وممن توفي في هذه السنة من الأعيان أسلم مولى عمر بن الخطاب
 
وهو أبو زيد بن أسلم أصله من سبى عين النمر اشتراه عمر بمكة لما حج سنة إحدى عشرة
وتوفي وعمره مائة وأربع عشرة سنة وروى عن عمر عدة أحاديث وروى عن غيره من أصحابه أيضا وله مناقب كثيرة رحمه الله

جبير بن نفير
ابن مالك الحضرمي له صحبة ورواية وكان من علماء أهل الشام وكان مشهورا بالعبادة والعلم توفي بالشام وعمره مائة وعشرون سنة وقيل أكثر وقيل أقل

عبد الله بن جعفر بن أبي طال
ولد بأرض الحبشة وأمه أسماء بنت عميس وهو آخر من رأى النبي ص من بني هاشم وفاة سكن المدينة ولما استشهد أبوه جعفر بمؤتة أتى النبي ص إلى أمهم فقال ائتوني ببني أخي فأتى بهم كأنهم أفرخ فدعا بالحلاق فحلق رؤسهم ثم قال اللهم اخلف جعفرا في أهله وبارك لعبد الله في صفقته فجاءت أمهم فذكرت للنبي ص أنه ليس لهم شيء فقال أنا لهم عوضا من أبيهم وقد بايع النبي ص عبد الله بن جعفر وعبد الله بن الزبير وعمرهما سبع سنين وهذا لم يتفق لغيرهما وكان عبد الله بن جعفر من أسخى الناس يعطى الجزيل الكثير ويستقله وقد تصدق مرة بألفي ألف وأعطى مرة رجلا ستين ألفا ومرة أعطى رجلا أربعة آلاف دينار وقيل إن رجلا جلب مرة سكرا إلى المدينة فكسد عليه فلم يشتره أحد فأمر ابن جعفر قيمة أن يشتريه وأن يهديه للناس وقيل إن معاوية لما حج ونزل في دار مروان قال يوما لحاجبه انظر هل ترى بالباب الحسن أو الحسين أو ابن جعفر أو فلانا وعد جماعة فخرج فلم ير أحدا فقيل له هم مجتمعون عند عبد الله بن جعفر يتغدون فأتى معاوية فأخبره فقال ما أنا إلا كأحدهم ثم أخذ عصا فتوكأ عليها ثم أتى باب ابن جعفر فاستأذن عليه ودخل فأجلسه في صدر فراشه فقال له معاوية أين غداؤك يا ابن جعفر فقال وما تشتهي من شيء فأدعوا به فقال معاوية أطعمنا مخا فقال يا غلام هات مخا فأتى بصحيفة فأكل معاوية ثم قال ابن جعفر لغلامه هات مخا فجاء بصحيفة أخرى ملآنة مخا إلى أن فعل ذلك ثلاث مرات فتعجب معاوية وقال يا ابن جعفر ما يشبعك إلا الكثير من العطاء فلما خرج معاوية أمر له بخمسين ألف دينار وكان ابن جعفر صديقا لمعاوية وكان يغد عليه كل سنة فيعطيه ألف ألف درهم ويقضي له مائة حاجة ولما حضرت معاوية الوفاة أوصى ابنه يزيد فلما قدم ابن جعفر على يزيد قال له كم كان أمير المؤمنين يعطيك كل سنة قال ألف ألف فقال له قد أضعفناها لك وكان يعطيه ألفي ألف كل سنة فقال له عبد الملك بن جعفر بأبي أنت وأمي ما قلتها لأحد قبلك ولا أقولها لأحد بعدك فقال يزيد ولا أعطاكها أحد قبلي ولا يعطيكها أحد بعدي وقيل إنه كان عند ابن جعفر جارية تغنيه تسمى عمارة وكان يحبها محبة عظيمة فحضر عنده يزيد ابن معاوية يوما فغنت الجارية فلما سمعها يزيد افتتن بها ولم يجسر على ابن جعفر أن يطلبها منه فلم يزل في نفس يزيد منها حتى مات أبوه معاوية فبعث يزيد رجلا من أهل العراق وأمره أن يتطلع في أمر هذه الجارية فقدم الرجل المدينة ونزل جواز ابن جعفر وأهدى إليه هدايا وتحفا كثيرة وأنس به ولا زال حتى أخذ الجارية وأتى يزيد وكان الحسن البصري يذم ابن جعفر على سماعه الغنى واللهو وشرائه المولدات ويقول أما يكفيه هذا الأمر القبيح المتلبس به من هذه الأشياء وغيرها حتى زوج الحجاج بنت رسول الله ص وكان الحجاج يقول إنما تزوجتها لأذل بها آل أبي طالب وقيل إنه لم يصل إليها وقد كتب عبد الملك إليه أن يطلقها فطلقها أسند عبد الله ابن جعفر ثلاثة عشر حدينا

أبو ادريس الخولاني
اسمه عائذ الله بن عبد الله له أحوال ومناقب كان يقول قلب نقي في ثياب دنسه خير من قلب دنس في ثياب نقية وقد تولى القضاء بدمشق وقد ذكرنا ترجمته في كتابنا التكميل

معبد الجهني القدري
يقال إنه معبد بن عبد الله بن عليم راوي حديث لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب وقيل غير ذلك في نسبه سمع الحديث من ابن عباس وابن عمر ومعاوية وعمران بن حصين وغيرهم وشهد يوم التحكيم وسأل أبا موسى في ذلك ووصاه ثم اجتمع بعمرو بن العاص فوصاه في ذلك فقال له أيها يا تيس جهنة ما أنت من أهل السر والعلانية وإنه لا ينفعك الحق ولا يضرك الباطل وهذا توسم فيه من عمرو بن العاص ولهذا كان هو أول من تكلم في القدر ويقال إنه أخذ ذلك عن رجل من النصارى من أهل العراق يقال له سوس وأخذ غيلان القدر من معبد وقد كانت لمعبد عبادة وفيه زهادة ووثقه ابن معين وغيره في حديثه وقال الحسن البصري إياكم ومعبدا فإن ضال مضل وكان ممن خرج مع ابن الأشعث فعاقبه الحجاج عقوبة عظيمة بأنواع العذاب ثم قتله وقال سعيد بن عفير بل صلبه عبد الملك بن مروان في سنة ثمانين بدمشق ثم قتله وقال خليفة بن خياط مات قبل التسعين فالله أعلم وقيل إن الأقرب قتل عبد الملك له والله سبحانه وتعالى أعلم

الموضوع التالي


فتنة بن الأشعث