ثم دخلت سنة سبعين من الهجرة
 
فيها ثارت الروم واستجاشوا على من بالشام واستضعفوهم لما يرون من الاختلاف الواقع بين بنى مروان وابن الزبير فصالح عبد الملك ملك الروم وهادنه على أن يدفع إليه عبد الملك فى كل جمعة ألف دينار خوفا منه على الشام وفيها وقع الوباء بمصر فهرب منه عبد العزيز بن مروان إلى الشرقية فنزل حلوان وهى على مرحلة من القاهرة واتخذها منزلا واشتراها من القبط بعشرة آلاف دينار وبنى بها دارا للامارة وجامعا وأنزلها الجند وفيها ركب مصعب بن الزبير من البصرة إلى مكة ومعه أموال جزيلة فأعطى وفرق وأطلق الجماعة من رؤس الناس بالحجاز أموالا كثيرة
وممن توفى فيها من الأعيان عاصم بن عمر بن الخطاب القرشى العدوى وأمه جميلة بنت ثابت ابن أبى الأفلح ولد فى حياة رسول الله ص ولم يرو إلا عن أبيه حديثا واحدا إذا أقبل الليل من ههنا الحديث وعنه ابناه حفص وعبد الله وعروة بن الزبير وقد طلق ابوه أمه فاخذته جدته الشموس بنت أبى عامر أتى به الصديق وقال شمها ولطفها أحب إليه منك ثم لما زوجه أبوه فى أيام إمارته أنفق عليه من بيت المال شهرا ثم كف عن الانفاق عليه وأعطاه ثمن ماله وأمره أن يتجر وينفق على عياله وذكر غير واحد أنه كان بين عاصم وبين الحسن والحسين منازعة فى أرض فلما تبين عاصم من الحسن الغضب قال هى لك فقال له بل هى لك فتركاها ولم يتعرضا لها ولا أحد من ذريتهما حتى أخذها الناس من كل جانب وكان عاصم رئيسا وقورا كريما فاضلا قال الواقدى مات سنة سبعين بالمدينة

قبيصة بن دؤيب الخزاعى الكلبى
أبو العلاء من كبار التابعين وهو أخو معاوية من الرضاعة كان من فقهاء أهل المدينة وصالحيهم انتقل إلى الشام وكان معلم كتاب

قيس بن دريج
المشهور أنه من بادية الحجاز وقيل إنه أخو الحسين بن على من الرضاعة وكان قد تزوج لبنى بنت الحباب ثم طلقها فلما طلقها هام لما به من الغرام وسكن البادية وجعل يقول فيها الأشعار ونحل جسمه فلما زاد ما به أتاه ابن ابى عتيق فأخذه ومضى به إلى عبد الله بن جعفر فقال له فداك أبى وأمى اركب معى فى حاجة فركب واستنهض معه أربعة نفر من وجوه قريش فذهبوا معه وهم لا يدرون ما يريد حتى أتى بهم باب زوج لبنى فخرج إليهم فاذا وجوه قريش فقال جعلنى الله فداكم ما جاء بكم قالوا حاجة لابن أبى عتيق فقال الرجل اشهدوا أن حاجته مقضية وحكمه جائز فقالوا أخبره بحاجتك فقال ابن أبى عتيق اشهدوا على أن زوجته لبنى منه طالق
فقال عبد الله بن جعفر قبحك الله ألهذا جئت بنا فقال جعلت فداكم يطلق هذا زوجته ويتزووج بغيرها خير من أن يموت رجل مسلم فى هواها صبابة والله لا أبرح حتى ينتقل متاعها إلى بيت قيس ففعلت وأقاموا مدة فى أرغد عيش وأطيبه رحمهم الله تعالى

يزيد بن زياد بن ربيعة الحميرى
الشاعر كان كثير الشعر والهجو وقد أراد عبيد الله بن زياد قتله لكونه هجا أباه زيادا فمنعه معاوية من قتله وقال أدبه فسقاه دواء مسهلا وأركبه على حمار وطاف به فى الاسواق وهو يسلح على الحمار فقال فى ذلك
يغسل الماء ما صنعت وشعرى * راسخ منك فى العظام البوالى

بشير بن النضر
قاضى مصر كان رزقه فى العام ألف دينار توفى بمصر وولى بعده عبد الرحمن بن حمزة الخولانى والله سبحانه أعلم

مالك بن يخامر
السكسكى الألهانى الحمصى تابعى جليل ويقال له صحبة فالله أعلم روى البخارى من طريق معاوية عنه عن معاذ بن جبل فى حديث الطائفة الظاهرة على الحق أنهم بالشام وهذا من باب رواية الأكابر عن الأصاغر إلا أن يقال له صحبة والصحيح أنه تابعى وليس بصحابى وكان من أخص أصحاب معاذ بن جبل رضى الله عنه قال غير واحد مات فى هذه السنة وقيل سنة اثنتين وسبعين والله سبحانه وتعالى أعلم