احتضاره ووفاته عليه السلام
 

قال الامام احمد ثنا أبو معاوية ثنا الاعمش عن ابراهيم التيمي عن الحارث بن سويد عن عبد الله هو ابن مسعود قال دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعك فمسسته فقلت يا رسول الله انك لتوعك وعكا شديدا قال أجل إني أوعك كما يوعك الرجلان منكم قلت إن لك أجرين قال نعم والذي نفسي بيده ما على الارض مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله عنه خطاياه كما تحط الشجرة ورقها وقد أخرجه البخاري ومسلم من طرق متعددة عن سليمان بن مهران الأعمش به وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا اسحاق بن أبي اسرائيل ثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن زيد بن أسلم عن رجل عن أبي سعيد الخدري قال وضع يده على النبي صلى الله عليه وسلم فقال والله ما أطيق أن أضع يدي عليك من شدة حماك فقال النبي صلى الله عليه وسلم إنا معشر الأنبياء يضاعف لنا البلاء كما يضاعف لنا الأجر إن كان النبي من الأنباء ليبتلى بالقمل حتى يقتله وان كان الرجل ليبتلى بالعري حتى يأخذ العباءة فيجوبها وان كانوا ليفرحون بالبلاء كما يفرحون بالرخاء فيه رجل مبهم لا يعرف بالكلية فالله أعلم وقد روى البخاري ومسلم من حديث سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج زاد مسلم وجرير ثلاثتهم عن الاعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة عن مسروق عن عائشة قالت ما رأيت الوجع على أحد اشد منه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي صحيح البخاري من حديث يزيد بن الهاد عن عبد الرحين بن القاسم عن ابيه عن عائشة قالت مات رسول الله صلى الله عليه وسلم بين حاقنتي وذاقنتي فلا أكره شدة الموت لاحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم وفي الحديث الآخر الذي رواه في صحيحه قال قال رسول الله أشد الناس بلاء الانبياء ثم الصالحون ثم الامثل فالامثل يبتلى لرجل على حسب دينه فان كان في دينه صلابة شدد عليه في ابلاء وقال الامام احمد حدثنا يعقوب ثنا أبي حدثنا محمد بن اسحاق حدثني سعيد بن عبيد بن السباق عن محمد بن اسامة بن زيد قال لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم هبطت وهبط الناس معي الى المدينة فدخلت على رسول الله وقد أصمت فلا يتكلم فجعل يرفع يديه الى السماء ثم يصيبها على وجهه أعرف أنه يدعو لي ورواه الترمذي عن أبي كريب عن يونس بن بكير عن ابن اسحاق وقال حسن غريب وقال الامام مالك في موطائه عن اسماعيل بن أبي حكيم أنه
سمع عمر بن عبد العزيز يقول كان من آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد لا يبقين دينان بأرض العرب هكذا رواه مرسلا عن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رحمه الله وقد روى البخاري ومسلم من حديث الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة وابن عباس قالا لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه فاذا اغتم كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما صنعوا وقال الحافظ البيهقي أنبأنا أبو بكر بن ابي رجاء الاديب أنبأنا أبو العباس الاصم ثنا احمد بن عبد الجبار ثنا أبو بكر بن عياش عن الاعمش عن أبي سفيان عن جابر بن عبد الله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قبل موته بثلاث أحسنوا الظن بالله وفي بعض الاحاديث كما رواه مسلم من حديث الاعمش عن ابي سفيان طلحة بن نافع عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى وفي الحديث الآخر يقول الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي خيرا وقال البيهقي أنبأنا الحاكم حدثنا الاصم ثنا محمد بن اسحاق الصغاني ثنا أبو خيثمة زهير بن حرب ثنا جرير عن سليمان التيمي عن قتادة عن أنس قال كانت عامة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حضره الوفاة الصلاة وما ملكت أيمانكم حتى جعل يغرغر بها وما يفصح بها لسانه وقد رواه النسائي عن اسحاق بن راهويه عن جرير بن عبد الحميد به وابن ماجه عن أبي الاشعث عن معتمر بن سليمان عن ابيه به وقال الامام احمد حدثنا اسباط بن محمد ثنا التيمي عن قتادة عن أنس بن مالك قال كانت عامة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حضر الموت الصلاة وما ملكت أيمانكم حتى جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يغرغر بها صدره وما يكاد يفيض بها لسانه وقد رواه النسائي وابن ماجه من حديث سليمان بن طرخان وهو التيمي عن قتادة عن أنس به وفي رواية النسائي عن قتادة عن صاحب له عن انس به وقال احمد ثنا بكر بن عيسى الراسبي ثنا عمر بن الفضيل عن نعيم بن يزيد عن علي بن أبي طالب قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن آتيه بطبق يكتب فيه ما لا تضل أمته من بعده قال فخشيت أن تفوتني نفسه قال قلت إني أحفظ وأعي قال أوصي بالصلاة والزكاة وما ملكت أيمانكم تفرد به احمد من هذا الوجه وقال يعقوب بن سفيان ثنا أبو النعمان محمد بن الفضل ثنا أبو عوانة عن قتادة عن سفينة عن أم سلمة قالت كان عامة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته الصلاة وما ملكت ايمانكم حتى جعل يلجلجها في صدره وما يفيض بها لسانه وهكذا رواه النسائي عن حميد
ابن مسعدة عن يزيد بن زريع عن سعد بن أبي عروبة عن قتادة عن سفينة عن أم سلمة به قال البيهقي والصحيح ما رواه عفان عن همام عن قتادة عن أبي الخليل عن سفينة عن أم سلمة به وهكذا رواه النسائي أيضا وابن ماجه من حديث يزيد بن هارون عن همام عن قتادة عن صالح أبي الخليل عن سفينة عن أم سلمة به وقد رواه النسائي أيضا عن قتيبة عن ابي عوانة عن قتادة عن سفينة عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره ثم رواه عن محمد بن عبد الله بن المبارك عن يونس بن محمد قال حدثنا عن سفينة فذكر نحوه وقال احمد ثنا يونس ثنا الليث عن يزيد بن الهاد عن موسى بن سرجس عن القاسم عن عائشة قالت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يموت وعنده قدح فيه ماء فيدخل يده في القدم ثم يمسح وجهه بالماء ثم يقول اللهم اعني على سكرات الموت ورواه الترمذي والنسائي وابن ماجه م حديث الليث به وقال الترمذي غريب وقال الامام احمد حدثنا وكيع عن اسماعيل عن مصعب بن اسحاق بن طلحة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ليهون علي اني رأيت بياض مف عائشة في الجنة تفرد به احمد واسناده لا بأس به وهذا دليل على شدة محبته عليه السلام لعائشة رضي الله عنها وقد ذكر الناس معاني كثيرة في كثرة المحبة ولم يبلغ أحدهم هذا المبلغ وما ذاك إلا لأنهم يبالغون كلاما لا حقيقة له وهذا كلام حق لا محالة ولا شك فيه وقال حماد بن زيد عن أيوب عن ابن ابي مليكة قال قالت عائشة توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي وتوفي بين سحري ونحري وكان جبريل عن أم سلمة به قال البيهقى والصحيح ما رواه عفان عن همام عن قتادة عن أبى الخليل عن سفينة عن أم سلمة به وهكذا رواه النسائى أيضا وابن ماجة من حديث يزيد بن هارون عن همام عن قتادة عن صالح أبى الخليل عن سفينة عن أم سلمة به وقد رواه النسائى أيضا عن قتيبة عن أبى عوانة عن قتادة عن سفينة عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره ثم رواه عن محمد بن عب الله بن المبارك عن يونس بن محمد قال حدثنا عن سفينة فذكر نحوه وقال احمد ثنا يونس ثنا الليث عن يزيد بن الهاد عن موسى بن سرجس عن القاسم عن عائشة قالت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يموت وعنده قدح فيه ماء فيدخل يده في القدح ثم يمسح وجهه بالماء ثم يقول اللهم اعنى على سكرات الموت ورواه الترمذى والنسائى وابن ماجه من حديث الليث به وقال الترمذى غريب وقال الامام أحمد حدثنا وكيع عن اسماعيل عن مصعب بن اسحاق بن طلحة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ليهون على انى رأيت بياض كف عائشة في الجنة تفرد به أحمد واسناده لا بأس به وهذا دليل على شدة محبته عليه السلام لعائشة رضى الله عنها وقد ذكر الناس معانى كثيرة في كثرة المحبة ولم يبلغ أحدهم هذا المبلغ وما ذاك إلا لأنهم يبالغون كلاما لا حقيقة له وهذا حق لا محالة ولا شك فيه وقال حماد بن زيد عن أيوب عن ابن أبى مليكة قال قالت عائشة توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتى وتوفى بين سحرى ونحرى وكان جبريل يعوذه بدعاء اذا مرض فذهبت اعوذه فرفع بصره الى السماء وقال في الرفيق الاعلى في الرفيق الاعلى ودخل عبد الرحمن بن أبي بكر وبيده جريدة رطبة فنظر اليها فظننت أن له بها حاجة قالت فاخذتها فنفضتها فدفعتها اليه فاستن بها وأحسن ما كانت مستنا ثم ذهب يناولنيها فسقطت من يده قالت فجمع الله بين ريقي وريقه في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة ورواه البخاري عن سليمان بن جرير عن حماد بن زيد به وقال البيهقي أنبانا أبو عبد الله الحافظ أخبرني أبو نصر احمد بن سهل الفقيه ببخارى ثنا صالح بن محمد الحافظ البغدادي ثنا داود بن عمرو بن زهير الضبي ثنا عيسى بن يونس عن عمر بن سعيد بن أبى حسين أنبأنا ابن أبى مليكة أن أبا عمرو ذكوان مولى عائشة أخبره أن عائشة كانت تقول إن من نعمة الله علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي في يومي وفي بيتي وبين سحري ونحري وان الله جمع بين ريقي وريقه عند الموت قالت دخل علي أخي بسواك معه وأنا مسندة رسول الله صلى الله عليه وسلم الى صدري فرأيته ينظر اليه وقد عرفت أنه يحب السواك ويألفه فقلت آخذه لك فاشار براسه أي نعم فلينته له فأمره على فيه قالت وبين يديه ركوة أو علبة فيها ماء فجعل يدخل يده في الماء فيمسح بها وجهه ثم يقول لا إله إلا الله إن للموت
لسكرات ثم نصب أصبعه اليسرى وجعل يقول في الرفيق الاعلى في الرفيق الاعلى حتى قبض ومالت يده على الماء ورواه البخاري عن محمد عن عيسى بن يونس وقال أبو داود الطيالسي ثنا شعبة عن سعد بن ابراهيم سمعت عروة يحدث عن عائشة قالت كنا نحدث أن النبي لا يموت حتى يخير بين الدنيا والآخرة قالت فلما كان مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي مات فيه عرضت له بحة فسمعته يقول مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا قالت عائشة فظننا أنه كان يخير واخرجاه من حديث شعبة به وقال الزهري أخبرني سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير في رجال من أهل العلم أن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو صحيح إنه لم يقبض نبي حتى يرى مقعده من الجنة ثم يخير قالت عائشة فلما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم ورأسه على فخذي غشي عليه ساعة ثم افاق فأشخص بصره الى سقف البيت وقال اللهم الرفيق الاعلى فعرفت أنه الحديث الذي كان حدثناه وهو صحيح أنه لم يقبض نبي قط حتى يرى مقعده من الجنة ثم يخير قالت عائشة فقلت اذا لا تختارنا وقالت عائشة كانت تلك الكلمة آخر كلمة تكلم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم الرفيق الاعلى أخرجاه من غير وجه عن الزهري به وقال سفيان هو الثوري عن اسماعيل بن ابي خالد عن أبي بردة عن عائشة قالت أغمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في حجري فجعلت أمسح وجهه وأدعو له بالشفاء فقال لا بل أسأل الله الرفيق الاعلى الاسعد مع جبريل وميكائيل واسرافيل رواه النسائي من حديث سفيان الثوري به وقال البيهقي أنبأنا أبو عبد الله الحافظ وغيره قالوا ثنا أبو العباس الاصم ثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ثنا أنس بن عياض عن هشام بن عروة عن عباد بن عبد الله بن الزبير أن عائشة أخبرته أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم واصغت اليه قبل أن يموت وهو مسند الى صدرها يقول اللهم اغفر لي وارحمني والحقني بالرفيق أخرجاه من حديث هشام بن عروة وقال الامام احمد حدثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن اسحاق حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد سمعت عائشة تقول مات رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحري وفي دولتي ولم أظلم فيه أحدا فمن سفهي وحداثة سني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض وهو في حجري ثم وضعت رأسه على وسادة وقمت الدم مع النساء وأضرب وجهي وقال الامام احمد حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير ثنا كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله قال قالت عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من نبى إلا تقبض نفسه ثم يرى الثواب ثم ترد اليه فيخير بين أن ترد اليه وبين أن يلحق فكنت قد حفظت ذلك منه فاني لمسندته الى صدري فنظرت اليه حين مالت عنقه فقلت قد قضى فعرفت الذي قال فنظرت اليه
حين ارتفع فنظر قالت قلت اذا والله لا يختارنا فقال مع الرفيق الاعلى في الجنة مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا تفرد به احمد ولم يخرجوه وقال الامام احمد حدثنا عفان أنبأنا همام انبأنا هشام بن عروة عن ابيه عن عائشة قالت قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأسه بين سحري ونحري قالت فلما خرجت نفسه لم أجد ريحا قط أطيب منها وهذا إسناد صحيح على شرط الصحيحين ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة ورواه البيهقي من حديث حنبل بن اسحاق عن عفان وقال البيهقي أنبأنا أبو عبد الله الحافظ أنبأنا أبو العباس الاصم ثنا احمد بن عبد الجبار ثنا يونس عن أبي معشر عن محمد بن قيس عن أبي عروة عن أم سلمة قالت وضعت يدي على صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات فمرت لي جمع آكل وأتوضأ وما يذهب ريح المسك من يدي وقال احمد حدثنا عفان وبهز قالا ثنا سليمان بن المغيرة ثنا حميد بن هلال عن ابي بردة قال دخلت على عائشة فأخرجت الينا إزارا غليظا مما يصنع باليمن وكساء من التي يدعون الملبدة فقالت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض في هذين الثوبين وقد رواه الجماعة إلا النسائي من طرق عن حميد بن هلال به وقال الترمذي حسن صحيح وقال الامام احمد حدثنا بهز ثنا حماد بن سلمة أنبأنا أبو عمران الحوني عن يزيد بن بابنوس قال ذهبت أنا وصاحب لي الى عائشة فاستأذنا عليها فألقت لنا وسادة وجذبت اليها الحجاب فقال صاحبي يا أم المؤمنين ما تقولين في العراك قالت وما العراك فضربت منكب صاحبي قال مه آذيت أخاك ثم قالت ما العراك المحيض قولوا ما قال الله عز وجل في المحيض ثم قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوشحني وينال من رأسي وبيني وبينه ثوب وأنا حائض ثم قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر ببابي مما يلقي الكلمة ينفعني الله بها فمر ذات يوم فلم يقل شيئا ثم مر فلم يقل شيئا مرتين أو ثلاثا فقلت يا جارية ضعي لي وسادة على الباب وعصبت رأسي فمر بي فقال يا عائشة ما شأنك فقلت أشتكي رأسي فقال أنا واراساه فذهب فلم يلبث إلا يسيرا حتى جيء به محمولا في كساء فدخل علي وبعث الى النساء فقال إني قد اشتكيت وإني لا استطيع أن أدور بينكن فاذن لي فلأكن عند عائشة فكنت أمرضه ولم امرض أحدا قبله فبينما رأسه ذات يوم على منكبي اذ مال رأسه نحو رأسي فظننت أنه يريد من رأسي حاجة فخرجت من فيه نقطة باردة فوقعت على نقرة نحري فاقشعر لها جلدي فظننت أنه غشي عليه فسجيته ثوبا فجاء عمر والمغيرة بن شعبة فاستأذنا فأذنت لهما وجذبت الحجاب فنظر عمر اليه فقال واغشياه ما أشد غشي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قاما فلما دنوا من الباب قال المغيرة يا عمر مات رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت كذبت بل أنت رجل تحوسك فتنة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يموت حتى يفنى
الله المنافقين قالت ثم جاء أبو بكر فرفعت الحجاب فنظر اليه فقال إنا لله وإنا إليه راجعون مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أتاه من قبل رأسه فحدر فاه فقبل جبهته ثم قال وانبياه ثم رفع رأسه فحدرفاه وقبل جبهته ثم قال واصفياه ثم رفع راسه وحدرفاه وقبل جبهته وقال واخليلاه مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج الى المسجد وعمر يخطب الناس ويتكلم ويقول إن رسول الله لا يموت حتى يفني الله المنافقين فتكلم أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الله يقول إنك ميت وإنهم ميتون حتى فرغ من الآية وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل افائن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه حتى فرغ من الآيه ثم قال فمن كان يعبد الله فان الله حي لا يمون ومن كان يعبد محمد فان محمدا قد مات فقال عمر أو انها في كتاب الله ما شعرت أنها في كتاب الله ثم قال عمر يا أيها الناس هذا أبو بكر وهو ذو سبية المسلمين فبايعوه فبايعوه وقد روى أبو داود والترمذي في الشمائل من حديث مرحوم بن عبد العزيز العطار عن ابي عمران الجوني به ببعضه وقال الحافظ البيهقي أنبأنا أبو عبد الله الحافظ انبانا أبو بكر بن اسحاق أخبرنا أحمد بن ابراهيم بن ملحان ثنا يحيى بن بكير ثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب أخبرني أبو سلمة عن عبد الرحمن أن عائشة أخبرته أن ابا بكر اقبل على فرس من مسكنه بالسنح حتى نزل فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة فيمم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسجى ببرد حبرة فكشف عن وجهه ثم أكب عليه فقبله ثم بكى ثم قال بأبي أنت وأمي يا رسول الله والله لا يجمع عليك موتتين أبدا الموتة الأولى كتبت عليك فقدمتها قال الزهري وحدثني أبو سلمة عن ابن عباس أن أبا بكر خرج وعمر يكلم الناس فقال اجلس يا عمر فأبى عمر أن يجلس فقال اجلس يا عمر فأبى عمر أن يجلس فتشهد ابو بكر فاقبل الناس اليه فقال أما بعد فمن كان منكم يعبد محمدا فان محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فان الله حي لا يموت قال الله تعالى وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل افائن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم الآية قال فوالله لكأن الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر فتلقاها منه الناس كلهم فما سمع بشر من الناس إلا يتلوها قال الزهري وأخبرني سعيد بن المسيب أن عمر قال والله ما هو إلا أن سمعت ابا بكر تلاها فعرفت أنه الحق فعقرت حتى ما تقلني رجلاي وحتى هويت إلى الأرض وعرفت حين سمعته تلاها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات ورواه البخاري عن يحيى ابن بكير به وروى الحافظ البيهقي من طريق ابن لهيعة ثنا أبو الأسود عن عروة بن الزبير في ذكر وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وقام عمر بن الخطاب يخطب الناس ويتوعد من قال مات بالقتل والقطع ويقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غشية لو قد قام قتل وقطع وعمرو بن قيس بن زائدة بن الأصم بن
أم مكتوم في مؤخر المسجد يقرأ وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل الآية والناس في المسجد يبكون ويموجون لا يسمعون فخرج عباس بن عبد المطلب على الناس فقال يا ايها الناس هل عند أحد منكم من عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفاته فليحدثنا قالوا لا قال هل عندك يا عمر من علم قال لا فقال العباس اشهدوا أيها الناس أن أحدا لا يشهد على رسول الله بعهد عهده اليه في وفاته والله الذي لا إله إلا هو لقد ذاق رسول الله صلى الله عليه وسلم الموت قال وأقبل أبو بكر رضي الله عنه من السنح على دابته حتى نزل بباب المسجد واقبل مكروبا حزينا فاستأذن في بيت ابنته عائشة فأذنت له فدخل ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد توفي على الفراش والنسوة حوله فخمرن وجوههن واستترن من أبي بكر إلا ما كان من عائشة فكشف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فحثى عليه يقبله ويبكي ويقول ليس ما يقوله ابن الخطاب شيئا توفي رسول الله والذي نفسي بيده رحمة الله عليك يا رسول الله ما أطيبك حيا وميتا ثم غشاه بالثوب ثم خرج سريعا الى المسجد يتخطى رقاب الناس حتى أتى المنبر وجلس عمر حين رأى ابا بكر مقبلا إليه وقام ابو بكر الى جانب المنبر ونادى الناس فجلسوا وأنصتوا فتشهد أبو بكر بما علمه من التشهد وقال إن الله عز وجل نعى نبيه الى نفسه وهو حي بين أظهركم ونعاكم إلى أنفسكم وهو الموت حتى لا يبقى منكم أحد إلا الله عز وجل قال تعالى وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل الآية فقال عمر هذه الآية في القرآن والله ما علمت أن هذه الآية أنزلت قبل اليوم وقد قال الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم إنك ميت وإنهم ميتون وقال الله تعالى كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم واليه ترجعون وقال تعالى كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام وقال كل نفس ذائقة الموت إنما توفون أجوركم يوم القيامة وقال إن الله عمر محمدا صلى الله عليه وسلم وابقاه حتى اقام دين الله وأظهر أمر الله وبلغ رسالةالله وجاهد في سبيل الله ثم توفاه الله على ذلك وقد ترككم على الطريقة فلن يهلك هالك إلا من بعد البينة والشفاء فمن كان الله ربه فان الله حي لا يموت ومن كان يعبد محمدا وينزله إلها فقد هلك إلهه فاتقوا الله أيها الناس واعتصموا بدينكم وتوكلوا على ربكم فان دين الله قائم وإن كلمة الله تامة وإن الله ناصر من نصره ومعز دينه وأن كتاب الله بين أظهرنا وهو النور والشفاء وبه هدى الله محمدا صلى الله عليه وسلم وفيه حلال الله وحرامه والله لا نبالي من أجلب علينا من خلق الله إن سيوف الله لمسلوله ما وضعناها بعد ولنجاهدن من خالفنا كما جاهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يبغين أحد إلا على نفسه ثم انصرف معه المهاجرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث في غسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه قلت كما سنذكره مفصلا بدلائله وشواهده إن شاء الله تعالى وذكر الواقدي عن شيوخه قالوا ولما شك في موت النبي
صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم مات وقال بعضهم لم يمت وضعت اسماء بنت عميس يدها بين كتفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رفع الخاتم من بين كتفيه فكان هذا الذي قد عرف به موته هكذا أورده الحافظ البيهقي في كتابه دلائل النبوة من طريق الواقدي وهو ضعيف وشيوخه لم يسمون ثم هو منقطع بكل حال ومخالف لما صح وفيه غرابة شديدة وهو رفع الخاتم فالله أعلم بالصواب وقد ذكر الواقدي وغيره في الوفاة أخبارا كثيرة فيها نكارات وغرابة شديدة أضربنا عن اكثرها صفحا لضعف اسانيدها ونكارة متونها ولا سيما ما يورده كثير من القصاص المتأخرين وغيرهم فكثير منه موضوع لا محالة وفي الاحاديث الصحيحة والحسنة والمروية في الكتب المشهورة غنية عن الأكاذيب وما لا يعرف سنده والله أعلم