فصل في ايراد حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه في حجة رسول الله
 
صلى الله عليه وسلم وهو وحده منسك مستقل رأينا أن إيراده ههنا أنسب لتضمنه التلبية وغيرها كما سلف وما سيأتي فنورد طرقه وألفاظه ثم نتبعه بشواهده من الاحاديث الواردة في معناه وبالله المستعان قال الامام احمد حدثنا يحيى بن سعيد ثنا جعفر بن محمد حدثني أبي قال أتينا جابر بن عبد الله وهو في بني سلمة فسألناه عن حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث في المدينة تسع سنين لم يحج ثم أذن في الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاج في هذا العام قال فنزل المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم ويفعل ما يفعل فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لخمس بقين من ذي القعدة وخرجنا معه حتى اذا أتى ذا الحليفة نفست اسماء بنت عميس بمحمد بن أبي بكر فأرسلت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أصنع قال اغتسلي ثم استثفري بثوب ثم أهلي فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اذا استوت به ناقته على البيداء أهل بالتوحيد لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ولبى الناس والناس يزيدون ذا المعارج ونحوه من الكلام والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع فلم يقل لهم شيئا فنظرت مد بصري بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم من راكب وماش ومن خلفه كذلك وعن يمينه مثل ذلك وعن شماله مثل ذلك قال جابر ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا عليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله وما عمل به من شيء عملناه فخرجنا لا ننوي إلا الحج حتى إذا أتينا الكعبة فاستلم نبي الله صلى الله عليه وسلم الحجر الاسود ثم رمل ثلاثة ومشى أربعة حتى اذا فرغ عمد الى مقام ابراهيم فصلى خلفه
ركعتين ثم قرأ واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى قال احمد وقال أبو عبد الله يعني جعفر فقرأ فيهما بالتوحيد وقل يا أيها الكافرون ثم استلم الحجر وخرج الى الصفا ثم قرأ إن الصفا والمروة من شعائر الله ثم قال نبدأ بما بدأ الله به فرقي على الصفا حتى اذا نظر الى البيت كبر ثم قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله وحده أنجز وعده وصدق وعده وهزم أو غلب الأحزاب وحده ثم دعا ثم رجع الى هذا الكلام ثم نزل حتى اذا انصبت قدماه في الوادي رمل حتى اذا صعد مشى حتى إذا أتى المروة فرقي عليها حتى نظر الى البيت فقال عليها كما قال على الصفا فلما كان السابع عند المروة قال يا أيها الناس إني لو استقبلت من امرئ ما استدبرت لم أسق الهدي ولجعلتها عمرة فمن لم يكن معه هدي فليلل وليجعلها عمرة فحل الناس كلهم فقال سراقة بن مالك بن جعثم وهو في أسفل الوادي يا رسول الله ألعامنا هذا أم للأبد فشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه فقال للأبد ثلاث مرات ثم قال دخلت العمرة في الحج الى يوم القيامة قال وقدم علي من اليمن بهدي وساق رسول الله صلى الله عليه وسلم معه هدي من المدينة هديا فاذا فاطمة قد حلت ولبست ثيابا صبيغا واكتحلت فأنكر ذلك عليها فقالت أمرني به أبي قال قال علي بالكوفة قال جعفر قال الى هذا الحرف لم يذكره جابر فذهبت محرشا استفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذي ذكرت فاطمة قلت إن فاطمة لبست ثيابا صبيغا واكتحلت وقال أمرني أبي قال صدقت صدقت أنا أمرتها به وقال جابر وقال لعلي بم أهللت قال قلت اللهم إني أهل لما أهل به رسولك قال ومعي الهدي قال فلا تحل قال وكان جماعة الهدي الذي أتى به علي من اليمن والذي أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة فنحر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا وستين ثم أعطى عليا فنحر ما غبر وأشركه في هديه ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فـأكلا من لحمها وشربا من مرقها ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نحرت ههنا ومني كلها منحر ووقف بعرفة فقال وقفت ههنا وعرفة كلها موقف ووقف بالمزدلفة وقال وقفت ههنا والمزدلفة كلها موقف هكذا أورد الامام احمد هذا الحديث وقد اختصر آخره جدا ورواه الامام مسلم بن الحجاج في المناسك من صحيحه عن أبي بكر بن أبي شيبة واسحاق بن ابراهيم كلاهما عن حاتم بن اسماعيل عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب عن أبيه عن جابر بن عبد الله فذكره وقد أعلمنا على الزيادات المتفاوتة من سياق احمد ومسلم الى قوله عليه السلام لعلي صدقت صدقت ماذا قلت حين فرضت الحج قال قلت اللهم إني أهل بما أهل به رسولك صلى الله عليه وسلم قال علي فان معي الهدي قال فلا تحل قال فكان جماعة الهدي الذي قدم به علي من اليمن والذي أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة قال فحل الناس كلهم
وقصروا إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدي فلما كان يوم التروية توجهوا الى منى فأهلوا بالحج وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس وأمر بقبةله من شعر فضربت له بنمرة فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى اذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له فأتى بطن الوادي فخطب الناس وقال إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ودماء الجاهلية موضوعة وان أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث كان مسترضعا في بنى سعد فقتلته هذيل ورباء الجاهليه موضوع وأول ربا أضعه من ربانا ربا العباس بن عبد المطلب فانه موضوع كله واتقوا الله في النساء فانكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهم أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكوهونه فان فعلن فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف وقد تركت فيكم ما لم تضلوا بعده ان اعتصمتم به كتاب الله وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون قالوا نشهد أنك قد بلغت ونصحت وأديت فقال بأصبعه السبابة يرفعها الى السماء وينكتها الى الناس اللهم اشهد اللهم اشهد ثلاث مرات ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر ثم اقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئا ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصوى الى الصخرات وجعل جبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرص وأردف اسامة بن زيد خلفه ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق القصواء الزمام حتى أن رأسها لتصيب مورك رجله ويقول بيده اليمنى أيها الناس السكينة السكينة كلما أتى جبلا من الجبال أرخى لها قليلا حتى تصعد حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئا ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر فصلى الفجر حتى تبين له الصبح بأذان واقامة ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعا فحمد الله وكبره وهلله ووحده فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا ودفع قبل أن تطلع الشمس وأردف الفضل بن العباس وكان رجلا حسن الشعر أبيض وسيما فلما دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت ظعن بجرين فطفق الفضل ينظر اليهن فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على وجه الفضل فحول الفضل يده الى الشق الاخر فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من الشق الآخر على وجه الفضل فصرف وجهه من الشق الآخر ينظر حتى اذا أتى بطن محسر فحرك قليلا ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع
حصيات يكبر مع كل حصاة منها حصى الخذف رمى من بطن الوادي ثم انصرف الى المنحر فنحر ثلاثا وستين بيده ثم أعطى عليا فنحر ما غبر وأشركه في هديه ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فـأكلا من لحمها وشربا من مرقعها ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض الى البيت فصلى بمكة الظهر فأتى بني عبد المطلب وهم يستقون على زمزم فقال أنزعوا بني عبد المطلب فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم فناولوه دلوا فشرب منه ثم رواه مسلم عن عمر بن حفص عن أبيه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر فذكره بنحوه وذكر قصة أبي سنان وأنه كان يدفع بأهل الجاهلية على حمار عري وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نحرت ههنا ومنى كلها منحر فانحروا في رحالكم ووقفت ههنا وعرفة كلها موقف ووقفت ههنا وجمع كلها موقف وقد رواه أبو داود بطوله عن النفيلي وعثمان بن ابي شيبة وهشام بن عمار وسليمان بن عبد الرحمن وربما زاد بعضهم على بعض الكلمة والشيء أربعتهم عن حاتم بن اسماعيل عن جعفر بنحو من رواية مسلم وقد رمزنا لبعض زياداته عليه ورواه أبو داود أيضا والنسائي عن يعقوب بن ابراهيم عن يحيى بن سعيد القطان عن جعفر به ورواه النسائي أيضا عن محمد بن المثنى عن يحيى بن سعيد ببعضه عن ابراهيم بن هارون البلخي عن حاتم بن اسماعيل ببعضه