وأما الفرزدق
 
وأسمه همام بن غالب بن صعصعة بن ناجية بن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم بن حنظلة بن زيد بن مناة بن مربن أد بن طابخة أبو فراس بن أبي خطل التيمي البصري الشاعر المعروف بالفرزدق وجده صعصعة بن ناجية صحابي وفد إلى رسول الله ص وكان يحي الموؤدة في الجاهلية حدث الفرزدق عن علي إنه ورد مع أبيه عليه فقال من هذا قال ابني وهو شاعر قال علمه القراءة فهو خير له من الشعر وسمع الفرزدق الحسين بن علي ورآه وهو ذاهب إلى العراق وأبا هريرة وأبا سعيد الخدري عرفجة بن أسعد وزرارة بن كرب والطرماح بن عدي الشاعر وروى عنه خالد الحذاء ومروان الأصغر وحجاج بن حجاج الأحول وجماعة وقد وفد على معاوية يطلب ميراث عمه الحباب وعلى الوليد بن عبد الملك وعلى أخيه ولم يصح ذلك وقال أشعث بن عبد الله عن الفرزدق قال نظر أبو هريرة إلى قدمي فقال يا فرزدق إني أرى قدميك صغيرين فأطلب لهما موضعا في الجنة فقلت إن ذنوبي كثيرة فقال لا بأس فإني سمعت رسول الله ص يقول إن بالمغرب بابا مفتوحا للتوبة لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها وقال معاوية بن عبد الكريم عن أبيه قال دخلت على الفرزدق فتحرك فإذا في رجله قيد فقلت ما هذا فقال حلفت أن لا أنزعه حتى أحفظ القرآن وقال أبو عمرو بن العلاء ما رأيت بدويا أقام بالحضر إلا فسد لسانه إلا رؤبة بن العجاج والفرزدق فانهما زادا على طول الإقامة جدة وحدة وقال راويته أبو سهل طلق الفرزدق امرأته النوار ثلاثا ثم جاء فأشهد على ذلك الحسن البصري ثم ندم على طلاقها وإشهاده الحسن على ذلك فأنشأ يقول فلو أني ملكت يدي وقلبي
لكان علي للقدر الخيار
ندمت ندامة الكسعي لما غدت منى مطلقة نوار
وكانت جنى فخرجت منها
كآدم حين أخرجه الضرار
وقال الأصمعي وغير واحد لما ماتت النوار بنت أعين بن ضبيعة المجاشعي امرأة الفرزدق وكانت قد أوصت أن يصلي عليها الحسن البصري فشهدها أعيان أهل البصرة مع الحسن والحسن على بغلته والفرزدق على بعيره فسار فقال الحسن للفرزدق ماذا يقول الناس قال يقولون شهد هذه الجنازة اليوم خير الناس يعنونك وشر الناس يعنوني فقال له يا أبا فراس لست أنا بخير الناس ولست أنت بشر الناس ثم قال له الحسن ما أعددت لهذا اليوم قال شهادة أن لا إله إلا الله منذ ثمانين سنة فلما أن صلى عليها الحسن مالوا إلى قبرها فأنشأ الفرزدق يقول أخاف وراء القبر أن لم يعافني
أشد من القبر التهابا وأضيقا إذا جائني يوم القيامة قائد
عنيف وسواق يسوق الفرزدقا لقد خاب من أولاد دارم من مشى
الى النار مغلول القلادة ازرقا
يساق الى نار الجحيم مسربيلا * سرابيل قطران لباسا مخرقا
إذا شربوا فيها الصديد رأيتهم
يذوبون من حر الصديد تمزقا
قال فبكى الحسن حتى بل الثرى ثم التزم الفرزدق وقال لقد كنت من أبغض الناس ألي وإنك اليوم من أحب الناس إلي وقال له بعض الناس ألا تخاف من الله فيها قذف المحصنات فقال والله لله أحب إلي من عيني اللتين أبصر بهما فكيف يعذبني وقد قدمنا أنه مات سنة عشر ومائة قبل جرير بأربعين يوما وقيل بأشهر فالله أعلم
وأما الحسن وابن سيرين فقد ذكرنا ترجمة كل منهما في كتابنا التكميل مبسوطة وحسبنا الله ونعم الوكيل

الموضوع السابق


جرير الشاعر