وفد بني عبد القيس
 

ثم قال البخاري بعد وفد بني تميم باب وفد عبد القيس حدثنا أبو اسحاق حدثنا أبو عامر العقدي حدثنا قرة عن أبي حمزة قال قلت لابن عباس إن لي جرة ينتبذ لي فيها فاشربه حلوا في حي إن أكثرت منه فجالست القوم فاطلت الجلوس خشيت أن أفتضح فقال قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مرحبا بالقوم غير خزايا ولا الندامي فقال يا رسول الله إن بيننا وبينك المشركين من مضر وإنا لا نصل اليك إلا في الشهر الحرام فحدثنا بجميل من الأمر أن عملنا به دخلنا الجنة وندعوا به من وراءنا قال آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع الايمان بالله هل تدرون ما الايمان بالله شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وأن تعطوا من المغانم الخمس وأنهاكم عن أربع ما ينتبذ في الدباء والنقير والحنتم والمزفت وهكذا وراه مسلم من حديث قرة بن خالد عن أبي حمزة وله طرق في الصحيحين عن أبي حمزة وقال أبو
داود الطيالسي في مسنده حدثنا شعبة عن أبي حمزة سمعت ابن عباس يقول إن وفد عبد القيس لما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ممن القوم قالوا من ربيعة قال مرحبا بالوفد غير الخزايا ولا الندامى فقالوا يا رسول الله إنا حي من ربيعة وإنا نأتيك شقة بعيدة وإنه يحول بيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر وإنا لا نصل اليك إلا في شهر الحرام فمرنا بأمر فصل ندعوا اليه من وراءنا وندخل به الجنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم آمركم باربع وأنهاكم عن أربع آمركم بالايمان بالله وحده أتدرون ما الايمان بالله شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وأن تعطوا من المغانم الخمس وأنهاكم عن أربع عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت وربما قال والمقير فاحفظوهن وادعوا اليهن من وراءكم وقد اخرجاه صاحبا الصحيحين من حديث شعبة بنحوه وقد رواه مسلم من حديث سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد بحديث قصتهم بمثل هذا السياق وعنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لاشج عبد القيس إن فيك لخلتين يحبهما الله عز وجل الحلم والاناة وفي رواية يحبهما الله ورسوله فقال يا رسول الله نخلقتهما أم جبلني الله عليهما فقال جبلك الله عليهما فقال الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله ورسوله
وقال الامام احمد حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم حدثنا مطر بن عبد الرحمن سمعت هند بنت الوزاع أنها سمعت الوزاع يقول أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم والاشج المنذر بن عامر أو عامر بن المنذر ومعهم رجل مصاب فانتهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبوا من رواحلهم فاتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبلوا يده ثم نزل الاشج فعقل راحلته وأخرج عيبته ففتحها فاخرج ثوبين أبيضين من ثيابه فلبسهما ثم أتى رواحلهم فعقلها فاتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا أشج إن فيك خصلتين يحبهما الله عز وجل ورسوله الحلم والأناة فقال يا رسول الله أنا تخلقتهما أو جبلني الله عليهما فقال بل جبلك الله عليهما قال الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله عز وجل ورسوله فقال الوازع يا رسول الله إن معي خالا لي مصابا فادع الله له فقال أين هو آتيني به قال فصنعت مثل ما صنع الاشج البسته ثوبيه وأتيته فاخذ من ورائه يرفعها حتى راينا بياض إبطه ثم ضرب بظهره فقال أخرج عدو الله فولى وجهه وهو ينظر بنظر رجل صحيح وروى الحافظ البيهقي من طريق هود بن عبد الله بن سعد أنه سمع جده مزيدة العبدي قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث أصحابه إذ قال لهم سيطلع من هاهنا ركب هم خير أهل المشرق فقام عمر فتوجه نحوهم فتلقى ثلاثة عشر راكبا فقال من القوم فقالوا من بني عبد القيس قال فما اقدمكم هذه البلاد التجارة قالوا
لا قال أما أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ذكركم آنفا فقال خيرا ثم مشوا معه حتى أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال عمر للقوم وهذا صاحبكم الذي تريدون فرمى القوم بانفسهم عن ركائبهم فمنهم من مشى ومنهم من هرول ومنهم من سعى حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخذوا بيده فقبلوها وتخلف الاشج في الركاب حتى أناخها وجمع متاع القوم ثم جاء يمشي حتى أخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبلها فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن فيلك خلتين يحبهما الله ورسوله قال جبل جبلت أم تخلقا مني قال بل جبل فقال الحمد لله الذي جبلني على ما يحب الله ورسوله
وقال ابن اسحاق وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم الجارود بن عمرو بن حنش أخو عبد القيس قال ابن هشام وهو الجارود بن بشر بن المعلى في وفد عبد القيس وكان نصرانيا قال ابن اسحاق وحدثني من لا أتهم عن الحسن قال فلما انتهى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمه فعرض عليه الاسلام ودعاه اليه ورغبه فيه فقال يا محمد إني كنت على دين وإني تارك ديني لدينك أفتضمن لي ديني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم أنا ضامن أن قد هداك الله الى ما هو خير منه قال فاسلم وأسلم أصحابه ثم سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحملان فقال والله ما عندي ما احملكم عليه قال يا رسول الله إن بيننا وبين بلادنا ضوالا من ضوال الناس أفنتبلغ عليها الى بلادنا قال لا إياك وإياها فانما تلك حرق النار قال فخرج الجارود راجعا الى قومه وكان حسن الاسلام صلبا على دينه حتى هلك وقد أدرك الردة فلما رجع من قومه من كان أسلم منهم الى دينهم الأول مع الغرور بن المنذر بن النعمان بن المنذر قام الجارود فتشهد شهادة الحق ودعا الى الاسلام فقال ايها الناس إني اشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله واكفر من لم يشهد وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث العلاء بن الحضرمي قبل فتح مكة الى المنذر بن ساوى العبدي فاسلم فحسن اسلامه ثم هلك بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ردة أهل البحرين والعلاء عنده أميرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم على البحرين ولهذا روى البخاري من حديث ابراهيم بن طهمان عن أبي حمزة عن ابن عباس قال أول جمعة جمعت في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد عبد القيس بحونا من البحرين وروى البخاري عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخر الركعتين بعد الظهر بسبب وفد عبد القيس حتى صلاهما بعد العصر في بيتها
قلت لكن في سياق ابن عباس ما يدل على أن قدوم وفد عبد القيس كان قبل فتح مكة لقولهم وبيننا وبينك هذا الحي من مضر لا نصل اليك إلا في شهر حرام والله أعلم