(37) وهي تسعة: 1، 2: حلق الشعر وقلم الظفر، ففي ثلاثة منها دم، وفي كل واحد مما دونه مد طعام وهو ربع الصاع
وأجمعوا على أن المحرم ممنوع من تقليم أظفاره إلا من عذر، ولأن قطع الأظفار إزالة جزء يترفه به فحرم كإزالة الشعر، إلا أن ينكسر فله إزالته من غير فدية. قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن للمحرم أن يزيل ظفره بنفسه إذا انكسر لأنه يؤذيه ويؤلمه، أشبه الشعر يطلع في عينه والصائل يصول عليه. والقدر الذي يجب به الدم أن يحلق ثلاث شعرات فصاعدًا. قال القاضي: هذا المذهب لأنه شعر آدمي يقع عليه اسم الجمع المطلق فجاز أن يتعلق به الدم كالربع، وعنه أن القدر الذي يجب به الدم أربع شعرات وهو اختيار الخرقي لأنها كثير فوجب بها الدم كالربع فصاعدًا.
فصل في الفدية الواجبة بحلق الشعر
فصل: والفدية الواجبة بحلق الشعر هي المذكورة في حديث كعب بن عجرة وقد سبق، وهي على التخيير، لأنه ذكرها بلفظ "أو" وهي على التخيير.
فصل: وفي كل واحدة فما دونها مد من طعام يكون ضمانًا لها، يعني ما دون الثلاث، لأن ما ضمنت جملته ضمنت أبعاضه كالصيد، وعنه في كل شعرة قبضة من طعام، روي ذلك عن عطاء، وعنه في الشعرة درهم وفي الشعرتين درهمان، والأول أولى لما سبق، والأظفار كالشعر ومقيسة عليها.
ص : 188
(38) وإن خرج في عينه شعر فقلعه، أو نزل شعره فغطى عينه، أو انكسر ظفره فقصه فلا شيء عليه. الثالث: لبس المخيط إلا أن لا يجد إزارًا فيلبس سراويل أو لا يجد نعلين فيلبس خفين ولا فدية عليه)
قال: «سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخطب بعرفات: من لم يجد نعلين فليلبس الخفين، ومن لم يجد إزارًا فليلبس سراويل المحرم» متفق عليه، وهو ظاهر في إسقاط الفدية لأنه لم يذكرها.
ص : 189
الرابع: تغطية الرأس، والأذنان منه.
(الرابع: تغطية الرأس والأذنان منه) لا نعلم في هذا خلافًا بين أهل العلم، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من تخمير رأسه، والأصل فيه نهي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن لبس العمائم والبرانس، «وقوله في المحرم الذي وقصته راحلته: "لا تخمروا رأسه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا» [أخرجه البخاري] علل منع تغطية رأسه ببقائه على إحرامه فعلم أن المحرم ممنوع من ذلك، وكان ابن عمر يقول: إحرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في وجهها، وإنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى أن يشد المحرم رأسه بالسير، وفائدة قوله: (والأذنان من الرأس) أي يحرم تغطيتهما، وقد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الأذنان من الرأس» [رواه ابن ماجه] .
الخامس: الطيب في بدنه وثيابه.
(الخامس: الطيب في بدنه وثيابه) أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من الطيب، وقد «قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في المحرم الذي وقصته راحلته: "لا تحنطوه" متفق عليه، وفي لفظ لمسلم: "لا تمسوه بطيب» ، فلما منع الميت الطيب لإحرامه كان الحي أولى بذلك وعليه الفدية لذلك. ومعنى الطيب كل ما يعد للشم كالمسك والكافور والعنبر والغالية والزعفران وما أشبه ذلك مما تطيب رائحته.
السادس: قتل الصيد، وهو ما كان وحشيًا مباحًا، وأما الأهلي فلا يحرم، وأما صيد البحر فإنه مباح
(السادس: قتل الصيد، وهو ما كان وحشيًا مباحًا) لا خلاف بين أهل العلم في تحريم قتل الصيد واصطياده على المحرم، وقد قال سبحانه: {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 95] وقال تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: 96] . (وأما الأهلي فلا يحرم) لأنه ليس بصيد، وإنما حرم الصيد، والحرام ليس بصيد أيضًا لأنه محرم. (وأما صيد البحر فإنه مباح) قال سبحانه: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} [المائدة: 96] .
ص : 190
(السابع: عقد النكاح حرام ولا فدية فيه.
(السابع: عقد النكاح حرام) لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب» متفق عليه من رواية عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، نهي والنهي يقتضي التحريم، وإن زوج أو تزوج فلا فدية عليه لأنه عقد فسد لأجل الإحرام فلم تجب به الفدية كشراء الصيد.
الثامن: المباشرة لشهوة فيما دون الفرج، فإن أنزل بها فعليه بدنة، وإلا ففيها شاة وحجه صحيح.
(الثامن: المباشرة لشهوة فيما دون الفرج، فإن أنزل بها فعليه بدنة، وإن لم ينزل فعليه شاة وحجه صحيح) لا نعلم أحدًا قال بفساد حجه، ولأنها مباشرة فيما دون الفرج عريت عن الإنزال فلم يفسد بها الحج كاللمس، والمباشرة لا توجب الاغتسال فأشبهت اللمس، وعليه الفدية لأنه هتك الإحرام بذلك الفعل كما لو تطيب أو لبس، والفدية شاة لأنها ملامسة لم يقترن بها الإنزال فأشبه لمس ما دون الفرج، فأما إن أنزل فعليه بدنة لأنه جماع اقترن به الإنزال فأوجب بدنة، كما لو كان في الفرج. وهل يفسد حجه بذلك على روايتين: إحداهما: لا يفسد، نص عليه أحمد لأنه استمتاع لا يجب بنوعه الحد فلا يفسد به الحج كما لو لم ينزل. الثانية: يفسد، نص عليه لأنها عبادة يفسدها الوطء فأفسدها الإنزال عن مباشرة كالصائم اختارها أبو بكر والخرقي، ومن نصر الأولى قال: الأصل عدم الإفساد، والجماع إنما هو الوطء في الفرج ولا يصح إلحاق غيره به فإنه أعظم. ولذلك لا يختلف الحال فيه بين الإنزال أو عدمه ويجب بنوعه الحد ويتعلق به اثنا عشر حكمًا، فكيف يلحق به ما دونه مع أن شرط القياس التساوي، ولا يصح قياسه على الصيام، فإن الصيام يخالف الحج في المفسدات. كذلك يفسد بالإنزال بتكرر النظر والمذي إذا لمس، ويفسده الأكل والشرب وغيرهما، والحج لا يفسده إلا الوطء فكيف يصلح إلحاقه به ولا حجة فيه من نص ولا إجماع فلا يثبت فيه حكم الإفساد.
التاسع: الوطء في الفرج فإن كان قبل التحلل الأول فسد الحج ووجب المضي في فاسده والحج من قابل،
والتاسع: الوطء في الفرج، فإن كان قبل التحلل الأول فسد الحج ووجب المضي في فاسده والحج من قابل) أما فساد الحج في الجماع في الفرج فليس فيه خلاف، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الحج لا يفسد بإتيان شيء في حال الإحرام إلا الجماع، والأصل في ذلك ما روي عن ابن عمر أن رجلًا سأله فقال: إني وقعت على امرأتي ونحن محرمان، فقال: أفسدت حجك، انطلق أنت وأهلك مع الناس فاقض ما يقضون وحل إذا حلوا، فإذا كان العام المقبل فحج أنت وامرأتك وأهديا هديًا، فإن لم تجدا هديًا فصوما ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتما. وكذلك قال ابن عباس وعبد الله بن عمرو ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم، وروى حديثهم الأثرم في سننه، وزاد في حديث ابن عباس: ويفترقان من حيث يحرمان ولا يجتمعان حتى يقضيا حجهما. قال ابن المنذر: قول ابن عباس أعلى شيء روي فيمن وطئ في حجه، وروي ذلك عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
ص : 191
(39) ويجب على المجامع بدنة وإن كان بعد التحلل الأول ففيه شاة. ويحرم من التنعيم ليطوف محرمًا
ص : 192
(40) وإن وطئ في العمرة أفسدها ولا يفسد النسك بغيره
(41) والمرأة كالرجل، إلا أن إحرامها في وجهها، ولها لبس المخيط
قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المرأة ممنوعة مما منع عنه الرجال إلا بعض اللباس. وأجمع أهل العلم على أن للمحرمة لبس القميص والدرع والسراويلات والخمر والخفاف. وفي حديث ابن عمر أنه سمع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نهى النساء في إحرامهن عن لبس القفازين والنقاب» [رواه أبو داود] وتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب من معصفر أو خز أو حلي أو سراويل أو قميص أو خف وهذا صريح، والمعني باللبس هاهنا المخيط من القميص والدروع والسراويلات وما يستر الرأس والخفاف ونحو ذلك. وقوله: (إحرامها في وجهها) يعني أن المرأة يحرم عليها في الإحرام تغطية وجهها كما يحرم على الرجل تغطية رأسه، ولا نعلم في هذا اختلافًا إلا ما روي عن أسماء أنها كانت تغطي وجهها. قال ابن المنذر: ويحتمل أن يكون معنى هذا كما قالت عائشة، وهو ما روى أبو داود والأثرم «عن عائشة قالت: "كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه» وهذا لفظ أبي داود، ولأن بالمرأة حاجة إلى ستر وجهها فلا يحرم عليها ستره على الإطلاق كالعورة من الرجل.
ص : 193
471323
94798
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 04/02/2017