كيفية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم
 

وقد تقدم الحديث الذي رواه البيهقي من حديث الأشعث بن طليق البزار من حديث الأصبهاني كلاهما عن مرة عن ابن مسعود في وصية النبي صلى الله عليه وسلم أن يغسله رجال أهل بيته وأنه قال كفنوني في ثيابي هذه أو في يمانية أو بياض مصر وأنه اذا كفنوه يضعونه على شفير قبره ثم
ثم يخرجون عنه حتى تصلي عليه الملائكة ثم يدخل عليه رجال أهل بيته فيصلون عليه ثم الناس بعدهم فرادى الحديث بتمامه وفي صحته نظر كما قدمنا والله أعلم وقال محمد بن اسحاق حدثني الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن عكرمة عن ابن عباس قال لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم أدخل الرجال فصلوا عليه بغير امام أرسالا حتى فرغوا ثم أدخل النساء فصلين عليه ثم ادخل الصبيان فصلوا عليه ثم أدخل العبيد فصلوا عليه ارسالا لم يأمهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد وقال الواقدي حدثني ابي بن عياش بن سهل بن سعد عن أبيه عن جده قال لما أدرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أكفانه وضع على سريرة ثم وضع على شفير حفرته ثم كان الناس يدخلون عليه رفقاء رفقاء لا يؤمهم عليه أحد قال الواقدي حدثني موسى بن محمد بن ابراهيم قال وجدت كتابا بخط أبي فيه انه لما كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضع على سريره دخل أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ومعهما نفر من المهاجرين والأنصار بقدر ما يسع البيت فقالا السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته وسلم المهاجرون والأنصار كما سلم أبو بكر وعمر ثم صفوا صفوفا لا يؤمهم أحد فقال أبو بكر وعمر وهما في الصف الأول حيال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم إنا نشهد أنه قد بلغ ما أنزل اليه ونصح لأمته وجاهد في سبيل الله حتى اعز الله دينه وتمت كلمته وأومن به وحده لا شريك له فاجعلنا إلهنا ممن يتبع القول الذي انزل معه وأجمع بيننا وبينه حتى تعرفه بنا تعرفنا به فانه كان بالمؤمنين رؤفا رحيما لا نبتغي بالايمان به بديلا ولا نشتري به ثمنا أبدا فيقول الناس آمين آمين ويخرجون ويدخل آخرون حتى صلى الرجال ثم النساء ثم الصبيان وقد قيل إنهم صلوا عليه من بعد الزوال يوم الاثنين الى مثله من يوم الثلاثاء وقيل إنهم مكثوا ثلاثة أيام يصلون عليه كما سيأتي بيان ذلك قريبا والله أعلم
وهذا الصنيع وهو صلاتهم عليه فرادى لم يؤمهم أحد عليه أمر مجمع عليه لا خلاف فيه وقد اختلف في تعليله فلو صح الحديث الذي أوردناه عن ابن مسعود لكان نصا في ذلك ويكون من باب التعبد الذي يعسر تعقل معناه وليس لأحد أن يقول لأنه لم يكن لهم امام لأنا قد قدمنا أنهم إنما شرعوا في تجهيزه عليه السلام بعد تمام بيعة ابي بكر رضي الله عنه وأرضاه وقد قال بعض العلماء إنما لم يؤمهم أحد ليباشر كل واحد من الناس الصلاة عليه منه اليه ولتكرر صلاة المسلمين عليه مرة بعد مرة من كل فرد فرد من آحاد الصحابة رجالهم ونساءهم وصبيانهم حتى العبيد والاماء وأما السهيلي فقال ما حاصله إن الله قد أخبر أنه وملائكته يصلون عليه وأمر كل واحد من المؤمنين أن يباشر الصلاة عليه منه اليه والصلاة عليه بعد موته من هذا القبيل قال وأيضا فان
الملائكة لنا في ذلك ائمة فالله أعلم
وقد اختلف المتأخرون من أصحاب الشافعي في مشروعية الصلاة على قبره لغير الصحابة فقيل نعم لأن جسده عليه السلام طري في قبره لأن الله قد حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء كما ورد بذلك الحديث في السنن وغيرها فهو كالميت اليوم وقال آخرون لا يفعل لأن السلف ممن بعد الصحابة لم يفعلوه ولو كان مشروعا لبادروا اليه ولثابروا عليه والله أعلم