[فى الواجب بقتل العمد]
وقوله صلى الله عليه وسلم فى الخطبة: ((ومَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ، فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ، إمَّا أَنْ يَقْتُلَ، وَإمَّا أَنْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ)) فيه دليل على أن الواجب بقتل العمدِ لا يتعيَّن فى القِصاص، بل هُو أحدُ شيئين: إما القِصاصُ، وإما الدِّيَةُ .
وفى ذلك ثلاثة أقوال: وهى روايات عن الإمام أحمد .
أحدها: أن الواجب أحد شيئين، إما القِصاصُ، وإما الدِّيَةُ، والخيرةُ فى ذلك إلى الولى بين أربعة أشياء: العفوِ مجاناً، والعفوِ إلى الدِّيَةِ، والقِصاصِ، ولا خلاف فى تخييره بين هذه الثلاثة . والرابع: المصالحة على أكثر من الدِّيَةِ، فيه وجهان . أشهرهما مذهباً: جوازه . والثانى: ليس له العفو على مال إلا الدِّيَة أو دونها، وهذا أرجحُ دليلاً، فإن اختار الدِّيَة، سقط القودُ، ولم يملِكْ طلبَه بعد، وهذا مذهبُ الشافعى، وإحدى الروايتين عن مالك .
والقول الثانى: أن موجِبَه القَود عَيْناً، وأنه ليس له أن يعفو إلى الدِّيَة إلا برضى الجانى، فإن عدل إلى الدية ولم يرض الجانى، فقَودُه بحاله، وهذا مذهبُ مالك فى الرواية الأُخرى وأبى حنيفة .
والقولُ الثالث: أن موجِبَه القَودُ عَيْناً مع التخيير بينه وبين الدِّيَة، وإن لم يرض الجانى، فإذا عفا عن القِصاص إلى الدِّيَة، فرضىَ الجانى، فلا إشكالَ، وإن لم يرض، فله العودُ إلى القِصاص عَيْناً، فإن عفا عن القَود مطلقاً، فإن قلنا: الواجبُ أحدُ الشيئين، فله الديَة، وإن قلنا: الواجبُ القِصاص عَيْناً، سقط حقُّه منها .
فإن قيل: فما تقولون فيما لو مات القاتل؟
قلنا: فى ذلك قولان: أحدهما: تسقطُ الدِّيَة، وهو مذهبُ أبى حنيفة، لأن الواجبَ عندهم القِصاصُ عَيْناً، وقد زال محلُّ استيفائه بفعل الله تعالى، فأشبه ما لو مات العبدُ الجانى، فإن أرشَ الجناية لا ينتقِلُ إلى ذِمَّة السيدِ، وهذا بخلاف تلف الرهن وموت الضامن، حيثُ لا يسقُطُ الحقُّ لثبوته فى ذِمة الراهن والمضمونِ عنه، فلم يسقط بتلف الوثيقة .
وقال الشافعى وأحمد: تتعينُ الدِّيَةُ فى تِرْكته، لأنه تعذَّر استيفاءُ القِصاصِ من غير إسقاط، فوجب الدِّيَةُ لئلا يذهبُ الورثة من الدم والدِّيَة مجاناً، فإن قيل: فما تقولون لو اختار القِصَاص، ثم اختار بعده العفو إلى الدِّيَة، هل له ذلك؟
قلنا: هذا فيه وجهان، أحدهما: أنَّ له ذلك، لأن القِصاص أعلى، فكان له الانتقالُ إلى الأدنى، والثانى: ليس له ذلك، لأنه لما اختار القِصاص، فقد أسقط الدِّيَة باختياره له، فليس له أن يعودَ إليها بعد إسقاطها .
فإن قيل: فكيف تجمعون بين هذا الحديث، وبينَ قوله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ قَتَلَ عَمْدَاً، فَهُوَ قَوَدٌ))؟ .
قيل: لا تعارُضَ بينهما بوجه، فإن هذا يدل على وجوب القَوْد بقتل العمد، وقوله: ((فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ)) يدل على تخييره بين استيفاء هذا الواجب له وبين أخذ بدله، وهو الدِّيَةُ، فأىُّ تعارض؟، وهذا الحديثُ نظيرُ قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ}، وهذا لا ينفى تخيير المستحق له بين ما كُتِبَ له، وبين بدله .. والله أعلم .
وقوله صلى الله عليه وسلم فى الخطبة: ((ومَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ، فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ، إمَّا أَنْ يَقْتُلَ، وَإمَّا أَنْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ)) فيه دليل على أن الواجب بقتل العمدِ لا يتعيَّن فى القِصاص، بل هُو أحدُ شيئين: إما القِصاصُ، وإما الدِّيَةُ .
وفى ذلك ثلاثة أقوال: وهى روايات عن الإمام أحمد .
أحدها: أن الواجب أحد شيئين، إما القِصاصُ، وإما الدِّيَةُ، والخيرةُ فى ذلك إلى الولى بين أربعة أشياء: العفوِ مجاناً، والعفوِ إلى الدِّيَةِ، والقِصاصِ، ولا خلاف فى تخييره بين هذه الثلاثة . والرابع: المصالحة على أكثر من الدِّيَةِ، فيه وجهان . أشهرهما مذهباً: جوازه . والثانى: ليس له العفو على مال إلا الدِّيَة أو دونها، وهذا أرجحُ دليلاً، فإن اختار الدِّيَة، سقط القودُ، ولم يملِكْ طلبَه بعد، وهذا مذهبُ الشافعى، وإحدى الروايتين عن مالك .
والقول الثانى: أن موجِبَه القَود عَيْناً، وأنه ليس له أن يعفو إلى الدِّيَة إلا برضى الجانى، فإن عدل إلى الدية ولم يرض الجانى، فقَودُه بحاله، وهذا مذهبُ مالك فى الرواية الأُخرى وأبى حنيفة .
والقولُ الثالث: أن موجِبَه القَودُ عَيْناً مع التخيير بينه وبين الدِّيَة، وإن لم يرض الجانى، فإذا عفا عن القِصاص إلى الدِّيَة، فرضىَ الجانى، فلا إشكالَ، وإن لم يرض، فله العودُ إلى القِصاص عَيْناً، فإن عفا عن القَود مطلقاً، فإن قلنا: الواجبُ أحدُ الشيئين، فله الديَة، وإن قلنا: الواجبُ القِصاص عَيْناً، سقط حقُّه منها .
فإن قيل: فما تقولون فيما لو مات القاتل؟
قلنا: فى ذلك قولان: أحدهما: تسقطُ الدِّيَة، وهو مذهبُ أبى حنيفة، لأن الواجبَ عندهم القِصاصُ عَيْناً، وقد زال محلُّ استيفائه بفعل الله تعالى، فأشبه ما لو مات العبدُ الجانى، فإن أرشَ الجناية لا ينتقِلُ إلى ذِمَّة السيدِ، وهذا بخلاف تلف الرهن وموت الضامن، حيثُ لا يسقُطُ الحقُّ لثبوته فى ذِمة الراهن والمضمونِ عنه، فلم يسقط بتلف الوثيقة .
وقال الشافعى وأحمد: تتعينُ الدِّيَةُ فى تِرْكته، لأنه تعذَّر استيفاءُ القِصاصِ من غير إسقاط، فوجب الدِّيَةُ لئلا يذهبُ الورثة من الدم والدِّيَة مجاناً، فإن قيل: فما تقولون لو اختار القِصَاص، ثم اختار بعده العفو إلى الدِّيَة، هل له ذلك؟
قلنا: هذا فيه وجهان، أحدهما: أنَّ له ذلك، لأن القِصاص أعلى، فكان له الانتقالُ إلى الأدنى، والثانى: ليس له ذلك، لأنه لما اختار القِصاص، فقد أسقط الدِّيَة باختياره له، فليس له أن يعودَ إليها بعد إسقاطها .
فإن قيل: فكيف تجمعون بين هذا الحديث، وبينَ قوله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ قَتَلَ عَمْدَاً، فَهُوَ قَوَدٌ))؟ .
قيل: لا تعارُضَ بينهما بوجه، فإن هذا يدل على وجوب القَوْد بقتل العمد، وقوله: ((فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ)) يدل على تخييره بين استيفاء هذا الواجب له وبين أخذ بدله، وهو الدِّيَةُ، فأىُّ تعارض؟، وهذا الحديثُ نظيرُ قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ}، وهذا لا ينفى تخيير المستحق له بين ما كُتِبَ له، وبين بدله .. والله أعلم .
عدد المشاهدات *:
589091
589091
عدد مرات التنزيل *:
106902
106902
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 19/02/2015