فصل (مقتل عثمان رضي الله عنه ).
 
ولما وقع هذا الأمر العظيم الفضيع الشنيع أسقط في أيدي الناس فأعظموه جدا وندم أكثر هؤلاء الجهلة الخوارج بما صنعوا وأشبهوا تقدمهم ممن قص الله علينا خبرهم في كتابة العزيز من الذين عبدوا العجل في قوله تعالى ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين
ولما بلغ الزبير مقتل عثمان وكان قد خرج من المدينة قال إنا لله وإنا إليه راجعون ثم ترحم على عثمان وبلغه أن الذين قتلوه ندموا فقال تبا لهم ثم تلا قوله تعالى ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون وبلغ عليا قتله فترحم عليه وسمع بندم الذين قتلوه فتلا قوله تعالى كمثل الشيطان إذ قال للانسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين ولما بلغ سعد بن أبي وقاص قتل عثمان استغفر له وترحم عليه وتلا في حق الذين قتلوه قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ثم قال سعد اللهم اندمهم ثم خذهم وقد أقسم بعض السلف بالله إنه ما مات أحد من قتلة عثمان إلا مقتولا رواه ابن جرير
وهكذا ينبغي أن يكون لوجوه منها دعوة سعد المستجابة كما ثبت في الحديث الصحيح وقال بعضهم ما مات أحد منهم حتى جن وقال الواقدي حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد عن عبد الرحمن بن الحارث قال الذي قتل عثمان كنانة بن بشر بن عتاب النجيبي وكانت امرأة منظور بن سيار الفزاري تقول خرجنا إلى الحج وما علمنا لعثمان بقتل حتى إذا كنا بالمرج سمعنا رجلا يغني تحت الليل
ألا إن خير الناس بعد ثلاثة * قتيل النجيبي الذي جاء من مصر
ولما رجع الحج وجدوا عثمان رضي الله عنه قد قتل وبايع الناس على بن أبي طالب رضي الله عنه ولما بلغ أمهات المؤمنين في أثناء الطريق أن عثمان قد قتل رجعن إلى مكة فأقمن بها نحوا من أربعة أشهر كما سيأتي