وأما النهى عن تسمية الغلام بـ: يسار وأفلحَ ونجيح ورباح، فهذا لمعنى آخر قد أشار إليه فى الحديث، وهو قوله: ((فإنك تقولُ: أَثَمَّتَ هو؟ فيُقال: لا)) - واللَّه أعلم - هل هذه الزيادة من تمام الحديث المرفوع، أو مدرجةٌ من قول الصحابى، وبكل حال فإن هذه الأسماء لما كانت قد تُوجب تطيُّراً تكرَهه النفوس، ويَصُدُّها عما هى بصدده، كما إذا قلت لرجل: أعندك يَسار، أو رَبَاح، أو أفلَح؟ قال: لا، تطيَّرت أنْتَ وهو مِن ذلك، وقد تقع الطِّيَرةُ لا سيما على المتطيِّرين، فقلَّ مَن تطيَّر إلا ووقعت به طِيرَتُه، وأصابه طائرُه، كما قيل:
تَعَلَّمْ أنَّه لاَ طَيْرَ إلاَّ عَلَى مُتَطَيِّرٍ فَهُو الثُّبُورُ
اقتضت حكمةُ الشارع، الرءوف بأُمَّته، الرحيمِ بهم، أن يمنعَهم من أسبابٍ تُوجب لهم سماعَ المكروه أو وقوعَه، وأن يعدل عنها إلى أسماء تُحَصِّلُ المقصودَ من غير مفسدة، هذا أولى، مع ما ينضاف إلى ذلك من تعليق ضد الاسم عليه، بأن يُسمى يساراً مَن هو مِن أعسر الناس، ونجيحاً مَن لا نجاح عنده، ورَبَاحاً مَن هو من الخاسرين، فيكون قد وقع فى الكذب عليه وعلى اللَّه، وأمر آخر أيضاً وهو أن يُطالَب المسمَّى بمقتضى اسمه، فلا يُوجد عنده، فيجعل ذلك سبباً لذمِّة وسبِّه، كما قيل:
سَمَّوْكَ مِنْ جَهْلِهِم سَدِيــداً واللَّه ِ مَا فِيكَ مِن ْ سَـدَادِ
أنتَ الَّـذِى كَــوْنُه فَسَاداً فِى عَالَمِ الكَوْنِ والفَسَـادِ
فتوصل الشاعر بهذا الاسم إلى ذم المسمَّى به، ولى من أبيات:
وسَمَّيْـتـُه صَالِحَاً فاغْتَـدَى بِضِدِّ اسْمِهِ فى الوَرَى سَائِراً
وَظَــنَّ بأنَّ اسْمَهُ سَاتِــرٌ لأوْصَافِهِ فَغَـدَا شَــاهِراً
وهذا كما أن من المدح ما يكون ذماً وموجِباً لسقوط مرتبة الممدوح عند الناس، فإنه يُمدح بما ليس فيه، فتُطالبه النفوسُ بما مُدِحَ به، وتظنّه عنده، فلا تجدهُ كذلك، فتنقلِبُ ذَمّاً، ولو تُرِكَ بغير مدح، لم تحصُلْ له هذه المفسدة، ويُشبه حاله حال مَن ولى وِلاية سيئة، ثم عُزِلَ عنها، فإنه تَنْقُصُ مرتبتُه عما كان عليه قبل الولاية، وينقُصُ فى نفوس الناس عما كان عليه قبلها، وفى هذا قال القائل:
إذَا مَا وَصَفْتَ امْرَءَاً لامْرئٍ فَلاَ تَغْلُ فى وَصْفِهِ وَاقْصِـدِ
فَإنَّْكَ إنْ تَغْلُ تَغْلُ الظُّنُو نُ فـيهِ إلـى الأمَدِ الأَبْعَدِ
فَيَنْقُـصُ مِنْ حَيْثُ عَظَّمْتَه لِفَضْلِ المَـغِيبِ عَنِ المَشْهَدِ
وأمر آخر: وهو ظنُّ المسمى واعتقادُه فى نفسه أنه كذلك، فيقعُ فى تزكية نفسه وتعظيمها وترفُّعِهَا على غيره، وهذا هو المعنى الذى نهى النبىُّ صلى الله عليه وسلم لأجله أن تُسمى ((بَرَّة)) وقال: ((لا تُزَكُّوا أنْفُسَكُم، اللَّه أعْلَمُ بِأَهْلِ البِرِّ مِنْكُم)).
وعلى هذا فتُكره التسمية بـ: التَّقى، والمتَّقى، والمُطيعِ، والطائع، والراضى، والمُحسن، والمخلِص، والمنيب، والرشيدِ، والسديد. وأما تسميةُ الكفار بذلك، فلا يجوز التمكينُ منه، ولا دُعاؤُهُم بشئٍ من هذه الأسماء، ولا الإخبارُ عنهم بها، واللَّه عَزَّ وجَلَّ يغضَب مِن تسميتهم بذلك.
تَعَلَّمْ أنَّه لاَ طَيْرَ إلاَّ عَلَى مُتَطَيِّرٍ فَهُو الثُّبُورُ
اقتضت حكمةُ الشارع، الرءوف بأُمَّته، الرحيمِ بهم، أن يمنعَهم من أسبابٍ تُوجب لهم سماعَ المكروه أو وقوعَه، وأن يعدل عنها إلى أسماء تُحَصِّلُ المقصودَ من غير مفسدة، هذا أولى، مع ما ينضاف إلى ذلك من تعليق ضد الاسم عليه، بأن يُسمى يساراً مَن هو مِن أعسر الناس، ونجيحاً مَن لا نجاح عنده، ورَبَاحاً مَن هو من الخاسرين، فيكون قد وقع فى الكذب عليه وعلى اللَّه، وأمر آخر أيضاً وهو أن يُطالَب المسمَّى بمقتضى اسمه، فلا يُوجد عنده، فيجعل ذلك سبباً لذمِّة وسبِّه، كما قيل:
سَمَّوْكَ مِنْ جَهْلِهِم سَدِيــداً واللَّه ِ مَا فِيكَ مِن ْ سَـدَادِ
أنتَ الَّـذِى كَــوْنُه فَسَاداً فِى عَالَمِ الكَوْنِ والفَسَـادِ
فتوصل الشاعر بهذا الاسم إلى ذم المسمَّى به، ولى من أبيات:
وسَمَّيْـتـُه صَالِحَاً فاغْتَـدَى بِضِدِّ اسْمِهِ فى الوَرَى سَائِراً
وَظَــنَّ بأنَّ اسْمَهُ سَاتِــرٌ لأوْصَافِهِ فَغَـدَا شَــاهِراً
وهذا كما أن من المدح ما يكون ذماً وموجِباً لسقوط مرتبة الممدوح عند الناس، فإنه يُمدح بما ليس فيه، فتُطالبه النفوسُ بما مُدِحَ به، وتظنّه عنده، فلا تجدهُ كذلك، فتنقلِبُ ذَمّاً، ولو تُرِكَ بغير مدح، لم تحصُلْ له هذه المفسدة، ويُشبه حاله حال مَن ولى وِلاية سيئة، ثم عُزِلَ عنها، فإنه تَنْقُصُ مرتبتُه عما كان عليه قبل الولاية، وينقُصُ فى نفوس الناس عما كان عليه قبلها، وفى هذا قال القائل:
إذَا مَا وَصَفْتَ امْرَءَاً لامْرئٍ فَلاَ تَغْلُ فى وَصْفِهِ وَاقْصِـدِ
فَإنَّْكَ إنْ تَغْلُ تَغْلُ الظُّنُو نُ فـيهِ إلـى الأمَدِ الأَبْعَدِ
فَيَنْقُـصُ مِنْ حَيْثُ عَظَّمْتَه لِفَضْلِ المَـغِيبِ عَنِ المَشْهَدِ
وأمر آخر: وهو ظنُّ المسمى واعتقادُه فى نفسه أنه كذلك، فيقعُ فى تزكية نفسه وتعظيمها وترفُّعِهَا على غيره، وهذا هو المعنى الذى نهى النبىُّ صلى الله عليه وسلم لأجله أن تُسمى ((بَرَّة)) وقال: ((لا تُزَكُّوا أنْفُسَكُم، اللَّه أعْلَمُ بِأَهْلِ البِرِّ مِنْكُم)).
وعلى هذا فتُكره التسمية بـ: التَّقى، والمتَّقى، والمُطيعِ، والطائع، والراضى، والمُحسن، والمخلِص، والمنيب، والرشيدِ، والسديد. وأما تسميةُ الكفار بذلك، فلا يجوز التمكينُ منه، ولا دُعاؤُهُم بشئٍ من هذه الأسماء، ولا الإخبارُ عنهم بها، واللَّه عَزَّ وجَلَّ يغضَب مِن تسميتهم بذلك.
عدد المشاهدات *:
470845
470845
عدد مرات التنزيل *:
94751
94751
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 13/02/2015