ذكر طوافه صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة
 

روى مسلم في صحيحه عن جابر في حديثه الطويل المتقدم بعد ذكره طوافه عليه السلام بالبيت سبعا وصلاته عند المقام ركعتين قال ثم رجع الى الركن فاستلمه ثم خرج من الباب الى الصفا فلما
دنا من الصفا قرأ إن الصفا والمروة من شعائر الله أبدأ بما بدأ الله به فبدأ بالصفا فرقي عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره وقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ثم دعا بين ذلك فقال مثل هذا ثلاث مرات ثم نزل حتى اذا انصبت قدماه في الوادي رمل حتى إذا صعد مشى حتى أتى المروة فرقي عليها حتى نظر الى البيت فقال عليها كما قال على الصفا وقال الامام احمد ثنا عمر ابن هارون البلخي أبو حفص ثنا ابن جريج عن بعض بني يعلى بن أمية عن أبيه قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم مضطبعا بين الصفا والمروة ببرد له نجراني وقال الامام احمد ثنا يونس ثنا عبد الله بن المؤمل عن عمر بن عبد الرحمن ثنا عطية عن حبيبة بنت أبي تجزأة قالت دخلت دار حصين في نسوة من قريش والنبي صلى الله عليه وسلم يطوف بين الصفا والمروة قالت وهو يسعى يدور به إزاره من شدة السعي وهو يقول لأصحابه اسعوا إن الله كتب عليكم السعي وقال احمد أيضا ثنا شريح ثنا عبد الله ابن المؤمل ثنا عطاء بن أبي رباح عن صفية بنت شيبة عن حبيبة بنت أبي تجزأة قالت رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يطوف بين الصفا والمروة والناس بين يديه وهو وراءهم وهو يسعى حتى أرى ركبتيه من شدة السعي يكور به إزاره وهو يقول اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي تفرد به أحمد وقد رواه احمد أيضا عن عبد الرزاق عن معمر عن واصل مولى أبي عيينة عن موسى بن عبيدة عن صفية بنت شيبة أن امرأة أخبرتها أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة قول كتب عليكم السعي فاسعوا وهذه المرأة هي حبيبة بنت أبي تجزأة المصرح بذكرها في الاسنادين الأولين وعن أم ولد شيبة بن عثمان أنها أبصرت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يسعى بين الصفا والمروة وهو يقول لا يقطع الأبطح الأسدا رواه النسائي والمراد بالسعي هاهنا هو الذهاب من الصفا الى اولمروة ومنها اليها وليس المراد بالسعي ههنا الهرولة والاسراع فإن الله لم يكتبه علينا حتما بل لو مشى الانسان على هينة في السبع الطوافات بينهما ولم يرمل في المسيل أجزأه ذلك عند جماعة العلماء لا نعرف بينهم اختلافا في ذلك وقد نقله الترمذي رحمه الله عن أهل العلم ثم قال ثنا يوسف بن عيسى ثنا ابن فضيل عن عطاء بن السائب عن كثير بن جهمان قال رأيت ابن عمر يمشي في المسعى فقلت فقلت أتمشي في السعي بين الصفا والمروة فقال لئن سعيت فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسعى ولئن مشيت لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي وأنا شيخ كبير ثم قال هذا حديث حسن صحيح وقد روى سعيد ابن جبير عن ابن عباس نحو هذا وقد رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث عطاء بن السائب عن كثير بن جهمان السلمي الكوفي عن ابن عمر فقول ابن عمر إنه شاهد الحالين منه صلى الله عليه وسلم
يحتمل شيئين أحدهما أنه رآه يسعى في وقت ماشيا لم يمزجه برمل فيه بالكلية والثاني أنه رآه يسعى في بعض الطريق ويمشي في بعضه وهذا له قوة لأنه قد روى البخاري ومسلم من حديث عبيد الله بن عمر العمري عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسعى بطن المسيل اذا طاف بين الصفا والمروة وتقدم في حديث جابر أنه عليه السلام نزل من الصفا فلما انصبت قدماه في الوادي رمل حتى إذا صعد مشى حتى أتى المروة وهذا هو الذي تستحبه العلماء قاطبة أن الساعي بين الصفا والمروة وتقدم في حديث جابر يستحب له أن يرمل في بطن الوادي في كل طوافه في بطن المسيل الذي بينهما وحددوا ذلك بما بين الأميال الخضر فواحد مفرد من ناحية الصفا مما يلي المسجد واثنان مجتمعان من ناحية المروة مما يلي المسجد ايضا وقال بعض العلماء ما بين هذه الأميال اليوم أوسع من بطن المسيل الذي رمل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فالله أعلم وأما قول محمد بن حزم في الكتاب الذي جمعه في حجة الوداع ثم خرج عليه السلام إلى الصفا فقرأ إن الصفا والمروة من شعائر الله أبدأ بما بدأ الله به فطاف بين الصفا والمروة أيضا سبعا راكبا على بعير يخب ثلاثا ويمشي أربعا فانه لم يتابع على هذا القول ولم يتفوه به أحد قبله من أنه عليه السلام خب ثلاثة اشواط بين الصفا والمروة ومشى اربعا ثم مع هذا الغلط الفاحش لم يذكر عليه دليلا بالكلية بل لما انتهى إلى موضع الاستدلال عليه قال ولم نجد عدد الرمل بين الصفا والمروة منصوصا ولكنه متفق عليه هذا لفظه فان أراد بأن الرمل في الثلاث التطوافات الاول على ما ذكر متفق عليه فليس بصحيح بل لم يقله أحد وان اراد أن الرمل في الثلاث الاول في الجملة متفق عليه فلا يجدي له شيئا ولا يحصل له شيئا مقصودا فانهم كما اتفقوا على الرمل في الثلاث الاول في بعضها على ما ذكرناه كذلك اتفقوا على استحبابه في الأربع الاخر ايضا فتخصيص ابن حزم الثلاث الأول باستحباب الرمل فيها مخالف لما ذكره العلماء والله اعلم وأما قول ابن حزم انه عليه السلام كان راكبا بين الصفا والمروة فقد تقدم عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسعى بطن المسيل اخرجاه وللترمذي عنه إن أسعى فقد رأيت رسول الله يسعى وإن مشيت فقد رأيت رسول الله يمشي وقال جابر فلما انصبت قدماه في الوادي رمل حتى اذا صعد مشى رواه مسلم وقالت حبيبة بنت أبي مجزأة يسعى يدور به ازاره من شدة الشعي رواه احمد وفي صحيح مسلم عن جابر كما تقدم أنه رقي على الصفا حتى رأى البيت وكذلك على المروة وقد قدمنا من حديث محمد بن اسحاق عن أبي جعفر الباقر عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أناخ بعيره على باب المسجد يعني حتى طاف ثم لم يذكر أنه ركبه حال ما خرج الى الصفا وهذا كله مما يقتضي أنه عليه السلام سعى بين الصفا والمروة ماشيا ولكن قال مسلم ثنا عبد بن حميد ثنا محمد يعني ابن بكر انا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول طاف
النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على راحلته بالبيت وبين الصفا والمروة على بعير ليراه الناس وليشرف وليسألوه فان الناس غشوه ولم يطف النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه بين الصفا والمروة الا طوافا واحدا ورواه مسلم أيضا عن ابي بكر بن ابي شيبة عن علي بن مسهر وعن علي بن خشرم عن عيسى بن يونس وعن محمد بن حاتم عن يحيى بن سعيد كلهم عن ابن جريج به وليس في بعضها وبين الصفا والمروة وقد رواه أبو داود عن احمد بن حنبل عن يحيى بن سعيد القطان عن ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على راحلته بالبيت وبين الصفا والمروة ورواه النسائي عن الفلاس عن يحيى وعن عمران بن يزيد عن سعيد بن اسحاق كلاهما عن ابن جريج به فهذا محفوظ من حديث ابن جريج وهو مشكل جدا لأن بقية الروايات عن جابر وغيره تدل على أنه عليه السلام كان ماشيا بين الصفا والمروة وقد تكون رواية أبي الزبير لهذه الزيادة وهي قوله وبين الصفا والمروة مقحمة أو مدرجة ممن بعد الصحابي والله أعلم أو أنه عليه السلام طاف بين الصفا والمروة بعض الطوفان على قدميه وشوهد منه ما ذكر فلما ازدحم الناس عليه وكثروا ركب كما يدل عليه حديث ابن عباس الآتي قريبا وقد سلم ابن حزم أن طوافه الأول بالبيت كان ماشيا وحمل ركوبه في الطواف على ما بعد ذلك وادعى أنه كان راكبا في السعي بين الصفا والمروة قال لأنه لم يطف بينهما الا مرة واحدة ثم تأول قول جابر حتى إذا انصبت قدماه في الوادي رمل بأنه لم يصدق ذلك وان كان راكبا فانه اذا انصب بعيره فقد انصب كله وانصبت قدماه مع سائر جسده قال وكذلك ذكر الرمل يعني به رمل الدابة براكبها وهذا التأويل بعيد جدا والله أعلم وقال أبو داود ثنا أبو سلمة موسى ثنا حماد أنبأنا أبو عاصم الغنوي عن أبي الطفيل قال قلت لابن عباس يزعم قومك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رمل بالبيت وأن ذلك من سنته قال صدقوا وكذبوا فقلت ما صدقوا وما كذبوا قال صدقوا رمل رسول الله وكذبوا ليس بسنة ان قريشا قالت زمن الحديبية دعوا محمدا وأصحابه حتى يموتوا موت النغف فلما صالحوه على أن يحجوا العام المقبل فيقيموا بمكة ثلاثة ايام فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشركون من قبل قعيقعان فقال رسول الله لأصحابه ارملوا بالبيت ثلاثا وليس بسنة قالت يزعم قومك أن رسول الله طاف بين الصفا والمروة على بعير وأن ذلك سنة قال صدقوا وكذبوا قلت ما صدقوا وما كذبوا قال صدقوا قد طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة على بعير وكذبوا ليست بسنة كان الناس لا يدفعون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يصرفون عنه فطاف على بعير ليسمعوا كلامه وليروا مكانه ولا تناله أيديهم هكذا رواه أبو داود وقد رواه مسلم عن ابي كامل عن عبد الواحد بن زياد عن الجريري عن ابي الطفيل عن ابن عباس فذكر فضل الطواف بالبيت بنحو ما تقدم ثم قال قلت لابن عباس
أخبرني عن الطواف بين الصفا والمروة راكبا أسنة هو فإن قومك يزعمون أنه سنة قال صدقوا وكذبوا قلت فما قولك صدقوا وكذبوا قال إن رسول الله كثر عليه الناس يقولون هذا محمد هذا محمد حتى خرج العواتق من البيوت وكان رسول الله لا يضرب الناس بين يديه فلما كثر عليه الناس ركب قال ابن عباس والمشي والسعي أفضل هذا لفظ مسلم وهو يقتضي أنه إنما ركب في اثناء الحال وبه يحصل الجمع بين الأحاديث والله اعلم وأما ما رواه مسلم في صحيحه حيث قال ثنا محمد بن رافع ثنا يحيى بن آدم ثنا زهير عن عبد الملك بن سعيد عن أبي الطفيل قال قلت لابن عباس أراني قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فصفه لي قلت رأيته عند المروة على ناقة وقد كثر الناس عليه فقال ابن عباس ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم إنهم كانوا لا يضربون عنه ولا يكرهون فقد تفرد به مسلم وليس فيه دلالة على انه عليه السلام سعى بين الصفا والمروة راكبا إذا لم يقيد ذلك بحجة الوداع ولا غيرها وبتقدير أن يكون ذلك في حجة الوداع فمن الجائز أنه عليه السلام بعد فراغه من السعي وجلوسه على المروة وخطبته الناس وأمره إياهم من لم يسق الهدي منهم أن يفسخ الحج إلى العمرة فحل الناس كلهم إلا من ساق الهدي كما تقدم في حديث جابر ثم بعد هذا كله أتى بناقته فركبها وسار الى منزله بالأبطح كما سنذكره قريبا وحينئذ رآه أبو الطفيل عامر بن واثلة البكري وهو معدود في صغار الصحابة قلت قد ذهب طائفة من العراقيين كأبي حنيفة وأصحابه والثوري الى أن القارن يطوف طوافين ويسعى سعيين وهو مروي عن علي وابن مسعود ومجاهد والشعبي ولهم أن يحتجوا بحديث جابر الطويل ودلالة على أنه سعى بين الصفا والمروة ماشيا وحديثه هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم سعى بينهما راكبا على تعداد الطواف بينهما مرة ماشيا ومرة راكبا وقد روى سعيد بن منصور في سند عن علي رضي الله عنه أنه أهل بحجة وعمرة فلما قدم مكة طاف بالبيت وبالصفا والمروة لعمرته ثم عاد فطاف بالبيت وبالصفا والمروة لحجته ثم اقام حراما الى يوم النحر هذا لفظه ورواه أبو ذر الهروي في مناسكه عن علي أنه جمع بين الحج والعمرة فطاف لهما طوافين وسعى لهما سعيين وقال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل وكذلك رواه البيهقي والدارقطني والنسائي في خصائص علي فقال البيهقي في سننه أنبانا أبو بكر بن الحارث الفقيه أنبأنا علي بن عمر الحافظ أنبانا أبو محمد بن صاعد ثنا محمد بن زنبور ثنا فضيل بن عياض عن منصور عن ابراهيم عن مالك بن الحارث أو منصور عن مالك بن الحارث عن أبي نصر قال لقيت عليا وقد أهللت بالحج وأهل هو بالحج والعمرة فقلت هل أستطيع أن أفعل كما فعلت قال ذلك لو كنت بدأت بالعمرة قلت كيف أفعل إذا أردت ذلك قال تأخذ إداوة من ماء فتفيضها عليك ثم تهل بهما جميعا ثم تطوف لهما طوافين وتسعى لهما سعيين ولا يحل لك حرام دون يوم النحر قال منصور فذكرت ذلك لمجاهد قال ما كنا نفيء إلا بطواف واحد فأما الآن
فلا نفعل قال الحافظ البيهقي وقد رواه سفيان بن عيينة وسفيان الثوري وشعبة عن منصور فلم يذكر فيه السعي قال وأبو نصر هذا مجهول وإن صح فيحتمل أنه أراد طواف القدوم وطواف الزيارة قال وقد روى بأسانيد أخر عن علي مرفوعا وموقوفا ومدارها على الحسن بن عمارة وحفص ابن أبي داود وعيسى بن عبد الله وحماد بن عبد الرحمن وكلهم ضعيف لا يحتج بشيء مما رووه في ذلك والله أعلم قلت والمنقول في الأحاديث الصحاح خلاف ذلك فقد قدمنا عن ابن عمر في صحيح البخاري أنه أهل بعمرة وأدخل عليها الحج فصار قارنا وطاف لهما طوافا واحدا بين الحج والعمرة وقال هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد روى الترمذي وابن ماجه والبيهقي من حديث الدراوردي عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من جمع بين الحج والعمرة طاف لهما طوافا واحدا وسعى لهما سعيا واحدا قال الترمذي وهذا حديث حسن غريب قلت اسناده على شرط مسلم وهكذا جرى لعائشة أم المؤمنين فإنها كانت ممن أهل بعمرة لعدم سوق الهدي معها فلما حاضت أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتهل بحج مع عمرتها فصارت قارنة فلما رجعوا من منى طلبت أن يعمرها بعد الحج فأعمرها تطييبا لقلبها كما جاء مصرحا به في الحديث وقد قال الامام أبو عبد الله الشافعي أنبأنا مسلم هو ابن خالد الزنجي عن ابن جريج عن عطاء أن رسول الله قال لعائشة طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعمرتك وهذا ظاهره الارسال وهو مسند في المعنى بدليل ما قال الشافعي أيضا أخبرنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن عطاء عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الشافعي وربما قال سفيان عن عطاء عن عائشة وربما قال عن عطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة فذكره قال الحافظ البيهقي ورواه ابن أبي عمر عن سفيان بن عيينة موصولا وقد رواه مسلم من حديث وهيب عن ابن طاوس عن ابن عباس عن أبيه عن عائشة بمثله وروى مسلم من حديث ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرا يقول دخل رسول الله على عائشة وهي تبكي فقال مالك تبكين قالت أبكي إن الناس حلوا ولم أحل وطافوا بالبيت ولم أطف وهذا الحج قد حضر قال إن هذا أمر قد كتبه الله على بنات آدم فاغتسلي وأهلي بحج قالت ففعلت ذلك فلما طهرت قال طوفي بالبيت وبين الصفا والمروة ثم قد حللت من حجك وعمرتك قالت يا رسول الله اني أجد في نفسي من عمرتي أني لم أكن طفت حتى حججت قال اذهب بها يا عبد الرحمن فأعمرها من التنعيم وله من حديث ابن جريج أيضا أخبرني أبو الزبير سمعت جابرا قال لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا وعند أصحاب أبي حنيفة رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين ساقوا الهدي كانوا قد قرنوا بين الحج والعمرة كما دل عليه الأحاديث المتقدمة والله أعلم وقال الشافعي أنبأنا ابراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي قال في القارن يطوف طوافين
ويسعى سعيين قال الشافعي وقال بعض الناس طوافان وسعيان واحتج فيه برواية ضعيفة عن علي قال جعفر يروى عن علي قولنا رويناه عن النبي صلى الله عليه وسلم لكن قال أبو داود ثنا هارون بن عبد الله ومحمد بن رافع قالا ثنا أبو عاصم عن معروف يعني ابن خربوذ المكي حدثنا أبو الطفيل قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت على راحلته يستلم الركن اليماني بمحجن ثم يقبله زاد محمد بن رافع ثم خرج الى الصفا والمروة فطاف سبعا على راحلته وقد رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي داود الطيالسي عن معروف بن خربوذ به دون الزيادة التي ذكرها محمد بن رافع وكذلك رواه عبيد الله بن موسى عن معروف بدونها ورواه الحافظ البيهقي عن أبي سعيد بن ابي عمرو عن الاصم عن يحيى بن أبي طالب عن يزيد بن أبي حكيم عن يزيد بن مالك عن أبي الطفيل بدونها فالله أعلم وقال الحافظ البيهقي أنبأنا أبو بكر بن الحسن وأبو زكريا بن أبي اسحاق قالا ثنا أبو جعفر محمد بن علي بن رحيم ثنا أحمد بن حازم أنبأنا عبيد الله بن موسى وجعفر بن عون قالا أنبأنا أيمن بن نابل عن قدامة بن عبد الله ابن عمار قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسعى بين الصفا والمروة على بعير لا ضرب ولا طرد ولا إليك إليك وقال البيهقي كذا قالا وقد رواه جماعة غير أيمن فقالوا يرمي الجمرة يوم النحر قال ويحتمل أن يكونا صحيحين قلت رواه الإمام أحمد في مسنده عن وكيع وقران بن تمام وأبي قرة موسى بن طارف قاضي أهل اليمن وأبي أحمد محمد بن عبد الله الزبيري ومعتمر بن سليمان عن ايمن بن نابل الحبشي أبي عمران المكي نزيل عسقلان مولى أبي بكر الصديق وهو ثقة جليل من رجال البخاري عن قدامة بن عبد الله بن عمار الكلابي أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي الجمرة يوم النحر من بطن الوادي على ناقة صهباء لا ضرب ولا طرد ولا إليك إليك وهكذا رواه الترمذي عن احمد بن منيع عن مروان بن معاوية وأخرجه النسائي عن اسحاق بن راهويه وابن ماجه عن ابي بكر بن أبي شيبة كلاهما عن وكيع كلاهما عن أيمن بن نابل عن قدامة كما رواه الامام احمد وقال الترمذي حسن صحيح