سنة تسع من الهجرةذ كر غزوة تبوك في رجب منها
 

قال ابن اسحاق ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة ما بين ذي الحجة إلى رجب يعني من سنة تسع ثم أمر الناس بالتهيؤ لغزو الروم فذكر الزهري ويزيد بن رومان وعبد الله بن أبي بكر وعاصم ابن عمر بن قتادة وغيرهم من علمائنا كل يحدث عن غزوة تبوك ما بلغه عنها وبعض القوم يحدث مالم يحدث بعض أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه بالتهيؤ لغزو الروم وذلك في زمان عسرة من الناس وشدة الحر وجدب من البلاد وحين طابت الثمار فالناس يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم ويكرهون الشخوص في الحال من الزمان الذي هم عليه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قل ما يخرج في غزوة إلا كنى عنها إلا ما كان من غزوة تبوك فانه بينها للناس لبعد المشقة وشدة الزمان وكثرة العدو الذي يصمد اليه ليتأهب الناس لذلك أهبته فأمرهم بالجهاد وأخبرهم أنه يريد الروم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وهو في جهازه ذلك للجد بن قيس أحد بني سلمة يا جد هل لك العام في جلاد بني الاصفر فقال يا رسول الله أو تأذن لي ولا تفتني فوالله لقد عرف قومي أنه ما رجل أشد عجبا بالنساء مني وإني أخشى إن رأيت نساء بني الأصفر أن لا اصبر فاعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال قد أذنت لك ففي الجد أنزل الله هذه الآية ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين وقال قوم من المنافقين بعضهم لبعض لا تنفروا في الحر زهادة في الجهاد وشكا في الحق وإرجافا بالرسول صلى الله عليه وسلم فانزل الله فيهم وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون
قال ابن هشام حدثني الثقة عمن حدثه عن محمد بن طلحة بن عبد الرحمن عن اسحاق بن ابراهيم بن عبد الله ابن حارثة عن أبيه عن جده قال بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ناسا من المنافقين يجتمعون في بيت سويلم اليهودي وكان بيته عند جاسوم يثبطون الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فبعث اليهم طلحة بن عبيد الله في نفر من أصحابه وأمره أن يحرق عليهم بيت سويلم ففعل طلحة فاقتحم الضحاك
ابن خليفة من ظهر البيت فانكسرت رجله واقتحم أصحابه فافلتوا فقال الضحاك في ذلك
كادت وبيت الله نار محمد * يشيط بها الضحاك وابن أبيرق
وظلت وقد طبقت كبس سويلم * أنوء على رجلي كسيرا ومرفق
سلام عليكم لا أعود لمثلها * اخاف ومن تشمل به النار يخرق
قال ابن اسحاق ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جد في سفره وأمر الناس بالجهاز والانكماش وحض أهل الغنى على النفقة والحملان في سبيل الله فحمل رجال من أهل الغنى واحتسبوا وانفق عثمان بن عفان نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها قال ابن هشام فحدثني من أثق به أن عثمان انفق في جيش العسرة في غزوة تبوك ألف دينار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم أرض عثمان فاني عنه راض وقد قال الامام احمد حدثنا هارون بن معروف ثنا ضمرة ثنا عبد الله بن شوذب عن عبد الله بن القاسم عن كثة مولى عبد الرحمن بن سمرة قال جاء عثمان بن عفان إلى النبي الف دينار في ثوبه حين جهز النبي ص جيش العسرة قال فصبها في حجر النبي صلى الله عليه وسلم فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها بيده ويقول ما ضر ابن عفان ما عمل بعد اليوم ورواه الترمذي عن محمد بن اسماعيل عن الحسن بن واقع عن ضمرة بع وقال حسن غريب وقاله عبد الله بن احمد في مسند أبيه حدثني أبو موسى العنزي حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثني سكن بن المغيرة حدثني الوليد بن أبي هشام عن فرقد أبي طلحة عن عبد الرحمن بن حباب السلمي قال خطب النبي صلى الله عليه وسلم فحث على جيش العسرة فقال عثمان ابن عفان علي مائة بعير باحلاسها وأقتابها قال ثم نزل مرقاة من المنبر ثم حث فقال عثمان علي مائة أخرى بأحلاسها وأقتابها قال فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بيده هكذا يحركها وأخرج عبد الصمد يده كالمتعجب ما على عثمان ما عمل بعد هذا وهكذا رواه الترمذي عن محمد بن يسار عن أبي داود الطيالسي عن سكن بن المغيرة أبي محمد مولى لآل عثمان به وقال غريب من هذا الوجه ورواه البيهقي من طريق عمرو بن مرزوق عن سكن بن المغيرة به وقال ثلاث مرات أنه التزم بثلاثمائة بعير باحلاسها وأقتابها قال عبد الرحمن فانا شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر ما ضر عثمان بعدها أو قال بعد اليوم وقال أبو داود الطيالسي حدثنا أبو عوانة عن حصين بن عبد الرحمن عن عمرو بن جاوان عن الاحنف بن قيس قال سمعت عثمان بن عفان يقول لسعد بن ابي وقاص وعلي والزبير وطلحة أنشدكم بالله هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من جهز جيش العسرة غفر الله له فجهزتهم حتى ما يفقدون خطاما ولا عقالا قالوا اللهم نعم ورواه النسائي من حديث حصين به