بعض الأحاديث الواردة في فضائل عثمان بن عفان
 
هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس ابن مصر بن نزار بن معد بن عدنان أبو عمرو وأبو عبد الله القرشي الأموي أمير المؤمنين ذو النورين شمس وأمها أم حكيم وهي البيضاء بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أحد العشرة وصاحب الهجرتين وزوج الابنتين وأمه أروى بنت كريز بن ربيعة بن عبد المشهود لهم بالجنة وأحد الستة أصحاب الشورى وأحد الثلاثة الذين خلصت لهم الخلافة من الستة ثم تعينت في بأجماع المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم فكان ثالث الخلفاء الراشدين والائمة المهديين المأمور بأتباعهم والاقتداء بهم
أسلم عثمان رضي الله عنه قديما على يدي أبي بكر الصديق وكان سبب إسلامه عجيبا فيما ذكره الحافظ ابن عساكر وملخص ذلك أنه لما بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوج ابنته رقية وكانت ذات جمال من ابن عمها عتبة بن أبي لهب تأسف إذ لم لم يكن هو تزوجها فدخل على أهله مهموما فوجد عندهم خالته سعدى بنت كريز وكانت كاهنة فقالت له أبشر وحييت ثلاثا تترا ثم ثلاثا
وثلاثا أخرى ثم بأخرى كي تتم عشرا أتاك خير ووقيت شرا أنكحت والله حصانا زهرا وأنت بكر ولقيت بكرا وافيتها بنت عظيم قدرا بنيت أمرا قد أشاد ذكرا قال عثمان فعجبت من أمرها حيث تبشرني بالمرأة قد تزوجت بغيري فقلت يا خالة ما تقولين فقالت عثمان لك الجمال ولك اللسان هذا النبي معه البرهان أرسله بحقه الديان وجاءه التنزيل والفرقان فاتبعه لا تغتالك الأوثان قال فقلت إنك لتذكرين امرا ما وقع ببلدنا فقالت محمد بن عبد الله رسول من عند الله جاء بتنزيل الله يدعو به إلى الله ثم قالت مصباحه مصباح ودينه فلاح وامره نجاح وقرنه نطاح ذلت له البطاح ما ينفع الصياح لو وقع الذباح وسلت الصفاح ومدت الرماح قال عثمان فانطلقت مفكرا فلقيني أبو بكر فأخبرته فقال ويحك يا عثمان إنك لرجل حازم ما يخفى عليك الحق من الباطل ما هذه الأصنام التي يعبدها قومنا أليست من حجارة صم لا تسمع ولا تبصر ولا تضر ولا تنفع قال قلت بلى والله إنها لكذلك فقال والله لقد صدقتك خالتك هذا رسول الله محمد بن عبد الله قد بعثه الله إلى خلقه برسالته هل لك أن تأتيه فاجتمعنا برسول الله فقال يا عثمان أجب الله إلى حقه فأنى رسول الله إليك وإلى خلقه قال فوالله ما تمالكت نفسي منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ثم لم ألبث أن تزوجت رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يقال
أحسن زوج رآه إنسان * رقية وزوجها عثمان
فقالت في ذلك سعدي بنت كريز * هدى الله عثمانا بقولي إلى الهدى
وأرشده والله يهدي إلى الحق
فتابع بالرأي السديد محمدا * وكان برأي لا يصد عن الصدق
فكيف رأيت الله صب عليهم * العداوة والبغضاء بعد التواصل
وأنكحه المبعوث بالحق بنته فكانا كبدر مازج الشمس في الأفق
فداؤك يا ابن الهاشميين مهجتي * وأنت أمين الله أرسلت للخلق
قال ثم جاء أبو بكر من الغد بعثمان بن مظعون وبأبي عبيد وعبد الرحمن بن عوف وأبي سلمة بن عبد الأسد والأرقم بن أبي الأرقم فأسلموا وكانوا مع من اجتمع مع رسول الله ثمانية وثلاثون رجلا وهاجر إلى الحبشة أول الناس ومعه زوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم عاد إلى مكة وهاجر إلى المدينة فلما كانت وقعة بدر اشتغل بتمريض ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقام بسببها في المدينة وضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه منها وأجره فيها فهو معدود فيمن شهدها فلما توفيت زوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأختها أم كلثوم فتوفيت ايضا في صحبته وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان عندنا أخرى لزوجناها بعثمان وشهد احدا وفر يومئذ فيمن تولى وقد نص الله على العفو عنهم وشهد
الخندق والحديبية وبايع عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ باحدى يديه وشهد خيبر وعمرة القضاء وحضر الفتح وهوازن والطائف وغزوة تبوك وجهز جيش العسرة وتقدم عن عبد الرحمن بن خباب أنه جهزهم يومئذ بثلاثمائة بعير بأقتابها وأحلاسها وعن عبد الرحمن بن سمرة أنه جاء يومئذ بألف دينار فصبها في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم ماضر عثمان ما فعل بعد هذا اليوم مرتين وحج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع وتوفي وهو عنه راض وصحب أبا بكر فأحسن صحبته وتوفي وهو عنه راض وصحب عمر فأحسن صحبته وتوفي وهو عنه راض ونص عليه في أهل الشورى الستة فكان خيرهم كما سيأتي
فولى الخلافة بعده ففتح الله على يديه كثيرا من الأقاليم والأمصار وتوسعت المملكة الإسلامية وامتدت الدولة المحمدية وبلغت الرسالة المصطفوية في مشارق الأرض ومغاربها وظهر للناس مصداق قوله تعالى وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم آمنا وقوله تعالى هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون وقوله صلى الله عليه وسلم إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده وإذا هلك كسرى فلا كسرى بعده والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله وهذا كله تحقق وقوعه وتأكد وتوطد زمان عثمان رضي الله عنه
وقد كان رضي الله عنه حسن الشكل مليح الوجه كريم الأخلاق ذا حياء كثير وكرم غزير يؤثر أهله وأقاربه في الله تأليفا لقلوبهم من متاع الحياة الدنيا الفاني لعله يرغبهم في إيثار ما يبقى على ما يفنى كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطى أقواما ويدع آخرين يعطى أقواما خشية أن يكبهم الله على وجوههم في النار ويكل آخرين إلى ما جعل الله في قلوبهم من الهدى والإيمان وقد تعنت عليه بسبب هذه الخصلة أقوام كما تعنت بعض الخوارج على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإيثار وقد قدمنا ذلك غزوة حنين حيث قسم غنائمها وقد وردت أحاديث كثيرة في فضل عثمان رضي الله عنه نذكر ما تيسر منها إن شاء الله وبه الثقة وهي قسمان الأول فيما ورد في فضائله مع غيره
فمن ذلك الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه حدثنا مسدد ثنا يحيى بن سعيد عن سعيد عن قتادة أن أنسا حدثهم قال صعد النبي صلى الله عليه وسلم أحدا ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فرجف فقال اسكن أحد أظنه ضربه برجله فليس عليك إلا نبي وصديق وشهيدان تفرد به دون مسلم وقال الترمذي ثنا قتيبة ثنا عبد العزيز بن محمد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراء هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي بن أبي طالب وطلحة والزبير
فتحركت الصخرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم اهدني فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد ثم قال في الباب عن عثمان بن سعيد بن زيد وابن عباس وسهيل بن سعد وأنس بن مالك وبريدة الأسلمي وهذا حديث صحيح قلت ورواه أبو الدرداء ورواه الترمذي عن عثمان في خطبته يوم الدار وقال على ثبير