فصل ( تخلف عبد الله بن أبي وأهل الريب عام تبوك ) تتمة
 
ذكر خطبته صلى الله عليه وسلم الى تبوك إلى نخلة هناك
روى الامام احمد عن أبي النضر هاشم بن القاسم ويونس بن محمد المؤدب وحجاج بن محمد
ثلاثتهم عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن ابي الخير عن أبي الخطاب عن أبي سعيد الخدري أنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام تبوك خطب الناس وهو مسند ظهره إلى نخلة فقال ألا أخبركم بخير الناس وشر الناس إن من خير الناس رجلا عمل في سبيل الله على ظهر فرسه أو على ظهر بعيره أو على قدميه حتى يأتيه الموت وإن من شر الناس رجلا فاجرا جريئا يقرأ كتاب الله لا يرعوي إلى شيء منه ورواه النسائي عن قتيبة عن الليث به وقال أبو الخطاب لا أعرفه وروى البيهقي من طريق يعقوب بن محمد الزهري عن عبد العزيز بن عمران حدثنا مصعب بن عبد الله عن منظور بن جميل بن سنان أخبرني أبي سمعت عقبة بن عامر الجهني خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فاسترقد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يستيقظ حتى كانت الشمس قيد رمح قال ألم أقل لك يا بلال اكلأ لنا الفجر فقال يا رسول الله ذهب بي من النوم مثل الذي ذهب بك قال فانتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم من منزله غير بعيد ثم صلى وسار بقية يومه وليلته فاصبح بتبوك فحمد الله وأثنى عليه بما هو اهله ثم قال أيها الناس أما بعد فان أصدق الحديث كتاب الله وأوثق العرى كلمة التقوى وخير الملل ملة ابراهيم وخير السنن سنة محمد واشرف الحديث ذكر الله وأحسن القصص هذا القرآن وخير الامور عوازمها وشر الامور محدثاتها وأحسن الهدي هدي الانبياء واشرف الموت قتل الشهداء وأعمى العمى الضلالة بعد الهدى وخير الاعمال ما نفع وخير الهدى ما اتبع وشر العمى عمى القلب واليد العليا خير من اليد السفلى وما قل وكفى خير مما كثر وألهى وشر المعذرة حين يحضر الموت وشر الندامة يوم القيامة ومن الناس من لا يأتي الجمعة إلا دبرا ومن الناس من لا يذكر الله إلا هجرا ومن أعظم الخطايا اللسان الكذوب وخير الغنى غنى النفس وخير الزاد التقوى ورأس الحكمة مخافة الله عز وجل وخير ما وقر في القلوب اليقين والارتياب من الكفر والنياحة من عمل الجاهلية والغلول من حثاء جهنم والشعر من ابليس والخمر جماع الاثم والنساء حبائل الشيطان والشباب شعبة من الجنون وشر المكاسب كسب الربا وشر المآكل أكل مال اليتيم والسعيد من وعظ بغيره والشقي من شقي في بطن أمه وإنما يصير أحدكم إلى موضع أربعة اذرع والأمر الى الآخرة وملاك العمل خواتمه وشر الروايا روايا الكذب وكل ما هو آت قريب وسباب المؤمن فسوق وقتال المؤمن كفر وأكل لحمه من معصية الله وحرمة ماله كحرمة دمه ومن يتألى على الله يكذبه ومن يستغفره يغفر له ومن يعف يعف الله عنه ومن يكظم يأجره الله ومن يصبر على الرزية يعوضه الله ومن يبتغي السمعة يسمع الله به
ومن يصبر يضعف الله له ومن يعص الله يعذبه الله اللهم اغفر لي ولأمتي اللهم اغفر لي ولأمتي اللهم اغفر لي ولأمتي قالها ثلاثا ثم قال أستغفر الله لي ولكم وهذا حديث غريب وفيه نكارة وفي اسناده ضعف والله أعلم بالصواب وقال أبو داود ثنا احمد بن سعيد الهمداني وسليمان ابن داود قالا أخبرنا ابن وهب أخبرني معاوية عن سعيد بن غزوان عن ابيه أنه نزل بتبوك وهو حاج فاذا رجل مقعد فسألته عن أمره فقال سأحدثك حديثا فلا تحدث به ما سمعت أني حي إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل بتبوك إلى نخلة فقال هذه قبلتنا ثم صلى اليها قال فاقبلت وأنا غلام أسعى حتى مررت بينه وبينها فقال قطع صلاتنا قطع الله أثره قال فما قمت عليها إلى يومي هذا ثم رواه ابو داود من حديث سعيد عن عبد العزيز التنوخي عن مولى ليزيد بن نمران عن يزيد بن نمران قال رأيت بتبوك مقعدا فقال مررت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا على حمار وهو يصلي فقال اللهم اقطع اثره فما مشيت عليها بعد وفي رواية قطع صلاتنا قطع الله أثره
الصلاة على معاوية بن أبي معاوية
روى البيهقي من حديث يزيد بن هارون أخبرنا العلاء أبو محمد الثقفي قال سمعت أنس بن مالك قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك فطلعت الشمس بضياء ولها شعاع ونور لم أرها طلعت فيما مضى فأتى جبريل رسول الله فقال يا جبريل مالي أرى الشمس اليوم طلعت بيضاء ونور وشعاع لم أرها طلعت فيما مضى قال ذلك أن معاوية بن ابي معاوية الليثي مات بالمدينة اليوم فبعث الله اليه سبعين ألف ملك يصلون عليه قال ومم ذاك قال بكثرة قراءته قل هو الله أحد بالليل والنهار وفي ممشاه وفي قيامه وقعوده فهل لك يا رسول الله أن أقبض لك الأرض فتصلي عليه قال نعم قال فصلى عليه ثم رجع وهذا الحديث فيه غرابة شديدة ونكارة والناس يسندون أمرها إلى العلاء ابن زيد هذا وقد تكلموا فيه ثم قال البيهقي أخبرنا علي بن احمد بن عبدان أخبرنا احمد بن عبيد الصفار حدثنا هاشم بن علي أخبرنا عثمان بن الهيثم حدثنا محبوب بن هلال عن عطاء بن أبي ميمونة عن انس قال جاء جبريل فقال يا محمد مات معاوية بن أبي معاوية المزني أفتحب أن تصلي عليه قال نعم فضرب بجناحه فلم يبق من شجرة ولا أكمة إلا تضعضعت له قال فصلى وخلفه صفان من الملائكة في كل صف سبعون ألف ملك قال قلت يا جبريل بما نال هذه المنزلة من الله قال بحبه قل هو الله أحد يقرؤها قائما وقاعدا وذاهبا وجائيا وعلى كل حال قال عثمان
فسألت أبي أين كان النبي صلى الله عليه وسلم قال بغزوة تبوك بالشام ومات معاوية بالمدينة ورفع له سريره حتى نظر اليه وصلى عليه وهذا أيضا منكر من هذا الوجه
قدوم رسول قيصر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك
قال الامام احمد حدثنا اسحاق بن عيسى حدثنا يحيى بن سليم عن عبد الله بن عثمان بن خيثم عن سعيد بن أبي راشد قال لقيت التنوخي رسول هرقل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمص وكان جارا لي شيخا كبيرا قد بلغ العقد أو قرب فقلت ألا تخبرني عن رسالة هرقل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل قال بلى قدم رسول الله تبوك فبعث دحية الكلبي إلى هرقل فلما جاءه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا قسيسي الروم وبطارقتها ثم أغلق عليه وعليهم الدار فقال قد نزل هذا الرجل حيث رأيتم وقد أرسل إلي يدعوني إلى ثلاث خصال يدعوني أن أتبعه على دينه أو على أن نعطيه مالنا على أرضنا والأرض أرضنا أو نلقي اليه الحرب والله لقد عرفتم فيما تقرؤون من الكتب لتأخذن فهلم فلنتبعه على دينه أو نعطيه مالنا على أرضنا فنخروا نخرة رجل واحد حتى خرجوا من براسنهم وقالوا تدعونا إلى نذر أن النصرانية أو نكون عبيدا لأعرابي جاء من الحجاز فلما ظن أنهم إن خرجوا من عنده أفسدوا عليه الروم رقأهم ولم يكد وقال إنما قلت ذلك لاعلم صلابتكم على أمركم ثم دعا رجلا من عرب تجيب كان على نصارى العرب قال ادع لي رجلا حافظا للحديث عربي اللسان ابعثه إلى هذا الرجل بجواب كتابه فجاء بى فدفع الى هرقل كتابا فقال غذهب بكتابى غلى هذا الرجل فما سمعت من حديثه فاحفظ لي منه ثلاث خصال انظر هل يذكر صحيفته الي التي كتب بشيء وانظر إذا قرأ كتابي فهل يذكر الليل وانظر في ظهره هل به شيء يربيك قال فانطلقت بكتابه حتى جئت تبوكا فاذا هو جالس بين ظهراني أصحابه محتبيا على الماء فقلت أين صاحبكم قيل ها هو ذا فأقبلت أمشى حتى جلست بين يديه فناولته كتابي فوضعه في حجره ثم قال ممن أنت فقلت أنا أخو تنوخ قال هل لك الى الاسلام الحنيفية ملة أبيكم ابراهيم قلت إني رسول قوم وعلى دين قوم لا أرجع عنه حتى ارجع اليهم فضحك وقال انك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين يا أخو تنوخ إني كتبت بكتاب الى كسرى والله ممزقه وممزق ملكه وكتبت الى النجاشي بصحيفة فخرقها والله مخرقه ومخرق ملكه
وكتبت الى صاحبك بصحيفة فامسكها فلن يزال الناس يجدون منه بأسا ما دام في العيش خير قلت هذه احدى الثلاث التي اوصاني بها صاحبي فاخذت سهما من جعبتي فكتبته في جنب سيفي ثم إنه ناول الصحيفة رجلا عن يساره قلت من صاحب كتابكم الذي يقرأ لكم قالوا معاوية فاذا في كتاب صاحبي تدعوني الى جنة عرضها السموات والارض اعدت للمتقين فأين النار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سبحان الله أين الليل إذا جاء النهار قال فاخذت سهما من جعبتي فكتبته في جلد سيفي فلما ان فرغ من قراءة كتابي قال إن لك حقا وانك لرسول فلو وجدت عندنا جائزة جوزناك بها إنا سفر مرملون قال فناداه رجل من طائفة الناس قال أنا اجوزه ففتح رحله فاذا هو يأتي بحلة صفورية فوضعها في حجري قلت من صاحب الجائزة قيل لي عثمان ثم قال رسول الله أيكم ينزل هذا الرجل فقال فتى من الانصار أنا فقام الانصاري وقمت معه حتى اذا خرجت من طائفة المجلس ناداني رسول الله فقال تعال يا أخا تنوخ فاقبلت أهوي حتى كنت قائما في مجلسي الذي كنت بين يديه فحل حبوته عن ظهره وقال ها هنا امض لما أمرت به فجلت في ظهره فإذا أنا بخاتم في موضع غضون الكتف مثل الحمحمه الضخمة هذا حديث غريب واسناده لا بأس به تفرد به الامام احمد
مصالحته عليه السلام ملك أيلة واهل جرباء وأذرح قبل رجوعه من تبوك
قال ابن اسحاق ولما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الى تبوك أتاه يحنة بن رؤبة صاحب إيلة فصالح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاه الجزية وأتاه أهل جرباء وأذرح وأعطوه الجزية وكتب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا فهو عندهم وكتب ليحنة بن رؤبة وأهل إيلة بسم الله الرحمن الرحيم هذه أمنة من الله ومحمد النبي رسول الله ليحنة بن رؤبة وأهل إيلة سفنهم وسيارتهم في البر والبحر لهم ذمة الله ومحمد النبي ومن كان معهم من أهل الشام وأهل اليمن وأهل البحر فمن أحدث منهم حدثا فانه لا يحول ماله دون نفسه وأنه طيب لمن أخذه من الناس وأنه لا يحل أن يمنعوا ماء يردونه ولا طريقا يردونه من بر أو بحر زاد يونس بن بكير عن ابن اسحاق بعد هذا وهذا كتاب جهيم بن الصلت وشرحبيل بن حسنة باذن رسول الله
قال يونس عن ابن اسحاق وكتب لاهل جرباء وأذرح بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب
من محمد النبي رسول الله لاهل جرباء وأذرح أنهم آمنون بامان الله وأمان محمد وأن عليهم مائة دينار في كل رجب ومائة أوقية طيبة وأن الله عليهم كفيل بالنصح والاحسان إلى المسلمين ومن لجأ اليهم من المسلمين قال وأعطى النبي صلى الله عليه وسلم أهل أيلة برده مع كتابه أمانا لهم قال فاشتراه بعد ذلك أبو العباس عبد الله بن محمد بثلثمائة دينار
بعثه عليه السلام خالد بن الوليد الى اكيدر ذومة
قال ابن اسحاق ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا خالد بن الوليد فبعثه الى أكيدر دومة وهو أكيدر بن عبد الملك رجل من بني كنانة كان ملكا عليها وكان نصرانيا وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالد إنك ستجده يصيد البقر فخرج خالد حتى اذا كان من حصنه بمنظر العين وفي ليلة مقمرة صائفة وهو على سطح له ومعه امرأته وباتت البقر تحك بقرونها باب القصر فقالت له امرأته هل رأيت مثل هذا قط قال لا والله قالت فمن يترك هذا قال لا أحد فنزل فامر بفرسه فاسرج له وركب ومعه نفر من أهل بيته فيهم أخ له يقال له حسان فركب وخرجوا معه بمطاردهم فلما خرجوا تلقتهم خيل النبي صلى الله عليه وسلم فاخذته وقتلوا أخاه وكان عليه قباء من ديباج مخوص بالذهب فاستلبه خالد فبعث به الى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل قدومه عليه قال فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن أنس بن مالك قال رأيت قباء أكيدر حين قدم به على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل المسلمون يلمسونه بأيديهم ويتعجبون منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتعجبون من هذا فوالذي نفسي بيد لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا
قال ابن اسحاق ثم إن خالد بن الوليد لما قدم بأكيدر على رسول الله صلى الله عليه وسلم حقن له دمه فصالحه على الجزية ثم خلى سبيله فرجع الى قريته فقال رجل من بني طيء يقال له بجير بن بجرة في ذلك
تبارك سائق البقرات إني * رأيت الله يهدي كل هاد
فمن يك حائدا عن ذي تبوك * فانا قد أمرنا بالجهاد
وقد حكى البيهقي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهذا الشاعر لا يفضض اله فاك فأتت عليه سبعون سنة ما تحرك له فيها ضرس ولا سن وقد روى ابن لهيعة عن ابي الأسود عن عروة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث خالدا مرجعه من تبوك في أربعمائة وعشرين فارسا إلى أكيدر دومة فذكر نحو ما تقدم إلا أنه ذكر أنه ما كره حتى أنزله من الحصن وذكر أنه قدم مع أكيدر إلى رسول الله ثمانمائة من السبي والف بعير وأربعمائة درع وأربعمائة رمح وذكر أنه لما سمع عظيم أيلة يحنة
ابن رؤبة بقضية أكيدر دومة أقبل قادما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصالحه فاجتمعا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك فالله أعلم وروى يونس بن بكير عن سعد بن أوس عن بلال بن يحيى أن أبا بكر الصديق كان على المهاجرين في غزوة دومة الجندل وخالد بن الوليد على الاعراب في غزوة دومة الجندل فالله أعلم
فصل
قال ابن اسحاق فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بضع عشرة ليلة لم يجاوزها ثم انصرف قافلا الى المدينة قال وكان في الطريق ماء يخرج من وشل يروي الراكب والراكبين والثلاثة بواد يقال له وادي المشقق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سبقنا الى ذلك الماء فلا يستقين منه شيئا حتى نأتيه قال فسبقه اليه نفر من المنافقين فاستقوا ما فيه فلما أتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف عليه فلم ير فيه شيئا فقال من سبقنا الى هذا الماء فقيل له يا رسول الله فلان وفلان فقال أو لم أنههم أن يستقوا منه حتى آتيه ثم لعنهم ودعا عليهم ثم نزل فوضع يده تحت الوشل فجعل يصب في يده ما شاء الله أن يصب ثم نضحه به ومسحه بيده ودعا بما شاء الله أن يدعو فانخرق من الماء كما يقول من سمعه ما أن له حسا كحس الصواعق فشرب الناس واستقوا حاجتهم منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لئن بقيتم أو من بقي منكم ليسمعن بهذا الوادي وهو أخصب ما بين يديه وما خلفه
قال ابن اسحاق وحدثني محمد بن ابراهيم بن الحارث التيمي أن عبد الله بن مسعود كان يحدث قال قمت من جوف الليل وأنا مع رسول الله في غزوة تبوك فرأيت شعلة من نار في ناحية العسكر فاتبعتها انظر اليها قال فاذا رسول الله وأبو بكر وعمر وإذا عبد الله ذو البجادين قد مات وإذا هم قد حفروا له ورسول الله في حفرته وأبو بكر وعمر يدليانه اليه وإذا هو يقول أدنيا إلى أخاكما فدلياه اليه فلما هيأه لشقه قال اللهم إني قد امسيت راضيا عنه فارض عنه قال يقول ابن مسعود يا ليتني كنت صاحب الحفرة قال ابن هشام إنما سمى ذو البجادين لأنه كان يريد الاسلام فمنعه قومه وضيقوا عليه حتى خرج من بينهم وليس عليه الابجاد وهو الكساء الغليظ فشقه باثنين فائتزر بواحدة وارتدى الأخرى ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمي ذو البجادين
قال ابن اسحاق وذكر ابن شهاب الزهري عن ابن أكيمة الليثي عن ابن أخي أبي رهم الغفاري أنه سمع ابا رهم كلثوم بن الحصين وكان من أصحاب الشجرة يقول غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك فسرت ذات ليلة معه ونحن بالاخضر والقى الله علي النعاس وطفقت أستيقظ وقد
دنت راحلتي من راحلة النبي صلى الله عليه وسلم فيفزعني دنوها منه مخافة أن أصيب رجله في الغرز فطفقت أحوز راحلتي عنه حتى غلبتني عيني في بعض الطريق فزاحمت راحلتي راحلته ورجله في الغرز فلم أستيقظ إلا بقوله حس فقلت يا رسول الله استغفر لي قال سر فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألني عمن تخلف عنه من بني غفار فاخبره به فقال وهو يسألني ما فعل النفر الحمر الطوال الثطاط الذين لا شعر في وجوههم فحدثته بتخلفهم قال فما فعل النفر السود الجعاد القصار قال قلت والله ما أعرف هؤلاء منا قال بلى الذين لهم نعم بشبكة شدخ فتذكرتهم في بني غفار فلم أذكرهم حتى ذكرت أنهم رهط من أسلم كانوا حلفاء فينا فقلت يا رسول الله أولئك رهط من أسلم حلفاء فينا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منع أحد أولئك حين تخلف أن يحمل على بعير من إبله امرءا نشيطا في سبيل الله إن أعز أهلي علي أن يتخلف عني المهاجرون والانصار وغفار وأسلم
قال ابن لهيعة عن أبي الاسود عن عروة بن الزبير قال لما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك إلى المدينة هم جماعة من المنافقين بالفتك به وأن يطرحوه من رأس عقبة في الطريق فاخبر بخبرهم فامر الناس بالمسير من الوادي وصعد هو العقبة وسلكها معه أولئك النفر وقد تلثموا وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان أن يمشيا معه عمار آخذ بزمام الناقة وحذيفة يشوقها فبينما هم يسيرون إذ سمعوا بالقوم قد غشوهم فغضب رسول الله وأبصر حذيفة غضبه فرجع اليهم ومعه محجن فاستقبل وجوه رواحلهم بمحجنه فلما رأوا حذيفة ظنوا أن قد أظهر على ما أضمروه من الأمر العظيم فأسرعوا حتى خالطوا الناس وأقبل حذيفة حتى أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم فامرهما فاسرعا حتى قطعوا العقبة ووقفوا ينتظرون الناس ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحذيفة هل عرفت هؤلاء القوم قال ما عرفت إلا رواحلهم في ظلمة الليل حين غشيتهم ثم قال علمتما ما كان من شأن هؤلاء الركب قالا لا فاخبرهما بما كانوا تمالئوا عليه وسماهم لهما واستكتمهما ذلك فقالا يا رسول الله أفلا تأمر بقتلهم فقال أكره أن يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه وقد ذكر ابن اسحاق هذه القصة إلا أنه ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أعلم بأسمائهم حذيفة بن اليمان وحده وهذا هو الاشبه والله أعلم ويشهد له قول أبي الدرداء لعلقمة صاحب ابن مسعود أليس فيكم يعني أهل الكوفة صاحب السواد والوساد يعني ابن مسعود أليس فيكم صاحب السر الذي لا يعلمه غيره يعني حذيفة أليس فيكم الذي أجاره الله من الشيطان على لسان محمد يعني عمارا وروينا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال لحذيفة أقسمت عليك بالله أنا منهم قال لا
ولا أبرئ بعدك أحدا يعني حتى لا يكون مفشيا سر النبي صلى الله عليه وسلم
قلت وقد كانوا أربعة عشر رجلا وقيل كانوا اثني عشر رجلا وذكر ابن اسحاق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث اليهم حذيفة بن اليمان فجمعهم له فأخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان من أمرهم وبما تمالئوا عليه ثم سرد ابن اسحاق أسماءهم قال وفيهم أنزل الله عز وجل وهموا بما لم ينالوا
وروى البيهقي من طريق محمد بن مسلمة عن أبي اسحاق عن الاعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن حذيفة بن اليمان قال كنت آخذا بخطام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم أقود به وعمار يسوق الناقة أو أنا أسوق الناقة وعمار يقود به حتى إذا كنا بالعقبة إذا باثني عشر رجلا قد اعترضوه فيها قال فأنبهت رسول الله صلى الله عليه وسلم فصرخ بهم فولوا مدبرين فقال لنا رسول الله هل عرفتم القوم قلنا لا يا رسول الله قد كانوا متلثمين ولكنا قد عرفنا الركاب قال هؤلاء المنافقون الى يوم القيامة وهل تدرون ما أرادوا قلنا لا قال ارادوا أن يزحموا رسول الله في العقبة فيلقوه منها قلنا يا رسول الله أولا تبعث إلى عشائرهم حتى يبعث اليك كل قوم برأس صاحبهم قال لا أكره أن يتحدث العرب بينها أن محمدا قاتل لقومه حتى إذا أظهره الله بهم أقبل عليهم يقتلهم ثم قال اللهم ارمهم بالدبيلة قلنا يا رسول الله وما الدبيلة قال هي شهاب من نار يقع على نياط قلب أحدهم فيهلك وفي صحيح مسلم من طريق شعبة عن قتادة عن أبي نضرة عن قيس بن عبادة قال قلت لعمار أرأيتم صنيعكم هذا فيما كان من أمر علي أرأي رأيتموه أم شيء عهده اليكم رسول الله فقال ما عهد الينا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا لم يعهده الى الناس كافة ولكن حذيفة أخبرني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في أصحابي اثنا عشر منافقا منهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط وفي رواية من وجه آخر عن قتادة إن في أمتي اثني عشر منافقا لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ثمانية منهم يكفيكهم الدبيلة سراج من النار يظهر بين أكتافهم حتى ينجم من صدورهم قال الحافظ البيهقي وروينا عن حذيفة أنهم كانوا أربعة عشر أو خمسة عشر وأشهد بالله أن اثنى عشر منهم حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد وعذر ثلاثة أنهم قالوا ما سمعنا المنادي ولا علمنا بما اراد وهذا الحديث قد رواه الامام احمد في مسنده قال حدثنا يزيد هو ابن هارون أخبرنا الوليد بن عبد الله بن جميع عن أبي الطفيل قال لما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة بتوك أمر مناديا فنادى إن رسول الله آخذ بالعقبة فلا يأخذها أحد يأخذها أحد فبينما رسول الله ص يقوده حذيفة ويسوقه عمار إذ أقبل رهط متلثمون على الرواحل فغشوا عمارا وهو يسوق برسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل عمار يضرب وجوه الرواحل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحذيفة قد قد حتى هبط رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوادي فلما هبط ورجع عمار
قال يا عمار هل عرفت القوم قال قد عرفت عامة الرواحل والقوم متلثمون قال هل تدري ما أرادوا قال الله ورسوله أعلم قال ارادوا أن ينفروا برسول الله فيطرحوه قال فسار عمار رجلا من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال نشدتك بالله كم تعلم كان أصحاب العقبة قال أربعة عشر رجلا فقال إن كنت فيهم فقد كانوا خمسة عشر قال فعذر رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم ثلاثة قالوا ما سمعنا منادي رسول الله وما علمنا ما أراد القوم فقال عمار أشهد أن الاثني عشر الباقين حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد
قصة مسجد الضرار
قال الله تعالى والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون لا تقم فيه ابدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المتطهرين أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أمن أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم والله عليم حكيم وقد تكلمنا على تفسير ما يتعلق بهذه الآيات الكريمة في كتابنا التفسير بما فيه كفاية ولله الحمد وذكر ابن اسحاق كيفية بناء هذا المسجد الظالم أهله وكيفية أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بخرابه مرجعه من تبوك قبل دخوله المدينة ومضمون ذلك أن طائفة من المنافقين بنوا صورة مسجد قريبا من مسجد قباء وأرادوا أن يصلي لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه حتى يروج لهم ما ارادوه من الفساد والكفر والعناد فعصم الله رسوله صلى الله عليه وسلم من الصلاة فيه وذلك أنه كان على جناح سفر إلى تبوك فلما رجع منها فنزل بذي أوان مكان بينه وبين المدينة ساعة نزل عليه الوحي في شأن هذا المسجد وهو قوله تعالى والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفروا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل الآية أما قوله ضرارا فلأنهم ارادوا مضاهاة مسجد قباء وكفرا بالله لا للايمان به وتفريقا للجماعة عن مسجد قباء وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وهو أبو عامر الراهب الفاسق قبحه الله وذلك أنه لما دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الاسلام فابى عليه ذهب الى مكة فاستنفرهم فجاؤا عام أحد فكان من أمرهم ما قدمناه فلما لم ينهض امره ذهب إلى ملك الروم قيصر ليستنصره على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو عامر على دين هرقل ممن تنصر معهم من العرب وكان يكتب إلى إخوانه الذين نافقوا يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا فكانت مكاتباته ورسله تفد اليهم كل حين فبنوا هذا المسجد في الصورة الظاهرة وباطنه دار حرب ومقر لمن
يفد من عند أبي عامر الراهب ومجمع لمن هو على طريقتهم من المنافقين ولهذا قال تعالى وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل ثم قال وليحلفن أي الذين بنوه إن أردنا إلا الحسنى أي غنما أردنا ببنائه الخير قال الله تعالى والله يشهد إنهم لكاذبون ثم قال الله تعالى الى رسوله لا تقم فيه أبدا فنهاه عن القيام فيه لئلا يقرر أمره ثم امره وحثه على القيام في المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم وهو مسجد قباء لما دل عليه السياق والاحاديث الواردة في الثناء على تطهير أهله مشيرة اليه وما ثبت في صحيح مسلم من أنه مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينافي ما تقدم لانه إذا كان مسجد قباء أسس على التقوى من أول يوم فمسجد الرسول أولى بذلك وأحرى وأثبت في الفضل منه وأقوى وقد أشبعنا القول في ذلك في التفسير ولله الحمد والمقصود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل بذي اوان دعا مالك بن الدخشم ومعن بن عدي أو أخاه عاصم بن عدي رضي الله عنهما فامرهما أن يذهبا إلى هذا المسجد الظالم أهله فيحرقاه بالنار فذهبا فحرقاه بالنار وتفرق عنه أهله
قال ابن اسحاق وكان الذين بنوه اثنى عشر رجلا وهم خذام بن خالد وفي جنب داره كان بناء هذا المسجد وثعلبة بن حاطب ومعتب بن قشير وأبو حبيبة بن الأزعر وعباد بن حنيف أخو سهل بن حنيف وجارية بن عامر وابناه مجمع وزيد ونبتل بن الحارث وبخرج وهو الى بني ضبيعة وبجاد بن عثمان وهو من بني ضبيعة ووديعة بن ثابت وهو الى بني أمية
قلت وفي غزوة تبوك هذه صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف عبد الرحمن بن عوف صلاة الفجر أدرك معه الركعة الثانية منها وذلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب يتوضأ ومعه المغيرة بن شعبة فابطأ على الناس فأقيمت الصلاة فتقدم عبد الرحمن بن عوف فلما سلم الناس أعظموا ما وقع فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسنتم وأصبتم وذلك فيما رواه البخاري رحمه الله قائلا حدثنا وقال البخاري حدثنا أحمد بن محمد حدثنا عبد الله بن المبارك أخبرنا حميد الطويل عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع من غزوة تبوك فدنا من المدينة فقال إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم فقالوا يا رسول الله وهم بالمدينة قال وهم بالمدينة حبسهم العذر تفرد به من هذا الوجه قال البخاري حدثنا خالد بن مخلد حدثنا سليمان حدثني عمرو بن يحيى عن العباس بن سهل بن سعد عن ابي حميد قال أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك حتى إذا اشرفنا على المدينة قال هذه طابة وهذا أحد جبل يحبنا ونحبه ورواه مسلم من حديث سليمان بن بلال به نحوه قال البخاري حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا سفيان عن الزهري عن السائب بن يزيد قال اذكر أني خرجت مع الصبيان نتلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم الى ثنية الوداع مقدمه من غزوة تبوك ورواه أبو داود والترمذي من حديث سفيان بن عيينة به وقال الترمذي حسن صحيح وقال البيهقي
أخبرنا أبو نصر بن قتادة أخبرنا أبو عمرو بن مطر سمعت أبا خليفة يقول سمعت ابن عائشة يقول لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة جعل النساء والصبيان والولائد يقلن
طلع البدر علينا * من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا * ما دعا لله داع
قال البيهقي وهذا يذكره علماؤنا عند مقدمه المدينة من مكة لا أنه لما قدم المدينة من ثنيات الوداع عند مقدمه من تبوك والله اعلم فذكرناه ها هنا أيضا قال البخاري رحمه الله حديث كعب ابن مالك رضي الله عنه حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أن عبد الله بن كعب بن مالك وكان قائد كعب من بنيه حين عمي قال سمعت كعب بن مالك يحدث حين تخلف عن قصة تبوك قال كعل لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها الا في غزوة تبوك غير أني كنت تخلفت في غزوة بدر ولم يعاتب احدا تخلف عنها انما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد عير قريش حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد ولقد شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة حتى تواثبنا على الاسلام وما أحب أن لي بها مشهد بدر وإن كانت بدر أذكر في الناس منها كان من خبري أني لم أكن قط أقوى ولا أيشر حين تخلفت عنه في تلك الغزوة والله ما اجتمعت عندي قبله راحلتان قط حتى جمعتهما في تلك الغزاة ولم يكن رسول الله يريد غزوة الا ورى بغيرها حتى كانت تلك الغزوة غزاها رسول الله في حر شديد واستقبل سفر بعيدا وعددا وعدادا كثيرا فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم فأخبرهم بوجهه الذي يريد والمسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير ولا يجمعهم كتاب حافظ يريد الديوان قال كعب فما رجل يريد أن يتغيب الا ظن أن يستخفي له ما لم ينزل فيه وحي الله وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال وتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه فطفقت أغدو لكي أتجهز معهم فارجع ولم اقض شيئا فاقول في نفسي أنا قادر عليه فلم يزل يتمادى بي حتى اشتد بالناس الجد فاصبح رسول الله والمسلمون معه ولم أقض من جهازي شيئا فقلت أتجهز بعد يوم أو يومين ثم ألحقهم فغدوت بعد أن فصلوا لأتجهز فرجعت ولم اقض شيئا ثم غدوت ثم رجعت ولم أقض شيئا فلم يزل بي حتى اسرعوا وتفارط الغزو وهممت أن ارتحل فادركهم وليتني فعلت فلم يقدر لي ذلك فكنت اذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله فطفت فيهم أحزنني أني لا ارى إلا رجلا مغموصا عليه النفاق أو رجلا ممن عذر الله من الضعفاء ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك فقال وهو جالس في القوم بتبوك ما فعل كعب فقال
رجل من بني سلمة يا رسول الله حبسه براده ونظره في عطفيه فقال معاذ بن جبل بئس ما قلت والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرا فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كعب بن مالك قال فلما بلغني أنه توجه قافلا حضرني همي وطفقت أتذكر الكذب وأقول بماذا أخرج غدا من سخطه واستعنت على ذلك بكل ذي رأي من أهلي فلما قيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أظل قادما زاح عني الباطل وعرفت أني لن أخرج منه أبدا بشيء من كذب فاجمعت صدقه وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قادما فكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين ثم جلس للناس فلما فعل ذلك جاء المخلفون فطفقوا يعتذرون اليه ويحلفون له وكانوا بضعة وثمانين رجلا فقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علانيتهم وبايعهم واستغفر لهم ووكل سرائرهم الى الله عز وجل فجئته فما سلمت عليه تبسم تبسم المغضب ثم قال تعال فجئت أمشي حتى جلست بين يديه فقال لي ما خلفك ألم تكن د ابتعت ظهرك فقلت بلى وإني والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرايت أن سأخرج من سخطه بعذر ولقد اعطيت جدلا ولكني والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عني ليوشكن الله أن يسخطك علي ولئن حدثتك حديث صدق تجد علي فيه إني لارجو فيه عفو الله لا والله ما كان لي عذر ووالله ما كنت قط اقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما هذا فقد صدق فقم حتى يقضي الله فيك فقمت فثار رجال من بني سلمة فاتبعوني فقالوا لي والله ما علمناك كنت أذنبت ذنبا قبل هذا ولقد عجزت أن لا تكون اعتذرت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر اليه المخلفون وقد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لك فوالله ما زالوا يؤنبوننى حتى ههمت أن أرجع فاكذب نفسي ثم قلت لهم هل لقي هذا معي أحد قالوا نعم رجلان قالا مثل ما قلت وقيل لهما مثل ما قيل لك فقلت من هما قالوا مرارة بن الربيع العمري وهلال بن أمية الواقفي فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا فيهما أسوة فمضيت حين ذكروهما ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف فاجتنبنا الناس وتغيروا لنا حتى تنكرت في نفسي الارض فما هي التي اعرف فلبثنا على ذلك خمسين ليلة فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم فكنت أخرج فاشهد الصلاة مع المسلمين وأطوف في الاسواق ولا يكلمني أحد وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة وأقول في نفسي هل حرك شفتيه برد السلام علي أم لا ثم اصلي قريبا منه فأسارقه النظر فاذا أقبلت على صلاتي أقبل الي واذا التفت نحوه أعرض عني حتى اذا طال على ذلك من جفوة الناس مشيت حتى تسورت جدار حائط أبي قتادة وهو ابن عمي وأحب الناس الي فسلمت عليه فوالله ما رد علي السلام فقلت يا ابا قتادة أنشدك بالله هل تعلمني أحب الله
ورسوله فسكت فعدت له فنشدته فسكت فعدت له فنشدته فقال الله ورسوله أعلم ففاضت عيناي وتوليت حتى تسورت الجدار قال وبينا أنا أمشي بسوق المدينة اذا نبطي من أنباط أهل الشام ممن قدم بطعام يبيعه بالمدينة يقول من يدلني على كعب بن مالك فطفق الناس يشيرون له حتى اذا جاءني دفع الي كتابا من ملك غسان في سرقة من حرير فاذا فيه أما بعد فانه قد بلغني أن صاحبك قد جفاك ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة فالحق بنا نواسيك فقلت لما قرأتها وهذا أيضا من البلاء فتيممت بها التنور فسجرته بها فأقمنا على ذلك حتى اذا مضت أربعون ليلة من الخمسين اذا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني فقال رسول الله يأمرك أن تعتزل امرأتك فقلت أطلقها أم ماذا أفعل قال لا بل اعتزلها ولا تقربها وأرسل الى صاحبي بمثل ذلك فقلت لامرأتي الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر قال كعب فجاءت امرأة هلال بن أمية الى رسول الله فقالت يا رسول الله إن هلال بن أمية شيخ ضائع ليس له خادم فهل تكره أن أخدمه قال لا ولكن لا يقربك قالت إنه والله ما به حركة إلى شيء والله ما زال يبكي منذ كان من أمره ما كان الى يومه هذا فقال لي بعض أهلي لو استأذنت رسول الله في امرأتك كما استأذن هلال ابن أمية أن تخدمه فقلت والله لا أستأذن فيها رسول الله وما يدريني ما يقول رسول الله إذا استأذنته فيها وأنا رجل شاب قال فلبثت بعد ذلك عشر ليال حتى كملت خمسون ليلة من حين نهى رسول الله عن كلامنا فلما صليت الفجر صبح خمسين ليلة وأنا على ظهر بيت من بيوتنا فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله عز وجل قد ضاقت على نفسى وضاقت على الارض بما رحبت سمعت صوت صارخ أو في على جبل سلع يقول بأعلى صوته يا كعب ابشر فخررت ساجدا وعرفت أن قد جاء فرج وآذن رسول الله للناس بتوبة الله علينا حين صلى صلاة الفجر فذهب الناس يباشروننا وذهب قبل صاحبي مبشرون وركض رجل الي فرسا وسعى ساع من أسلم فأوفى على الجبل فكان الصوت أسرع من الفرس فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت له ثوبي فكسوته إياهما ببشراه والله ما أملك غيرهما يومئذ واستعرت ثوبين فلبستهما وانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلقاني الناس فوجا فوجا يهنئوني بالتوبة يقولون ليهنك توبة الله عليك قال كعب حتى دخلت المسجد فاذا برسول الله صلى الله عليه وسلم جالس حوله الناس فقام إلي طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني والله ما قام إلي رجل من المهاجرين غيره ولا أنساها لطلحة قال كعب فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبرق وجهه من السرور أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك قال قلت أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله قال لا بل من عند الله وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا سر استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمر وكنا نعرف ذلك منه فلما جلسنا بين
يديه قلت يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة الى الله وإلى رسوله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك قلت فاني أمسك سهمي الذي بخيبر وقلت يا رسول الله إن الله إنما نجاني بالصدق وإن من توبتي ألا أتحدث إلا صدقا ما بقيت فوالله ما أعلم أحدا من المسلمين ابلاه الله في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله أحسن مما أبلاني ما شهدت منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا كذبا واني لارجو ان يحفظني الله فيما بقيت وأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والانصار الى قوله وكونوا مع الصادقين فوالله ما أنعم الله علي من نعمة قط بعد أن هداني للاسلام أعظم في نفسي من صدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوا فان الله تعالى قال للذين كذبوا حين أنزل الوحي شر ما قال لاحد قال الله تعالى سيحلفون بالله لكم اذا انقلبتم اليهم لتعرضوا عنهم الى قوله فان الله لا يرضى عن القوم الفاسقين قال كعب وكنا تخلفنا أيها الثلاثة عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله حين حلفوا له فبايعهم واستغفر لهم وأرجأ رسول الله أمرنا حتى قضى الله فيه فبذلك قال الله تعالى وعلى الثلاثة الذين خلفوا ليس الذي ذكر الله مما خلفنا من الغزو وانما هو تخليفه إيانا وإرجاؤه امرنا عمن حلف له واعتذر اليه فقبل منهم وهذا رواه مسلم من طريق الزهري بنحوه وهكذا رواه محمد بن اسحاق عن الزهري مثل سياق البخاري وقد سقناه في التفسير من مسند الامام احمد وفيه زيادات يسيرة ولله الحمد والمنة
ذكر اقوام تخلفوا من العصاة غير هؤلاء
قال علي بن طلحة الوالبي عن ابن عباس في وقوله تعالى وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله هو التواب الرحيم قال كانوا عشرة رهط تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فلما حضروا رجوعه أوسق سبعة منهم أنفسهم بسواري المسجد فلما مر بهم رسول الله قال من هؤلاء قالوا أبا لبابة وأصحاب له تخلفوا عنك حتى تطلقهم وتعذرهم قال وأنا أقسم بالله لا أطلقهم ولا أعذرهم حتى يكون الله عز وجل هو الذي يطلقهم رغبوا عني وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين فلما أن بلغهم ذلك قالوا ونحن لا نطلق أنفسنا حتى يكون الله هو الذي يطلقنا فانزل الله عز وجل وآخرون اعترفوا بذنوبهم الآية وعسى من الله واجب فلما أنزلت ارسل اليهم رسول الله فاطلقهم وعذرهم فجاؤا باموالهم وقالوا يا رسول الله هذه أموالنا
فتصدق بها عنا واستغفر لنا فقال ما أمرت أن آخذ أموالكم فانزل الله خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم وان الله سميع عليم الى قوله وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم وهم الذين لم يربطوا أنفسهم بالسواري فارجئوا حتى نزل قوله تعالى لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والانصار الذين خلفوا الى آخرها وكذا رواه عطية بن سعيد العوفي عن ابن عباس بنحوه
وقد ذكر سعيد بن المسيب ومجاهد ومحمد بن اسحاق قصة أبي لبابة وما كان من أمره يوم بني قريظة وربط نفسه حتى تيب عليه ثم إنه تخلف عن غزوة تبوك فربط نفسه أيضا حتى تاب الله عليه وأراد أن ينخلع من ماله كله صدقة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم يكفيك من ذلك الثلث قال مجاهد وابن اسحاق فيه نزل وآخرون اعترفوا بذنوبهم الآية قال سعيد بن المسيب ثم لم ير منه بعد ذلك في الاسلام الا خيرا رضي الله عنه وأرضاه
قلت ولعل هؤلاء الثلاثة لم يذكروا معه بقية اصحابه واقتصروا على أنه كان كالزعيم لهم كما دل عليه سياق ابن عباس والله أعلم وروى الحافظ البيهقي من طريق أبي أحمد الزبيري عن سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن عياض بن عياض عن ابيه عن ابن مسعود قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن منكم منافقين فمن سميت فليقم قم يا فلان قم يا فلان قم يا فلان حتى عد ستة وثلاثين ثم قال إن فيكم أو إن منكم منافقين فسلوا الله العافية قال فمر عمر برجل متقنع وقد كان بينه وبينه معرفة فقال ما شأنك فاخبره بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بعدا لك سائر اليوم
قلت كان المتخلفون عن غزوة تبوك أربعة أقسام مأمورون مأجورون كعلي بن ابي طالب ومحمد بن مسلمة وابن أم كلثوم ومعذورون وهم الضعفاء والمرضى والمقلون وهم البكاؤن وعصاة مذنبون وهم الثلاثة أبو لبابة وأصحابه المذكورون وآخرون ملومون مذمومون وهم المنافقون
ما كان من الحوادث بعد منصرفه من تبوك
قال الحافظ البيهقي حدثنا أبو عبد الله الحافظ إملاء أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا أبو البختري عبد الله بن شاكر حدثنا زكريا بن يحيى حدثنا عم ابي زخر بن حصن عن جده حميد بن منهب قال سمعت جدي خريم بن أوس بن حارثة بن لام يقول هاجرت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم منصرفه من تبوك فسمعت العباس بن عبد المطلب يقول يا رسول الله إني أريد أن أمتدحك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قل لا يفضض الله فيما شك فقال
من قبلها طبت في الظلال وفي * مستودع حيث يخصف الورق
ثم هبطت البلاد لا بشر * أنت ولا نطفة ولا علق
بل نطفة تركب السفين وقد * ألجم نسرا وأهله الغرق
تنقل من صالب إلى رجم * إذا مضى عالم بدا طبق
حتى احتوى بيتك المهيمن من * خندف علياء تحتها النطق
وأنت لما ولدت أشرقت الأر * ض فضاءت بنورك الأفق
فنحن في ذلك الضياء وفي النور وسبل الرشاد يخترق
ورواه البيهقي من طريق اخرى عن أبي السكن زكريا بن يحيى الطائي وهو في جزء له مروى عنه قال البيهقي وزاد ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الحيرة البيضاء رفعت لي وهذه الشيماء بنت نفيلة الازدية على بغلة شهباء معتجرة بخمار أسود فقلت يا رسول الله إن نحن دخلنا الحيرة فوجدتها كما تصف فهي لي قال هي لك قال ثم كانت الردة فما ارتد أحد من طيء وكنا نقاتل من يلينا من العرب على الاسلام فكنا نقاتل قيسا وفيها عيينة بن حصن وكنا نقاتل بني أسد وفيهم طلحة بن خويلد وكان خالد بن الوليد يمدحنا وكان فيما قال فينا
جزى الله عنا طيئا في ديارها * بمعترك الابطال خير جزاء
هموا أهل رايات السماحة والندى * إذا ما الصبا ألوت بكل خباء
هموا ضربوا قيسا على الدين بعدما * أجابوا منادي ظلمة وعماء
قال ثم سار خالد إلى مسيلمة الكذاب فسرنا معه فلما فرغنا من مسيلمة أقبلنا إلى ناحية البصرة فلقينا هرمز بكاظمة في جيش هو اكبر من جمعنا ولم يكن احد من العجم أعدى للعرب والاسلام من هرمز فخرج اليه خالد ودعاه الى البراز فبرز له فقتله خالد وكتب بخبره الى الصديق فنفله سلبه فبلغت قلنسوة هرمز مائة الف درهم وكانت الفرس اذا شرف فيها الرجل جعلت قلنسوته بمائة ألف درهم قال ثم قفلنا على طريق الطف الى الحيرة فأول من تلقانا حين دخلناها الشيماء بنت نفيلة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة شهباء معتجرة بخمار أسود فتعلقت بها وقلت هذه وهبها لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاني خالد عليها بالبينة فأتيته بها وكانت البينة محمد بن مسلمة ومحمد بن بشير الانصاري فسلمها لي فنزل إلي أخوها عبد المسيح يريد الصلح فقال بعينها فقلت لا أنقصها والله عن عشرة مائة درهم فاعطاني ألف درهم وسلمتها اليه فقيل لو قلت مائة ألف لدفعها اليك فقلت ما كنت أحسب أن عددا أكثر من عشر مائة
قدوم وفد ثقيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان من سنة تسع
تقدم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ارتحل عن ثقيف سئل أن يدعو عليهم فدعا لهم بالهداية وقد تقدم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اسلم مالك بن عوف النضري أنعم عليه وأعطاه وجعله أميرا على من أسلم من قومه فكان يغزو بلاد ثقيف ويضيق عليهم حتى ألجأهم الى الدخول في الاسلام وتقدم أيضا فيما رواه أبو داود عن صخر بن العيلة الاحمسي أنه لم يزل بثقيف حتى أنزلهم من حصنهم على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل بهم الى المدينة النبوية بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم له في ذلك