ثم دخلت سنة ثمان ومائة
 
ففيها أفتتح مسلمة بن عبد الملك قيسارية من بلاد الروم وفتح إبراهيم بن هشام بن عبد الملك حصنا من حصون الروم أيضا وفيها غزا اسيد بن عبد الله القسرى أمير خراسان فكسر الأتراك كسرة فاضحة وفيها زحف خاقان إلى أذربيجان وحاصر مدينة ورثان ورماها بالمناجيق فسار أليه أمير تلك الناحية الحارث بن عمرو نائب مسلمة بن عبد الملك فالتقى مع خافان ملك الترك فهزمه وقتل من جيشه خلق كثير وهرب الخاقان بعد آن كان قتل في جملة من قتل من جيشه وقتل الحارث بن عمرو شهيدا وذلك بعد آن قتلوا من الأتراك خلقا كثيرا وفيها غزا معاوية بن هشام بن عبد الملك ارض الروم وبعث البطال على جيش كثيف فافتتح جنجرة وغنم منها شيئا كثيرا
وفيها توفى من الأعيان بكر بن عبد الله المزني البصرى
كان عالما عابدا زاهدا متواضعا قليل الكلام وله روايات كثرة عن خلق من الصحابة والتابعين قال بكر بن عبد الله إذا رأيت من هو اكبر منك من المسلمين فقل سبقته إلى المعاصي فهو خير مني وذا رأيت وإخوانك يكرهونك ويعظمونك فقل هذا من فضل ربي وإذا رأيت منهم تقصيرا فقل هذا بذنب أحدثته وقال من مثلك يا ابن آدم خلى بينك وبين الماء والمحراب متى شئت تطهرت ودخلت على ربك عز وجل ليس بينك وبينه ترجمان ولا حاجب وقال لا يكون العبد تقيا حتى يكون تقي الطمع تقي الغضب وقال إذا رأيتم الرجل وكلا بعيوب الناس ناسيا لعيبه فاعلموا انه قد مكر به وقال كان الرجل من بنى إسرائيل إذا بلغ المبلغ الصالح من العمل فمشى في الناس تظلله غمامة قال فمر رجل قد أظلته غمامة على رجل فأعظمه لما رآه مما آتاه الله فأحتقره صاحب الغمامة فآمرها الله آن تتحول عن رأسه إلى راس الذي احتقره وهو الذي عظم آمر الله عز وجل وقال ما سبقهم آبو بكر بكثير صلاة ولا صيام ولكن بشيء قر في صدره وله كلام حسن كثير يطول ذكره