وقعت البويب التى اقتص فيها المسلمون من الفرس
 
فلما سمع بذلك امراء الفرس وبكثرة جيوش المثنى بعثوا اليه جيشا اخر مع رجل يقال له مهران فتوافوا هم واياهم بمكان يقال له البويت قريب من مكان الكوفة اليوم وبينهما الفرات فقالوا اما ان تعبروا الينا او نعبر اليكم فقال المسلمون با اعبروا الينا فعبرت الفرس اليهم فتواقفوا وذلك في شهر رمضان فعزم المثنى على المسلمين في الفطر فافطروا عن اخرهم ليكون اقوى لهم وعبى الجيش وجعل يمر على كل راية من رايات الامراء على القبائل ويعظهم ويحثهم على الجهاد والصبر والصمت وفي القوم جرير بن عبدالله البجلي في بجلة وجماعة من سادات المسلمين وقال المثنى لهم اني مكبر ثلاث تكبيرات فتهيأوا فاذا كبرت الرابعة فاحملوا فقابلوا قوله بالسمع والطاعة والقبول فلما كبر او تكبيرة عاجلتهم الفرس فحملوا حتى غالقوهم واقتتلوا قتالا شديدا وراى المثنى في بعض صفوفه خللا فبعث اليهم رجلا يقول الامير يقرا عليكم السلام ويقول لكم لا تفضحوا العرب اليوم فاعتدلوا فلما راى ذلك منهم وهم بنو عجل اعجبه وضحك وبعث اليهم يقول يا معشر المسلمين عاداتكم انصروا الله ينصركم وجعل المثنى المسلمون يدعون الله بالظفر والنصر فلما طالت مدة الحرب جمع المثنى جماعة من اصحابه الابطال يحمون ظهره وحمل على مهران فازاله عن موضعه حتى دخل الميمنة وحمل غلام من بني تغلب نصراني فقتل مهران وركب فرسه كذا ذكره سيف بن عمر
وقال محمد بن اسحاق بل حمل عليه المنذر بن حسان بن ضرار الضبي فطعنه واحتز راسه جرير بن عبدالله البجلي واختصما في سلبه فاخذ جرير السلاح واخذ المنذر منطفه وهربت المجوس وركب المسلمون اكتافهم يفصلونهم فصلا وسبق المثنى بن حارثة الى الجسر فوقف عليه ليمنع الفرس من الجواز عليه ليتمكن منهم المسلمون فركبوا اكتافهم بقية ذلك اليوم وتلك الليلة ومن ابعد الى الليل فيقال انه قتل منهم يومئذ وغرق قريب من مائة الف ولله الحمد والمنة وغنم المسلمون مالا جزيلا وطعاما كثيرا وبعثوا بالبشارة والاخماس الى عمر رضى الله عنه وقد قتل من سادات المسلمين هذا اليوم بشر كثير ايضا وذلت لهذه الوقعة رقاب الفرس وتمكن الصحابة من الغارات في بلادهم فيما بين الفرات ودجلة فغنموا شيئا عظيما لا يمكن حصره وجرت امور يطول ذكرها بعد يوم البويت وكانت هذه الوقعة بالعراق نظير اليرموك بالشام وقد قال الاعور الشنى العبدي في ذلك
هاجت لاعور دار الحي احزانا * واستبدلت بعد عبد القيس حسانا
وقد ارانا بها الشمل مجتمع * اذ بالنخيلة قتلى جند مهرانا
اذ كان سار المثنى بالخيول لهم * فقتل الزحف من فرس وجيلانا
سما لمهران والجيش الذي معه * حتى ابادهم مثنى ووحدانا