ثم دخلت سنة ثلاث عشرين ومائة
 
ذكر المدائني عن شيوخه ان خاقان ملك الترك لما قتل في ولاية اسد بن عبدالله القسري على خراسان تفرق شمل الاتراك وجعل بعضهم يغير على بعض وبعضهم يقتل بعضا حتى كادت ان تخرب بلادهم واشتغلوا عن المسلمين وفيها سأل اهل الصفد من امير خراسان نصر بن سيار ان يردهم الى بلادهم وسألوه شروطا انكرها العلماء منها ان لا يعاقب من ارتد منهم عن الاسلام ولا يؤخذ اسير المسلمين منهم وغير ذلك فأراد ان يوافقهم على ذلك لشدة نكايتهم في المسلمين فعاب عليه الناس ذلك فكتب الى هشام في ذلك فتوقف ثم رأى ان هؤلاء اذا استمروا على معاندتهم للمسلمين كان ضررهم اشد اجابهم الى ذلك وقد بعث يوسف بن عمر امير العراق وفدا الى امير المؤمنين يسأل منه ان يضم اليه نيابة خراسان وتكلموا في نصر بن سيار بأنه وان كان شهما شجاعا الا انه قد كبر وضعف بصره فلا يعرف الرجل الا من قريب بصوته وتكلموا فيه كلاما كثيرا فلم يلتفت الى ذلك هشام واستمر به على امرة خراسان وولايتها قال ابن جرير وحج بالناس فيها يزيد بن هشام بن عبد الملك والعمال فيها من تقدم ذكرهم في التى قبلها وتوفي في هذه السنة ربيعة بن يزيد القصير من أهل دمشق وأبو يونس سليمان بن جبير وسماك بن حرب ومحمد بن واسع بن حيان وقد ذكرنا تراجمهم في كتابنا التكميل ولله الحمد
قال محمد بن واسع اول من يدعي يوم القيامة الى الحساب القضاة وقال خمس خصال تميت القلب الذنب على الذنب ومجالسة الموتى قيل له ومن الموتى قال كل غني مترف وسلطان جائر وكثرة مشاقة النساء وحديثهن ومخالطة اهله وقال مالك بن دينار اني لاغبط الرجل يكون عيشه كفافا فيقنع به فقال محمد بن واسع اغبط منه والله عندي من يصبح جائعا وهو عن الله راض وقال ما آسى عن الدنيا الا على ثلاث صاحب اذا إعوججت قومني وصلاة في جماعة يحمل عني سهوها وافوز بفضلها وقوت من الدنيا ليس لاحد فيه منه ولا لله علي فيه تبعة وروى رواد بن الربيع قال رأيت محمد بن واسع بسوق يزور وهو يعرض حمارا له للبيع فقال له رجل اترضاه لي فقال لو رضيته لم ابعه
ولما ثقل محمد بن واسع كثر عليه الناس في العيادة قال بعض اصحابه فدخلت عليه فاذا قوم قعود وثوم قيام فقال ماذا يغني هؤلاء عني اذا اخذ بناصيتي وقدمي غدا والقيت في النار وبعث بعض الخلفاء مالا مستكثرا الى البصرة ليفرق في فقراء اهلها وامر ان يدفع الى محمد بن واسع منه فلم يقبله ولم يلتمس منه شيئا واما مالك بن دينار فانه قبل ما امر له به واشترى به ارقاء واعتقهم ولم يأخذ لنفسه منه شيئا فجاءه محمد بن واسع يلومه على قبوله جوائز السلطان فقال له يا مالك قبلت جوائز السلطان فقال له مالك يا ابا عبد الله سل اصحابى ماذا فعلت منه فقالوا له انه اشترى به ارقاء وأعتقهم فقال له سألتك بالله اقلبك الان لهم مثل ما كان قبل ان يصلوك فقام مالك وحثى على رأسه التراب وقال انما يعرف الله محمد بن واسع انما مالك حمار انما مالك حمار وكلام محمد بن واسع كثير جدا رحمه الله

الموضوع السابق


اياس الذكي