فصل ( تقسيم الثمار و الزروع في خيبر بين المسلمين و اليهود بالعدل ) .
 
ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما افتتح خيبر عامل يهودها عليها على شطر ما يخرج منها من تمر أو زرع وقد ورد في بعض ألفاظ هذا الحديث على أن يعملوها من أموالها وفي بعضها وقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم نقركم ما شئنا وفي السنن أنه كان يبعث عليهم عبد الله بن رواحة يخرصها عليهم عند استواء ثمارها ثم يضمنهم اياه فلما قتل عبد الله بن رواحة بمؤتة بعث جبار بن صخر كما تقدم وموضع تحرير ألفاظه وبيان طرقه كتاب المزارعة من كتاب الاحكام إن شاء الله وبه الثقة
وقال محمد بن اسحاق سألت ابن شهاب كيف أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود خيبر نخلهم فأخبرني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتح خيبر عنوة بعد القتال وكانت خيبر مما أفاء الله عليه خمسها وقسمها بين المسلمين ونزل من نزل من أهلها على الجلاء بعد القتال فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن شئتم دفعت اليكم هذه الاموال على أن تعملوها وتكون ثمارها بيننا وبينكم فأقركم ما أقركم الله فقبلوا وكانوا على ذلك يعملونها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث عبد الله بن رواحة فيقسم ثمرها ويعدل عليهم في الخرص فلما توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم أقرها أبو بكر بأيديهم على المعاملة التي عاملهم عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفي ثم أقرهم عمر بن الخطاب صدرا من إمارته ثم بلغ عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في وجعه الذي قبضه الله فيه لا يجتمعن بجزيرة العرب دينان ففحص عمر عن ذلك حتى بلغه الثبت فأرسل الى يهود فقال إن الله أذن لي في إجلائكم وقد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يجتمعن في جزيرة العرب دينان فمن كان عنده عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم فليأتني به أنفذه له ومن لم يكن عنده عهد فليتجهز للجلاء فاجلى عمر من لم يكن عنده عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
قلت قد ادعى يهود خيبر في أزمان متأخرة بعد الثلثمائة أن بايديهم كتابا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه أنه وضع الجزية عنهم وقد اغتر بهذا الكتاب بعض العلماء حتى قال باسقاط الجزية عنهم من الشافعية الشيخ أبو علي خيرون وهو كتاب مزور مكذوب مفتعل لا اصل له وقد بينت بطلانه من وجوه عديدة في كتاب مفرد وقد تعرض لذكره وإبطاله جماعة من الأصحاب في كتبهم كابن
الصباغ في مسائله والشيخ أبي حامد في تعليقته وصنف فيه ابن المسلمة جزءا منفردا للرد عليه وقد تحركوا به بعد السبعمائة وأظهروا كتابا فيه نسخة ما ذكره الأصحاب في كتبهم وقد وقفت عليه فاذا هو مكذوب فإن فيه شهادة سعد بن معاذ وقد كان مات قبل زمن خيبر وفيه شهادة معاوية بن ابي سفيان ولم يكن أسلم يومئذ وفي آخره وكتبه علي بن ابي طالب وهذا لحن وخطأ وفيه وضع الجزية ولم تكن شرعت بعد فانها إنما شرعت أول ما شرعت وأخذ من أهل نجران وذكروا أنهم وفدوا في حدود سنة تسع والله أعلم
ثم قال ابن اسحاق وحدثني نافع مولى عبد الله بن عمر عن ابن عمر قال خرجت أنا والزبير ابن العوام والمقداد بن الاسود الى أموالنا بخيبر نتعاهدها فلما قدمنا تفرقنا في أموالنا قال فعدى علي تحت الليل وأنا نائم على فراشي ففدعت يداي من مرفقي فلما استصرخت على صاحباي فأتياني فسألاني من صنع هذا بك فقلت لا أدري فأصلحا من يدي ثم قدما بي على عمر فقال هذا عمل يهود خيبر ثم قام في الناس خطيبا فقال ايها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عامل يهود خيبر على أنا نخرجهم إذا شئنا وقد عدوا على عبد الله بن عمر ففدعوا يديه كما بلغكم مع عدوتهم على الانصاري قبله لا نشك أنهم كانوا أصحابه ليس لنا هناك عدو غيرهم فمن كان له مال من خيبر فليلحق به فاني مخرج يهود فأخرجهم
قلت كان لعمر بن الخطاب سهمه الذي بخيبر وقد كان وقفه في سبيل الله وشرط في الوقف ما أشار به رسول الله صلى الله عليه وسلم كما هو ثابت في الصحيحين وشرط أن يكون النظر فيه للأرشد فالأرشد من بناته وبنيه
قال الحافظ البيهقي في الدلائل جماع أبواب السرايا التي تذكر بعد فتح خيبر وقبل عمرة القضية وإن كان تاريخ بعضها ليس بالواضح عند اهل المغازي