ذكر اقوام تخلفوا من العصاة غير هؤلاء
 

قال علي بن طلحة الوالبي عن ابن عباس في وله تعالى وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله هو التواب الرحيم قال كانوا عشرة رهط تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فلما حضروا رجوعه أوسق سبعة منهم أنفسهم بسواري المسجد فلما مر بهم رسول الله قال من هؤلاء قالوا أبا لبابة وأصحاب له تخلفوا عنك حتى تطلقهم وتعذرهم قال وأنا أقسم بالله لا أطلقهم ولا أعذرهم حتى يكون الله عز وجل هو الذي يطلقهم رغبوا عني وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين فلما أن بلغهم ذلك قالوا ونحن لا طلق أنفسنا حتى يكون الله هو الذي يطلقنا فانزل الله عز وجل وآخرون اعترفوا بذنوبهم الآية وعسى من الله واجب فلما أنزلت ارسل اليهم رسول الله فاطلقهم وعذرهم فجاؤا باموالهم وقالوا يا رسول الله هذه أموالنا
فتصدق بها عنا واستغفر لنا فقال ما أمرت أن آخذ أموالكم فانزل الله خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم وان الله سميع عليم الى قوله وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم وهم الذين لم يربطوا أنفسهم بالسواري فارجئوا حتى نزل قوله تعالى لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والانصار الذين حلفوا الى آخرها وكذا رواه عطية بن سعيد العوفي عن ابن عباس بنحوه
وقد ذكر سعيد بن المسيب ومجاهد ومحمد بن اسحاق قصة أبي لبابة وما كان من أمره يوم بني قريظة وربط نفسه حتى تيب عليه ثم إنه تخلف عن غزوة تبوك فربط نفسه أيضا حتى تاب الله عليه وأراد أن ينخلع من ماله كله صدقة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم يكفيك من ذلك الثلث قال مجاهد وابن اسحاق فيه نزل وآخرون اعترفوا بذنوبهم الآية قال سعيد بن المسيب ثم لم ير منه بعد ذلك في الاسلام الا خيرا رضي الله عنه وأرضاه
قلت ولعل هؤلاء لم يذكروا معه بقية اصحابه واقتصروا على أنه كان الزعيم لهم كما دل عليه سياق ابن عباس والله أعلم وروى الحافظ البيهقي من طريق أبي أحمد الزبيري عن سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن عياض عن ابيه عن ابن مسعود قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن فيكم أو إن منكم منافقين فسلوا الله العافية قال فمر عمر برجل متقنع وقد كان بينه وبينه معرفة فقال ما شأنك فاخبره بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بعدا لك سائر اليوم
قلت كان المتخلفون عن غزوة تبوك أربعة أقسام مأمورون مأجورون كعلي بن ابي طالب ومحمد بن مسلمة وابن أم كلثوم ومعذورون وهم الضعفاء والمرضى والمقلون وهم البكاؤن وعصاة مذنبون وهم الثلاثة أبو لبابة وأصحابه المذكورون وآخرون ملومون مذمومون وهم المنافقون