فصل (أمناء الرسول صلى الله عليه وسلم )
 
وقد ذكر ابن عساكر من أمنائه أبا عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح القرشي الفهري احد العشرة رضي الله عنه وعبد الرحمن بن عوف الزهري أما أبو عبيدة فقد روى البخاري من حديث أبي قلابة عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لكل أمة أمين وأمين هذه الامة ابو عبيدة ابن الجراح وفي لفظ أن رسول الله قال لوفد عبد القيس نجران لأبعثن معكم أمينا حق أمين فبعث معهم أبا عبيدة قال ومنهم معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي مولى بني عبد شمس كان على خاتمه ويقال كان خادمه وقال غيره أسلم قديما وهاجر الى الحبشة في الناس ثم الى المدينة وشهد بدرا وما بعدها وكان على الخاتم واستعمله الشيخان على بيت المال قالوا وكان قد أصابه الجذام فأمر عمر بن الخطاب فدووي بالحنظل فتوقف المرض وكانت وفاته في خلافة عثمان وقيل سنة أربعين فالله أعلم
قال الامام احمد ثنا يحيى بن ابي بكير ثنا شيبان عن يحيى بن أبي بكير عن أبي سلمة حدثني معيقيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الرجل يسوي التراب حيث يسجد قال إن كنت لا بد فاعلا فواحدة وأخرجاه في الصحيحين من حديث شيبان النحوي زاد مسلم وهشام الدستوائي زاده الترمذي والنسائي وابن ماجه والاوزاعي ثلاثتهم عن يحيى بن أبي كثير به وقال الترمذي حسن صحيح وقال الامام احمد ثنا خلف بن الوليد ثنا أيوب بن عتبة عن يحيى بن ابي كثير عن أبي سلمة عن معيقيب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويل للأعقاب من النار وتفرد به الامام احمد وقد روى أبو داود والنسائي من حديث أبي عتاب سهل بن حماد الدلال عن أبي مكين نوح بن ربيعة
عن اياس بن الحارث بن المعيقيب عن جده وكان على خاتم النبي صلى الله عليه وسلم قال كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم من حديد ملوي عليه فضة قال فربما كان في يدي
قلت أما خاتم النبي صلى الله عليه وسلم فالصحيح أنه كان من فضة فصه منه كما سيأتي في الصحيحين وكان قد اتخذ قبله خاتم ذهب فلبسه حينا ثم رمى به وقال والله لا ألبسه ثم اتخذ هذا الخاتم من فضة فصه منه ونقشه محمد رسول الله محمد سطر ورسول سطر والله سطر فكان في يده عليه السلام ثم كان في يد أبي بكر من بعده ثم في يد عمر ثم كان في يد عثمان فلبث في يده ست سنين ثم سقط منه في بئر اريس فاجتهد في تحصيله فلم يقدر عليه وقد صنف أبو داود رحمة الله عليه كتابا مستقلا في سننه في الخاتم وحده وسنورد منه إن شاء الله قريبا ما نحتاج اليه وبالله المستعان واما لبس معيقيب لهذا الخاتم فيدل على ضعف ما نقل أنه أصابه الجذام كما ذكره ابن عبد البر وغيره لكنه مشهور فلعله أصابه ذلك بعد النبي صلى الله عليه وسلم أو كان به وكان مما لا يعدى منه أو كان ذلك من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم لقوة توكله كما قال لذلك المجذوم ووضع يده في القصعة كل ثقة بالله وتوكلا عليه رواه أبو داود وقد ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فر من المجذوم فرارك من الاسد والله أعلم
وأما أمراؤه عليه السلام فقد ذكرناهم عند بعث السرايا منصوصا على اسمائهم ولله الحمد والمنة
وأما جملة الصحابة فقد اختلف الناس في عدتهم فنقل عن أبي زرعة أنه قال يبلغون مائة ألف وعشرين ألف وعن الشافعي رحمه الله أنه قال توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون ممن سمع منه ورآه زهاء عن ستين ألف وقال الحاكم أبو عبد الله يروى الحديث عن قريب من خمسة آلاف صحابي
الله من تخلف منهم لغير عذر من المنافقين والمقصرين ولامهم ووبخهم وقرعهم أشد التقريع وفضحهم أشد الفضيحة وأنزل فيهم قرآنا يتلى وبين أمرهم في سورة براءة كما قد بينا ذلك مبسوطا في التفسير وأمر المؤمنين بالنفر على كل حال فقال تعالى انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا باموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم إنهم لكاذبون ثم الآيات بعدها ثم قال تعالى وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون فقيل إن هذه ناسخة لتلك وقيل لا فالله أعلم