نظرية التطور
 

بسم الله الرحمن الرحيم

تعتمد نظرية التطور التي يؤمن بها داروين و أتباعه على نفي وجود الخالق و يزعمون أن الكون انما خلق عبثا ، يقولون ان الكون وجد صدفة ، و تكون صدفة ، و أن الإنسان تطور من أصل القرد الى الإنسان العاقل .

انه من غير الممكن عقلا أن يكون هذا الكون الواسع بدون خالق فنحن البشر نؤمن بالأسباب و المسببات فكل شيء له سبب يبدو منه و ينشعب ، و تحليل الأمور ينطلق من هذه النظرية ، فيتسأل الواحد منا : كيف و لما ؟ ليجد جوابا لا غموض فيه لحل ما اشتبه عليه من المسائل

فاذا سألنا أنفسنا كيف وجد الكون ؟ ـ

هذا سؤال اذا اجيب عنه بأن الكون صدفة لا يمكن أن يقبله عقل سليم فما من شيء صغير كان أو كبير الا و يحتاج الى من أوجده فكيف بالسماء و الأرض و ما فيهما ، فالصدفة لا تصنع الأشياء بل ان ما نعتبره صدفة له سبب نجهله و ربنا يعلمه ، فقد يقول القائل مثلا أنه التقى بصديق له صدفة و هو يعتبر الأمر كذلك لكنه في الواقع ليس كما يرى اذ أن الله تعالى قدر في سابق علمه أن يلتقي الرجلان في تلك البقعة و في ذاك الزمن

ثم اننا اذا أردنا ان نحاور هؤلاء الذين يزعمون أن ألصدفة هي التي خلقت ، فاننا نطلب منهم أ، يضعوا لهذه الكلمة تعريفا ، هل ما يعرف بالصدفة مجرد كلمة أم أنها كائن مدبر ؟ـ

فان أجابوا بأنها مجرد كلمة فقد تبين الرشد من الغي و بان زيف ما يدعون

و ان هم أجابوا بأنها كائن مدبر قلنا لهم : هذا الكائن المدبر ، أخالق أم مخلوق

فان قالوا أنه مخلوق فقد أقروا بوجود الخالق

و ان قالوا : خالق فقد أقروا بوجود الخالق و بان أنهم انما يريدون تضليل الناس عن عبادة الله الخالق

لكنهم في واقع الأمر يحاولون ابعاد الناس عن الإيمان بالله الخالق فيقولون ، حسب العبارات المتعددة التي صنعوها ، تارة أن الكون خلق صدفة و دون تدبير في هرج و مرج ، تكونت ذرة من هنا و غبار من هناك و طار هواء و امتزج هذا بذاك و اختلط فكون انفجارا دونما سبب أفرزقردا ولد انسانا تطور عبر العصور حتى وصل الى ما هو عليه اليوم

و تارة يضعون لهذه التسمية اسم الطبيعة لنفي وجود الله تعالى و الطبيعة التي نعرفها انما هي من خلق الله تعالى و بها و بكل ما في الكون يستدل على وجود الله تعالى ، و لذا قال اعرابي : ان البعرة تدل على البعير, والاثر يدل على المسير , اسماء ذات ابراج وارض ذات فجاج الا يدل ذلك على العليم الخبير!ـ

و ربنا في محكم تنزيله يبين لنا و يعلمنا كيف خلق الكون و يأتي العلم الحديث ليثبت ما أثبت الله في كتابه و سنة نبيه محمد عليه الصلاة و السلام في قوله تعالى :ـ

أو لم يرى الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما وجعلنا من الماءِ كل شيء حي أفلا يؤمنون

ففي هذه الأية و غيرها نجد اعجاز القرأن الكريم ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه ، يوضح لنا أن الكون انما خلق بارادة الله و مشيئته بعد انفجار هائل أدى الى فصل الأرض عن السماء

ثم في أية أخرى يقول تعالى مخاطبا الجاحدين : أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السموات و الأرض

هذا الإنسان الضعيف لا يتعظ من نفسه كيف خلقه الله من نطفة فاذا هو خصيم مبين لا يستطيع أن يقول أنه خلق صدفة و يزعم أن الكون كله خلق صدفة فلو قلنا لمن يناصر هذه العقيدة الباطلة أنه خلق صدفة لأنكر علينا ذلك فكيف به ينكر وجود الله خالق البشر

ثم لا يمكن للإنسان أن يكون خالقا بحيث يستطيع أن يكون صانع دراجة ، صانع سيارة و صانع طائرة و كفى ، و لا يمكن لأحد أن يتبجح بصنعته لأن الصانع الحقيقي هو الله اذ أن الله تعالى هو الذي أوجد للإنسان في هذا الكون المواد الأصلي التي تعيينه في الحياة و هذا ما أراده الله من الإنسان ، و الذين يقومون بتحليل الحيوانات المنوية انما يعملون عمل الفلاح يزرعون البذرة و ينتظرون مشيئة الله تعالى

فاذا عجز الإنسان على خلق ذرة فهو أعجز من أن يخلق كونا يحيط به من كل ناحية

هذا ثم ان قولهم أن الإنسان كان مجرد قرد تطور من حياة الكهوف الى حياة البيوت فهذه دعوى لا يقوم عليها دليل لأن الله تعالى جعل في الكون سننا و من سنته تعالى في خلقه أن التجربة اذا نجحت مرة فيمكن اعادتها مرة اخرى الا اذا كانت معجزة خص بها الله تعالى نبيا من أبياءه ، و حجتنا في ذلك قوله تعالى : ـ

وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

يخبرنا الحي سبحانه أنه خلق الخلق بداية ثم هو يكرر عملية الخلق و يبين تعالى أن ذلك عليه هين سهل و لا شيء يعجزه في الأرض و السماء ، و بناءا عليه فان الإنسان اذا ما قام بعملية حسابية مثلا ثم وجد لها

الحل مرة فان في اعادة تطبيقها سهولة و رسوخا في الذهن و المثل الأعلى لله و انما أمره لشيء أراده أن يقول له كن فيكون و ربنا لا يشبهه أحد من خلقه في صفاته و أفعاله : ليس كمثله شيء و هو السميع البصير

و قد أردنا أن نوضح زيف ما ادعو بقولهم أن أباهم كان قردا على أن القرد لو ولد انسانا عاقلا مرة لأمكن له أ ن يلده ثانية ، ثم ان حول هذه النظرة كثيرا من الغموض حيث لو سلمنا جدلا أن ذلك القرد و لد صبيا فكيف انجب الولد بعدها هل زنى بأمه القردة أم ماذا ؟ و تسأولات كثيرة كهاته تحتاج لجدال عميق مع هؤلاء

أما نحن فربنا بين لنا أن ادم عليه السلام لم يكن جاهلا متوحشا بل كان عليه السلام نبيا عالما يفقه كثيرا مما يجهلون أنعم الله عليه بنعم لن يصلوها أبدا فجنة الخلد موطنه و فضله على الملائكة بالعلم جعل ابليس يحسده ـ

 

الزاهد الورع