من هذا قالوا المغيرة بن شعبة فقال أي غدر ألست أسعى في غدرتك وكان المغيرة بن شعبة صحب قوما في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم ثم جاء فأسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما الأسلام فأقبل وأما المال فلست منه في شيء ثم ان عروة جعل يرمق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعينيه قال فوالله ما تنخم رسول الله صلى الله عليه وسلم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده واذا أمرهم ابتدروا أمره واذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه واذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده وما يحدون اليه النظر تعظيما له فرجع عروة الى أصحابه فقال أي قوم والله لقد وفدت على الملوك وفدت على قيصر
وكسرى والنجاشي والله إن رأيت ملكا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدا والله إن تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده واذا أمرهم ابتدروا أمره واذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه واذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده وما يحدون النظر اليه تعظيما له وانه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها فقال رجل من بني كنانة دعوني آتيه فقالوا ائته فلما أشرف على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا فلان وهو من قوم يعظمون البدن فابعثوها له فبعثت له واستقبله الناس يلبون فلما رأى ذلك قال سبحان الله ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت فلما رجع الى أصحابه قال رأيت البدن قد قلدت وأشعرت فما أرى أن يصدوا عن البيت فقام رجل منهم يقال له مكرز بن حفص فقال دعونى آتيه قالوا أئته فلما أشرف عليهم قال بن حفص فقال دعونى آتيه قالوا ائته فلما أشرف عليهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا مكرز وهو رجل فاجر فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم فبينما هو يكلمه إذ جاء سهيل بن عمرو قال معمر فأخبرني أيوب عن عكرمة أنه لما جاء سهيل بن عمرو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد سهل لكم من أمركم قال معمر قال الزهري في حديثه فجاء سهيل فقال هات فاكتب بيننا وبينكم كتابا فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الكاتب فقال النبي صلى الله عليه وسلم اكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل أما الرحمن فوالله ما أدري ما هو ولكن اكتب باسمك اللهم كما كنت تكتب فقال المسلمون والله لا نكتبها الا باسم الله الرحمن الرحيم فقال النبى صلى الله عليه وسلم اكتب باسمك اللهم ثم قال هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله فقال سهيل والله لو كنا نعلم انك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك ولكن اكتب محمد بن عبد الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والله اني لرسول الله وان كذبتموني اكتب محمد بن عبد الله قال الزهري وذلك لقوله لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله الا أعطيتهم اياها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به قال سهيل والله لا تتحدث العرب انا أخذنا ضغطة ولكن ذلك من العام المقبل فكتب فقال سهيل وعلى أنه لا يأتيك منا رجل وان كان على دينك الا رددته الينا قال المسلمون سبحان الله كيف يرد الى المشركين وقد جاء مسلما فبينما هم كذلك إذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في قيوده وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين فقال سهيل هذا يا محمد أول من أقاضيك عليه أن ترده الي فقال النبي صلى الله عليه وسلم انا لم نقض الكتاب بعد قال فوالله إذا لم أصالحك على شيء أبدا قال النبي صلى الله عليه وسلم فأجزه لي قال ما أنا بمجيزه لك قال بلى فافعل قال ما أنا بفاعل قال مكرز بلى قد أجزناه لك قال أبو جندل أي معشر المسلمين أرد الى المشركين وقد جئت مسلما ألا ترون ما قد لقيت وكان قد عذب عذابا شديدا في الله فقال عمر رضي الله عنه فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت ألست نبي الله حقا قال بلى قلت ألسنا على الحق
وعدونا على الباطل قال بلى قلت فلم نعطى الدنية في ديننا اذن قال اني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري قلت أولست كنت تحدثنا انا سنأتي البيت فنطوف به قال بلى فأخبرتك أنا نأتيه العام قال قلت لا قال فانك آتيه ومطوف به قال فأتيت أبا بكر فقلت يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقا قال بلى قلت ألسنا على الحق وعدونا على الباطل قال بلى قال قلت فلم نعطىالدنية في ديننا اذن قال أيها الرجل انه لرسول الله وليس يعصي ربه وهو ناصره فاستمسك بغرزه فوالله انه على الحق قلت أليس كان يحدثنا انا سنأتي البيت ونطوف به قال بلى أفأخبرك أنك تأتيه العام فقلت لا قال فانك آتيه ومطوف به قال الزهري قال عمر فعملت لذلك أعمالا قال فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه قوموا فانحروا ثم احلقوا قال فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس فقالت أم سلمة يا نبي الله أتحب ذلك اخرج ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما ثم جاءه نسوة مؤمنات فأنزل الله تعالى يا أيها الذين آمنوا اذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن حتى بلغ بعصم الكوافر فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك فتزوج احدهما معاوية بن أبي سفيان والاخرى صفوان بن أمية ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة فجاءه أو بصير رجل من قريش وهو مسلم فأرسلوا في طلبه رجلين فقالوا العهد الذي جعلت لنا فدفعه الى الرجلين فخرجا به حتى بلغا ذا الحليفة فنزلوا يأكلون من تمر لهم فقال أبو بصير لأحد الرجلين والله اني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدا فاستله الآخر فقال أجل والله انه لجيد لقد جربت به ثم جربت فقال أبو بصير أرني أنظر اليه فأمكنه منه فضربه به حتى برد وفر الآخر حتى أتى المدينة فدخل المسجد يعدو فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه لقد رأى هذا ذعرا فلما انتهى الى النبي صلى الله عليه وسلم قال قتل والله صاحبي واني لمقتول فجاء أبو بصير فقال يا نبي الله قد والله أوفى الله ذمتك قد رددتني اليهم ثم انجاني الله منهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم ويل امه مسعر حرب لو كان له أحد فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده اليهم فخرج حتى اتى سيف البحر قال وينفلت منهم أبو جندل بن سهيل بن عمرو فلحق بأبي بصير فجعل لا يخرج من قريش رجل قد اسلم الا لحق بأبي بصير حتى اجتمعت منهم عصابة فوالله ما يسمعون بعير خرجت لقريش الى الشام الا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم فأرسلت قريش الى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده بالله والرحم لما أرسل اليهم فمن أتاه فهو آمن فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم اليهم فأنزل الله تعالى وهو الذي كف أيديهم عنكم
وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم ح تى بلغ الحمية حمية الجاهلية وكانت حميتهم انهم لم يقروا أنه نبي الله ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم وحالوا بينهم وبين البيت فهذا سياق فيه زيادات وفوائد حسنة ليست في رواية ابن اسحاق عن الزهري فقد رواه عن الزهري عن جماعة منهم سفيان بن عيينة ومعمر ومحمد بن اسحاق كلهم عن الزهري عن عروة عن مروان ومسور فذكر القصة
وقد رواه البخاري في أول كتاب الشروط عن يحيى بن بكير عن الليث بن سعد عن عقيل عن الزهري عن عروة عن مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر القصة وهذا هو الأاشبة فان مروان ومسورا كانا صغيرين يوم الحديبية والظاهر أنهما أخذاه عن الصحابة رضي الله عنهم أجمعين
وقال البخاري حدثنا الحسن بن اسحاق حدثنا محمد بن سابق حدثنا مالك بن مغول سمعت أبا حصين قال قال أبو وائل لما قدم سهيل بن حنيف من صفين أتيناه نستخبره فقال اتهموا الرأي فلقد رأيتني يوم أبي جندل ولو استطيع أن أرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره لرددت والله ورسوله أعلم وما وضعنا أسيافنا عن عواتقنا لامر يقطعنا الا أسهلن بنا الى أمر نعرفه قبل هذا الامر ما نسد منها خصما الا انفجر علينا خصم ما ندري كيف نأتي له
وقال البخاري حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن زيد بن اسلم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسير في بعض اسفاره وكان عمر بن الخطاب يسير معه ليلا فسأله عمر بن الخطاب عن شيء فلم يجبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سأله فلم يجبه ثم سأله فلم يجبه فقال عمر بن الخطاب ثكلتك أمك يا عمر نزرت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبك قال عمر فحركت بعيري ثم تقدمت أمام المسلمين وخشيت أن ينزل في قرأن فما نشبت أن سمعت صارخا يصرخ بي قال فقلت لقد خشيت أن يكون نزل في قرآن فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه فقال لقد أنزلت علي الليلة سورة لهي أحب الي مما طلعت عليه الشمس ثم قرأ ا نا فتحنا لك فتحا مبينا قلت وقد تكلمنا على سورة الفتح بكمالها في كتابنا التفسير بما فيه الكفاية ولله الحمد والمنة ومن أحب أن يكتب ذلك هنا فليفعل

الموضوع التالي


فصل في السرايا

الموضوع السابق


غزوة الحديبية