سنة أربع وأربعين
 
فيها غزا عبد الرحمن بن خالد الوليد بلاد الروم ومعه المسلمون وشتوا هنالك وفيها غزا بسر ابن أبى أرطاة فى البحر وفيها عزل معاوية عبد الله بن عامر عن البصرة وذلك أنه ظهر فيها الفساد وكان لين العريكة سهلا يقال إنه كان لا يقطع لصا ويريد أن يتألف الناس فذهب عبد الله بن أبى أوفى المعروف بابن الكوا فشكاه إلى معاوية فعزل معاوية ابن عامر عن البصرة وبعث إليها الحرث بن عبد الله الأزدى ويقال إن معاوية استدعاه إليه ليزوره فقدم ابن عامر على معاوية دمشق فأكرمه ورده على عمله فلما ودعه قال له معاوية ثلاث أسألكهن فقل هى لك وأنا ابن أم حكيم ترد على عملى ولا تغضب قال ابن عامر قد فعلت قال معاوية وتهب لى مالك بعرفة قال قد فعلت قال وتهب لى دورك بمكة قال قد فعلت فقال له معاوية وصلتك رحما فقال ابن عامر يا أمير المؤمنين وإنى سائلك ثلاثا فقل هى لك وأنا ابن هند قال ترد على مالى بعرفة قال قد فعلت قال ولا تحاسب لى عاملا ولا أميرا قال قد فعلت قال وتنكحنى ابنتك هندا قال قد فعلت ويقال إن معاوية خيره بين هذه الثلاث وبين الولاية على بصرة فاختار هذه الثلاث واعتزل عن البصرة قال ابن جرير وفى هذه السنة استلحق معاوية زياد ابن أبيه فألحقه بأبى سفيان وذلك أن رجلا شهد على إقرار أبى سفيان أنه عاهر بسميه أم زياد فى الجاهلية وأنها حملت بزياد هذا منه فلما استلحقه معاوية قيل له زياد بن أبى سفيان وقد كان الحسن البصرى ينكر هذا الاستلحاق ويقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الولد للفراش وللعاهر الحجر وقال أحمد ثنا هشيم ثنا خالد عن أبى عثمان قال لما ادعى زياد لقيت أبا بكرة فقلت ما هذا الذى صنعتم سمعت سعد بن أبى وقاص يقول سمعت أذنى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من ادعى أبا فى الاسلام غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام فقال أبو بكرة وأنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجناه من حديث أبى عثمان عنهما قلت أبو بكرة وأسمه نفيع وأمه سمية أيضا وحج بالناس فى هذه السنة معاوية وفيها عمل معاوية المقصورة بالشام ومروان مثلها بالمدينة
وفى هذه السنة توفيت أم حبيبة بنت أبى سفيان أم المؤمنين واسمها رملة أخت معاوية أسلمت قديما وهاجرت هى وزوجها عبد الله بن جحش إلى أرض الحبشة فتنصر هناك زوجها وثبت على دينها رضى الله عنها وحبيبة هى أكبر أولادها منه ولدتها بالحبشة وقيل بمكة قبل الهجرة ومات زوجها هنالك لعنه الله وقبحه ولما تأيمت من زوجها بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمرى إلى النجاشى فزوجها منه وولى العقد خالد بن سعيد بن العاص وأصدقها عنه النجاشى أربعمائة دينار وحملها إليه فى سنة سبع ولما جاء أبوها عام الفتح ليشهد العقد دخل عليها فثت عنه فراش رسول الله فقال لها والله يا بنية ما أدرى أرغبت بهذا الفراش عنى أم بى عنه فقالت بل هو فراش رسول الله وانت رجل مشرك فقال لها والله يا بنية لقد لقيت بعدى شرا وقد كانت من سيدات أمهات المؤمنين ومن العابدات الورعات رضى الله عنها قال محمد بن عمر الواقدى حدثنى أبو بكر بن عبد الله بن أبى سبرة عن عبد المجيد بن سهيل عن عوف بن الحارث قال سمعت عائشة تقول دعتنى أم حبيبة عند موتها فقالت قد يكون بيننا ما يكون بين الضرائر فقلت يغفر الله لى ولك ما كان من ذلك كله وتجاوزت وحاللتك فقالت سررتينى سرك الله وأرسلت إلى أم سلمة فقالت لهل مثل ذلك

الموضوع التالي


سنة خمس وأربعين

الموضوع السابق


سنة ثلاث وأربعين