وقد تقولى أليست هذه الصفات مبالغ فيها أو تعتبر من التزمت والتشدد؟؟
 

نقول لك من الذى يقول أن الشيء مبالغ فيه أم لا ؟ إذا أردنا أن نعرف هل الشيء مبالغ فيه أم لا فيجب علينا أن نعود إلى الأصل ونقارن الأصل بالأمر المختلف عليه فإذا بحثنا عن أمر الله سنجد أن هذه الصفات هى الأصل وهى المأمور بها تماماً من الله من غير زيادة أو نقصان - والأدلة عليها من الله ورسوله صحيحة وصريحة كما ذكرناها - وإنما العيب فيك أنت لما أسرفت فى مخالفة ما فرضه الله فى الزي الإسلامي الصحيح بدا لك أن هذه الصفات كلها تعتبر تشدد ومن تقوم بهذه الصفات بأكملها متشددة !!! ومثل ذلك كأن يأتي أحد الشباب المنحل وقد أقام علاقات غير شرعية مع عشرات الغافلات فإذا سمع أو رأى شاب آخر ليس له علاقة مع النساء فإنه يستغرب الأمر ويراه متشدد ، لماذا؟؟ لأنه يقيس الأمر على نفسه وليس على الأصل فالأصل أنه لا يجوز إقامة علاقة بين الشاب والفتاة وليس العكس فكذلك أنت لا تقيسي مظهر الملتزمة على نفسك وإنما عودي للأصل والأصل عندنا كمسلمين هو كلام الله ورسوله وإجماع أهل العلم.

وقفة مع النفس

- اعلمي ان الأمر لا يتطلب كثير تفكير وجدال فإنا لا ندعوا إلى بدعة أو شئ جديد على الأذهان وإنما هو شئ فطرى فإن الحياء فطرى فى الإنسان وما نريد إلا معالجة ما طرأ على هذه الفطرة من انتكاس وهذه المعالجة قد تكون صعبة ولكنها ليست مستحيلة إنما الصعب والمستحيل والذي لن يكون مطلقاً هو أن يكون من مات وانتهى أجله فى الدنيا يعود مرة أخرى ليصلح ما كان فاسداً من عمله ! فتخيلي هذا المشهد من كلام الله عز و جل :

من سورة المؤمنون :

الأية103: - و من خفت موازينه - أى قلت خيراته فرجحت عليها السيئات - فأولئك الذين خسروا أنفسهم فى جهنم خلدون - .

104: - تلفح وجوههم النار - أى تحرقها و تشويها - و هم فيها كالحون - أى شمرت شفاهم العليا و السفلى عن أسنانهم .

105: فيقال لهم - ألم تكن ءاياتي تتلى عليكم من القرآن - تتلى عليكم - أى تخوفون بها - فكنتم بها تكذبون - .

106: - قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا - أى استولت علينا و ملكتنا فساد أنفسنا - و كنا قوما ضالين - .

107: - ربنا أخرجنا منها فإن عدنا - إلى المخالفة - فإنا ظالمون - .

108: - قال اخسئوا فيها - يرد الله عليهم بلسان مالك خازن النار و ذلك بعد زمن قدر الدنيا مرتين : ابعدوا فى النار أذلاء - و لا تكلمون - فى رفع العذاب عنكم, لينقطع رجاؤهم .

ومن سورة التحريم :

الأية 6: يأيها الذين ءامنوا قوا أنفسكم و أهليكم نارا وقودها الناس و الحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون - أى احملوا أنفسكم و أهليكم على طاعة الله لتتقوا النار التي من فرط حرارتها أنها لا تتقد بالحطب بل بالناس و الحجارة كما أن خزنتها ملائكة غلاظ القلوب شداد البطش لا يعصون أمر الله .

ومن سورة فاطر :

الأية36: - و هم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صلحا غير الذى كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر و جاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير -

يقول الله تعالى أفحسبتم أنما خلقنكم عبثا و أنكم إلينا لا ترجعون المؤمنون:115, ما ظنك برب العالمين أيخلق هذا الكون ويسخره من أجلك و يأمر و ينهى ثم لا يكون يوم الجزاء, من أطاعه نعمه ومن عصاه عذبه ؟!

هل تظنين أن النار مقتصرة على الكفار فقط ؟!

إنما بينك وبين هذا الوعيد كله ارتكاب المعصية , إن الله لا يحابى أحد , فهذا رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول الله تعالى له قل إني أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم الأنعام:15

ثم اعلمي أن التزامك بهذا الفرض لست أنت أول من فكر به وعالجه إنما سبقك آلاف وآلاف ونجحوا , فإن هذه الملتزمة بالزي الإسلامي أو تلك لم تولد هكذا وإنما معظمهن مررن بنفس ما مررت به بل إن منهن من واجهن أضعاف ما تواجهي من عقبات و مغريات , وما عليك إلا التقدم بخطوات عملية , واعلمي أنك أدرى بنفسك من غيرك ولن يرتاح بالك وأنت تخدعي نفسك فتقدمي فى هذا الطريق بصدق ولن يخذلك الله فمن تقرب إلى الله شبراً تقرب الله إليه ذراعاً وهكذا , واعلمي أن الشيطان - سواء شيطان الإنس أو الجن - يخوفك من الإقدام على طاعة الله عموماً - إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين - 75 آل عمران فيضع كل الهموم والعقبات أمامك حتى يثقل عليك أمر الطاعة وفى نفس الوقت يزين المعصية ويهونها ويشكلها فى نظرك شئ تافه , ولكن نقول لك وعن تجربة كل من سلك هذا الطريق من قبلك أن هذه العقبات التي يضعها شياطين الإنس والجن ما هى إلا سراب لا أساس له وعند اتخاذك لهذه الخطوات العملية فى طريق الالتزام بمنهج الله والوقوف على أوامره ونواهيه ستجدين منح من الله لا تتخيليها منها إيمان فى القلب يمنحك قوة لمواجهة العقبات ونور فى الوجه هو من قبيل نور الإيمان وشعورك بالأمان لأنك قريبة من الله .

واعلمي أن أهل العلم ما أكثرهم وما عليك إلا أن تتوجهي إليهم ولكن بشرط أن تكوني صادقة مع نفسك معترفة بذنبك وتقصيرك عازمة على السير فى هذا الطريق , وسترشدك فطرتك السليمة ومنهج الله وسنة نبيه إلى كل الخير.

وإياك أن يكون مانع الرجوع إلى الصواب والحق هو الكبر والقناعة بصحة ما تقومين به أو أنه شئ بسيط وإن كان مخالفاً لما أمر الله به فما لعن الله إبليس إلا لأنه اقتنع برأيه ورضى بالمعصية وأصر عليها وتكبر على الله أن يرجع ويعترف ويندم و اعلمي أن الاعتراف والندم لا يكون فى ميدان عام أو لأي أحد , إنما هذا يكون بينك وبين الله من القلب من غير واسطة .

فأوصيك بارك الله فيك بالسرعة فى الرجوع إلى الله, الآن ...الآن وأنت صحيحة معافاة , فكم ممن قبلك عادوا وعدن إلى الله بسبب مصيبة أو موت عزيز أو مرض عضال أو غير ذلك , فبالله عليك لا تنتظري أن تكون أحد هذه المصائب- لا قدر الله- هى منبهتك وموقظتك , فالعاقل من اتعظ بغيره , فلا تتأخري فيتعظ بك غيرك .

ومع هذا استعيني بالله واسجدي له وقولي يا رب لقد خلقتني وأنت أعلم بما يصلحني و يفسدني فأينما توجهني سأتوجه وأسألك العون يا معين فأنا لا أقدر وأنت تقدر, لا حول ولا قوة لي إلا بك , يا رب عليك أتوكل فساعدني ولا تكلني إلى نفسي , وأنا يا رب سأكون على طاعتك وعبادتك والامتثال لأمرك ما استطعت إلى ذلك سبيلاً , وأعترف إليك بتقصيري وبذنوبي وأندم ولا أعود , وهذه هى الخطوة الأولى على الطريق أما الخطوة الثانية فهي اتخاذك أحد الطريقين العمليين للإلزام كما سنذكرهما :

 

الزي الإسلامي الصحيح للمرأة أسئلة واقعية و إجابات عملية لطه أبو على