باب ( ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم )
 
بيان أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يترك دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا أمة ولا شاة ولا بعيرا ولا شيئا يورث عنه بل أرضا جعلها كلها صدقة لله عز وجل فان الدنيا بحذافيرها كانت أحقر عنده كما هي عند الله من أن يسعى لها أو يتركها بعده ميراثا صلوات الله وسلامه عليه وعلى إخوانه من النبيين والمرسلين وسلم تسليما كثيرا دائما الى يوم الدين
قال البخاري حدثنا قتيبة ثنا أبو الأحوص عن أبي اسحاق عن عمرو بن الحارث قال ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا أمة إلا بغلته البيضاء التي كان يركبها وسلاحه وأرضا جعلها لابن السبيل صدقة انفرد به البخاري دون مسلم فرواه في أماكن من صحيحه من طرق متعددة عن أبي الاحوص وسفيان الثوري وزهير بن معاوية ورواه الترمذي من حديث اسرائيل والنسائي أيضا من حديث يونس بن ابي اسحاق كلهم عن ابي اسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي عن عمرو بن الحارث بن المصطلق بن ابي ضرار أخي جويرية بنت الحارث أم المؤمنين رضي الله عنهما به وقد رواه الامام احمد حدثنا أبو معاوية ثنا الاعمش وابن نمير عن الأعمش عن شقيق عن مسروق عن عائشة قالت ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا ولا درهما ولا شاة ولا بعيرا ولا أوصى بشيء وهكذا رواه مسلم منفردا به عن البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه من طرق متعددة
عن سليمان بن مهران الأعمش عن شقيق بن سلمة أبي وائل عن مسروق بن الأجدع عن أم المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب الله المبرأة من فوق سبع سموات رضي الله عنها وأرضاها وقال الامام احمد حدثنا اسحاق بن يوسف عن سفيان عن عاصم عن ذر بن حبيش عن عائشة قالت ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا ولا درهما ولا أمة ولا عبدا ولا شاة ولا بعيرا وحدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن عاصم عن ذر عن عائشة ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا ولا درهما ولا شاة ولا بعيرا قال سفيان وأكثر علمي واشك في العبد والأمة وهكذا رواه الترمذي في الشمائل عن بندار عن عبد الرحمن بن مهدي به قال الامام احمد وحدثنا وكيع ثنا مسعر عن عاصم بن أبي النجود عن ذر عن عائشة قالت ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا أمة ولا شاة ولا بعيرا هكذا رواه الامام احمد من غير شك وقد رواه البيهقي عن أبي زكريا بن ابي اسحاق المزكي عن أبي عبد الله محمد بن يعقوب ثنا محمد بن عبد الوهاب أنبأنا جعفر بن عون أنبأنا مسعر عن عاصم عن ذر قال قلت عائشة تسألوني عن ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا وليدة قال مسعر أراه قال ولا شاة ولا بعيرا قال وأنبأنا مسعر عن عدي بن ثابت عن على بن الحسين قال ما ترك رسول الله ص دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا وليدة وقد ثبت في الصحيحين من حديث الاعمش عن ابراهيم عن الاسود عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى طعاما من يهودي الى أجل ورهنه درعا من حديد وفي لفظ للبخاري رواه عن قبيصة عن الثوري عن الاعمش عن ابراهيم عن الاسود عن عائشة رضي الله عنها قالت توفي رسول النبي الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين ورواه البيهقي من حديث يزيد بن هارون عن الثوري عن الاعمش عن ابراهيم عن الاسود عنها قالت توفي النبي صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة بثلاثين صاعا من شعير ثم قال رواه البخاري عن محمد بن كثير عن سفيان ثم قال البيهقي أنبأنا علي بن احمد بن عبدان أنبأنا أبو بكر محمد بن حمويه العسكري ثنا جعفر بن محمد القلانسي ثنا آدم ثنا شيبان عن قتادة عن انس قال لقد دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم على خبز شعير وإهالة سنخة قال أنس ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول والذي نفس محمد بيده ما أصبح عند آل محمد صاع بر ولا صاع تمر وإن له يومئذ تسع نسوة ولقد رهن درعا له عند يهودي بالمدينة وأخذ منه طعاما فما وجد ما يفتكها به حتى مات صلى الله عليه وسلم وقد روى ابن ماجه بعضه من حديث شيبان بن عبد الرحمن النحوي عن قتادة به وقال الامام احمد حدثنا عبد الصمد ثنا ثابت ثنا هلال عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر الى أحد فقال والذي نفسي بيده ما يسرني أحدا لآل محمد ذهبا
أنفقه في سبيل الله أموت يوم أموت وعندي منه ديناران إلا أن أرصدهما لدين قال فمات فما ترك دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا وليدة فترك درعه رهنا عند يهودي بثلاثين صاعا من شعير وقد روى آخره ابن ماجه عن عبد الله بن معاوية الجمحي عن ثابت بن يزيد عن هلال بن خباب العبدي الكوفي به ولأوله شاهد في الصحيح من حديث ابي ذر رضي الله عنه وقد قال الامام احمد حدثنا عبد الصمد وأبو سعيد وعفان قالوا حدثنا ثابت هو ابن يزيد ثنا هلال هو ابن خباب عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليه عمر وهو على حصير قد أثر في جنبه فقال يا نبي الله لو اتخذت فراشا أوثر من هذا فقال مالي وللدنيا ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار ثم راح وتركها تفرد به احمد وإسناده جيد وله شاهد من حديث ابن عباس عن عمر في المرأتين التين تظاهرتا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقصة الايلاء وسيأتي الحديث مع غيره مما شاكله في بيان زهده عليه السلام وتركه الدنيا وإعراضه عنها واطراحه لها وهو مما يدل على ما قلناه من انه عليه السلام لم تكن الدنيا عنده ببال وقال الامام احمد حدثنا سفيان ثنا عبد العزيز بن رفيع قال دخلت أنا وشداد بن معقل على ابن عباس فقال ابن عباس ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ما بين هذين اللوحين قال ودخلنا على محمد بن علي فقال مثل ذلك وهكذا رواه البخاري عن قتيبة عن سفيان بن عيينة به وقال البخاري حدثنا أبو نعيم ثنا مالك بن مغول عن طلحة قال سألت عبد الله بن أبي أوفى أأوصى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لا فقلت كيف كتب على الناس الوصية أو أمروا بها قال أوصى بكتاب الله عز وجل وقد رواه البخاري أيضا ومسلم وأهل السنن إلا أبا داود من طرق عن مالك بن مغول به وقال الترمذي حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث مالك بن مغول
تنبيه قد ورد أحاديث كثيرة سنوردها قريبا بعد هذا الفصل في ذكر أشياء كان يختص بها صلوات الله وسلامه عليه في حياته من دور ومساكن نسائه وإماء وعبيد وخيول وإبل وغنم وسلاح وبغلة وحمار وثياب واثاث وخاتم وغير ذلك مما سنوضحه بطرقه ودلائله فلعله عليه السلام تصدق بكثير منها في حياته منجزا وأعتق من أعتق من إمائه وعبيده وارصد ما أرصده من أمتعته مع ما خصه الله به من الأرضين من بني النضير وخيبر وفدك في مصالح المسلمين على ما سنبينه إن شاء الله إلا أنه لم يخلف من ذلك شيئا يورث عنه قطعا لما سنذكره قريبا وبالله المستعان