فصل (خطبة عبد الله بن الزبير في مقتل أخيه مصعب ).
 
وكان لمصعب من الولد عكاشة وعيسى الذى قتل معه وسكينة وأمهم فاطمة بنت عبد الله بن السائب وعبد الله ومحمد وأمهما عائشة بنت طلحة وأمها أم كلثوم بنت أبى بكر الصديق وجعفر ومصعب وسعيد وعيسى الأصغر والمنذر لأمهات شتى والرباب وأمها سكينة بنت الحسين ابن على بن أبى طالب رضى الله عنه وعنهم
قال ابن جرير وذكر أبو زيد عن أبى غسان محمد بن يحيى حدثنى مصعب بن عثمان قال لما انتهى إلى عبد الله بن الزبير قتل أخيه مصعب قام فى الناس خطيبا فقال الحمد لله الذى له الخلق والأمر يؤتى الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير وهو على كل شىء قدير ألا وإنه لم يذل الله من كان الحق معه وإن كان فردا وحده ولن يفلح من كان وليه الشيطان وجزبه ولو كان معه الآنام طرا ألا وإنه أتانا من العراق خبر أحزننا وأفرحنا أتانا قتل مصعب فأحزننا فأما الذى أفرحنا فعلمنا أن قتله له شهادة وأما الذى أحزننا فان الحميم لفراقه لوعة يجدها حميمه عند المصيبة ثم يرعوى من بعدها وذو الرأى جميل الصبر كريم العزاء ولئن أصبت بمصعب فلقد أصبت بالزبير قبله وما أنا من عثمان بخلو ؟ مصيبة وما مصعب إلا عبد من عبيد الله وعون من أعوانى ألا وإن أهل العراق أهل الغدر والنفاق أسلموه وباعوه بأقل الثمن فان يقتل فانا والله ما نموت على مضاجعنا كما تموت بنو أبى العاص والله ما قتل منهم رجل فى زحف فى الجاهلية ولا فى الاسلام وما نموت إلا بأطراف الرماح أو تحت ظل السيوف فان بنى أبى العاص يجمعون الناس بالرغبات والرهبات ثم يقاتلون بهم أعداءهم ممن هو خير منهم وأكرم ولا يقاتلون تابعيهم زحفا ألا وإن الدنيا عارية من الملك الأعلاء الذى لا يزول سلطانه ولا يبيد ملكه فان تقبل الدنيا لآخذها أخذ الاشر البطر وإن تدبر لا أبكى عليها بكاء الحزين الأسف المهين أقول قولى هذا واستغفر الله لى ولكم