خلافة عمر بن الخطاب رضى الله عنه
 
وكانت وفاة الصديق رضى الله عنه في يوم الاثنين عشية وقيل بعد المغرب ودفن من ليلته وذلك لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة بعد مرض خمسة عشر يوما وكان عمر بن الخطاب يصلي عنه فيها بالمسلمين وفي اثناء هذا المرض عهد بالامر من بعده الى عمر بن الخطاب وكان الذي كتب العهد عثمان بن عفان وقرىء على المسلمين فاقروا به وسمعوا له واطاعوا فكانت خلافة الصديق سنتين وثلاثة اشهر وكان عمره يوم توفي ثلاثا وستين سنة للسن الذي توفي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جمع الله بينهما في التربة كما جمع بينهما في الحياة فرضي الله عنه وارضاه
قال محمد بن سعد عن ابي قطن عمرو بن الهيثم عن ربيع بن حسان الصائغ قال كان نقش خاتم ابي بكر نعم القادر الله وهذا غريب وقد ذكرنا ترجمة الصديق رضي الله عنه وسيرته وايامه وما روى من الاحاديث وما روى عنه من الاحكام في مجلد ولله الحمد والمنة فقام بالامر من بعده أتم القيام الفاروق امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو اول من سمي بامير المؤمنين وكان اول من حياه بها المغيرة بن شعبة وقيل غيره كما بسطنا ذلك في ترجمة عمر بن الخطاب وسيرته التى افردناها في مجلد ومسنده والآثار المروية مرتبا على الابواب في مجلد آخر ولله الحمد
وقد كتب بوفاة الصديق الى امراء الشام مع شداد بن اوس ومحمد بن جريح فوصلا والناس مصافون وجيوش الروم يوم اليرموك كما قدمنا وقد امر عمر على الجيوش ابا عبيدة حين ولاه وعزل خالد بن الوليد وذكر سلمة عن محمد بن اسحاق ان عمر انما عزل خالد لكلام بلغه عنه ولما كان من امر مالك بن نويرة وما كان يعتمده في حربه فلما ولى عمر كان اول ما تكلم به ان عزل خالدا وقال لا يلي لي عملا ابدا وكتب عمر الى ابي عبيدة ان اكذب خالد نفسه فهو امير علىما كان عليه وان لم يكذب نفسه فهو معزول فانزع عمامته عن راسه وقاسمه ماله نصفين فلما قال ابو عبيدة ذلك لخالد قال له خالد امهلني حتى استشير اختى فذهب الى اخته فاطمة وكانت تحت الحارث بن هشام فاستشارها في ذلك فقالت له ان عمر لا يحبك ابدا وانه سيعزلك وان كذبت نفسك فقال لها صدقت والله فقاسمه ابو عبيدة حتى اخذ احدى نعليه وترك له الآخرة
وخالد يقول سمعا وطاعة لامير المؤمنين
وقد روى ان جرير عن صالح بن كيسان انه قال اول كتاب كتبه عمر الى ابي عبيدة حين ولاه وعزل خالدا ان قال واوصيك بتقوى الله الذي يبقى ويفنى ما سواه الذي هدانا من الضلالة واخرجنا من الظلمات الى النور وقد استعملتك على جند خالد بن الوليد فقم بامرهم الذي يحق عليك لا تقدم المسلمين هلكة رجاء غنيمة ولا تنزلهم منزلا قبل ان تستريده لهم وتعلم كيف ماتاه ولا تبعث سرية الا في كنف من الناس واياك والقاء المسلمين في الهلكة وقد ابلاك الله بي وابلاني بك فغض بصرك عن الدنيا واله قلبك عنها واياك ان تهلكك كما اهلكت من كان قبلك فقد رايت مصارعهم وامرهم بالمسير الى دمشق وكان بعد ما بلغه الخبر بفتح اليرموك وجاءته به البشارة وحمل الخمس إليه وقد ذكر ابن اسحاق ان الصحابة قاتلوا بعد اليرموك اجنادين ثم بفحل من ارض الغور قريبا من بيسان بمكان يقال له الردغة سمى بذلك لكثرة ما لقوا من الاوحال فيها فاغلقوها عليهم واحاط بها الصحابة قال حينئذ جاءت الامارة الابي عبيدة من جهة عمر وعزل خالد وهذا الذي ذكره بن اسحاق من مجىء الامارة ابي عبيدة في حصار دمشق هو المشهور