السرية التي قتل فيها محلم بن جثامة عامر بن الاضبط
 

قال ابن اسحاق حدثني يزيد بن عبد الله بن قسيط عن ابن عبد الله بن أبي حدرد عن أبيه قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية الى أضم في نفر من المسلمين منهم أبو قتادة الحارث بن ربعي ومحلم ابن جثامة بن قيس فخرجنا حتى اذا كنا ببطن أضم مر بنا عامر بن الأضبط الاشجعي على قعود له معه متيع له ووطب من لبن فسلم علينا بتحية الاسلام فأمسكنا عنه وحمل عليه محلم بن جثامة فقتله لشيء كان بينه وبينه وأخذ بعيره ومتيعه فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرناه الخبر فنزل فينا القرآن يا أيها الذين آمنوا اذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى اليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيرا هكذا رواه الامام احمد عن يعقوب عن أبيه عن محمد بن اسحاق عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن القعقاع بن عبد الله بن ابي حدرد عن أبيه فذكره
قال ابن اسحاق حدثني محمد بن جعفر سمعت زياد بن ضميرة بن سعد الضمري يحدث عن عروة بن الزبير عن أبيه عن جده قالا وكانا شهدا حنينا قالا فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر فقام الى ظل شجرة فقعد فيه فقام اليه عيينة بن بدر فطلب بدم عامر بن الأضبط الاشجعي وهو سيد
عامر هل لكم أن تاخذوا منا الآن خمسين بعيرا وخمسين اذا رجعنا الى المدينة فقال عيينة بن بدر والله لا أدعه حتى أذيق نساءه من الحزن مثل ما أذاق نسائي فقال رجل من بني ليث يقال له ابن مكيتل وهو قصير من الرجال فقال يا رسول الله ما أجد لهذا القتيل شبها في غرة الاسلام إلا كغنم وردت فشربت اولاها فنفرت أخراها استن اليوم وغير غدا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل لكم ان تأخذوا خمسين بعيرا الآن وخمسين اذا رجعنا إلى المدينة فلم يزل بهم حتى رضوا بالدية فقال قوم محلم بن جثامة إيتوا به حتى يستغفر له رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فجاء رجل طوال ضرب اللحم في حلة قد تهيأ فيها للقتل فقام بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم لا تغفر لمحلم قالها ثلاثا فقام وإنه ليتلقى دموعه بطرف ثوبه
قال محمد بن اسحاق زعم قومه أنه استغفر له بعد ذلك وهكذا رواه أبو داود من طريق حماد ابن سلمة عن ابن اسحاق ورواه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن أبي خالد الاحمر عن ابن اسحاق عن محمد بن جعفر عن زيد بن ضميرة عن أبيه عن عمه فذكر بعضه والصواب كما رواه ابن اسحاق عن محمد بن جعفر عن زياد بن سعد بن ضميرة عن أبيه وعن جده وهكذا رواه أبو داود من طريق ابن وهب عن عبد الرحمن بن ابي الزناد وعن عبد الرحمن بن الحارث عن محمد بن جعفر عن زياد بن سعد بن ضميرة عن أبيه وجده بنحوه كما تقدم
وقال ابن اسحاق حدثني سالم أبو النضر أنه قال لم يقبلوا الدية حتى قام الاقرع بن حابس فخلا بهم وقال يا معشر قريش قيس سألكم رسول الله صلى الله عليه وسلم قتيلا تتركونه ليصلح به بين الناس فمنعتموه إياه أفأمنتم أن يغضب عليكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيغضب الله لغضبه ويلعنكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيلعنكم الله بلعنته لكم لتسلمنه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم أو لآتين بخمسين من بني تميم كلهم يشهدون أن القتيل كافر ما صلى قط فلا يطلبن دمه فلما قال ذلك لهم أخذوا الدية وهذا منقطع معضل وقد روى ابن اسحاق عمن لا يتهم عن الحسن البصري أن محلما لما جلس بين يديه عليه الصلاة والسلام قال له أمنته ثم قتلته ثم دعا عليه قال الحسن فوالله ما مكث محلم الا سبعا حتى مات فلفظته الأرض ثم دفنوه فلفظته الأرض ثم دفنوه فلفظته الأرض فرضموا عليه من الحجارة حتى واروه فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ان الأرض لتطابق على من هو شر منه ولكن الله أراد أن يعظكم في حرم ما بينكم لما أراكم منه وقال ابن جرير ثنا وكيع ثنا جرير عن ابن اسحاق عن نافع عن ابن عمر قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم محلم بن جثامة مبعثا فلقيهم عامر بن الأضبط فحياهم بتحية الاسلام وكانت بينهم هنة في الجاهلية فرماه محلم بسهم فقتله فجاء الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكلم فيه عيينة والاقرع فقال الاقرع يا رسول
الله سن اليوم وغير غدا فقال عيينة لا والله حتى تذوق نساؤه من الثكل ما ذاق نسائي فجاء محلم في بردين فجلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستغفر له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا غفر الله لك فقام وهو يتلقى دموعه ببرديه فما مضت له سابعة حتى مات فدفنوه فلفظته الأرض فجاءوا النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له فقال إن الارض لتقبل من هو شر من صاحبكم ولكن الله أراد أن يعظكم من حرمتكم ثم طرحوه في جيل فالقوا عليه من الحجارة ونزلت يأيها الذين آمنوا اذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا الآية وقد ذكره موسى بن عقبة عن الزهري ورواه شعيب عن الزهري عن عبد الله ابن وهب عن قبيصة بن ذؤيب نحو هذه القصة إلا أنه لم يسم محلم بن جثامة ولا عامر بن الاضبط وكذلك رواه البيهقي عن الحسن البصري بنحو هذه القصة وقال فيه نزل قوله تعالى يأيها الذين آمنوا اذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا الآية
قلت وقد تكلمنا في سبب نزول هذه الآية ومعناها في التفسير بما فيه الكفاية ولله الحمد والمنة