اختر السورة


برنامج تلاوة القرآن الكريم
برنامج مراجعة القرآن الكريم
برنامج استظهار القرآن الكريم
يوم الجمعة 18 شوال 1445 هجرية
????? ?????????????????? ??????? ?? ?????? ? ??????????? ????????? ? ??? ?????? ?????? ? ? ??? ??????? ?? ????? ? ???????? ?????? ? ???????? ????? ?? ????? ????? ? ?? ????????????? ?? ?????? ?????? ???? ????? ?????????? ??????

مواقع إسلامية

جمعية خيركم
منتدى الأصدقاء
مدونة إبراهيم
مدونة المهاجر

بسم الله الرحمن الرحيم...
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم صل و سلم على نبيك محمد و على آله و صحبه أجمعين

العلم

لحظة من فضلك



المواد المختارة

المدرسة العلمية :


Safha Test

بسم الله الرحمن الرحيم     السلام عليكم و رحمة الله و بركاته    مرحبا بك أخي الكريم مجددا في موقعك المفضل     المحجة البيضاء     موقع الحبر الترجمان الزاهد الورع عبد الله بن عباس رضي الله عنهما    
الكتب العلمية
العدة شرح العمدة لبهاء الدين المقدسي
كتاب الحدود
باب الحدود
الكتب العلمية
باب الحدود

(1) لا يجب الحد إلا على مكلف عالم بالتحريم

مسألة 1: (ولا يجب الحد إلا على مكلف عالم بالتحريم) ، فأما الصبي والمجنون فلا حد عليهما إذا زنيا، لما روى علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل» رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن، وفي حديث ماعز «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال له حين أقر له: أبك جنون؟ قال: لا» (رواه مسلم) ، وروي عنه أنه سأل عنه «أمجنون هو؟ قالوا: ليس به بأس» . إذا ثبت هذا فينبغي أن يكون عالما بالتحريم، وقال عمر وعلي: لا حد إلا على من علمه، فإن ادعى الزاني الجهل بالتحريم وكان يحتمل أن يجهله كحديث عهد بالإسلام أو الناشئ ببادية قُبل قوله، وإلا فلا يقبل؛ لأن تحريم الزنا لا يخفى على ناشئ ببلاد الإسلام.

(2) ولا يقيمه إلا الإمام أو نائبه

مسألة 2: (ولا يقيمه إلا الإمام أو نائبه) ؛ لأنه حق لله سبحانه والإمام نائب عن الله عز وجل فاختص باستيفائه كالجزية والخراج.

(3) إلا السيد فإن له إقامته بالجلد خاصة على رقيقه القن لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها»

مسألة 3: (إلا السيد فإن له إقامته بالجلد خاصة على رقيقه القن) في قول أكثرهم، وقد روي ذلك عن ابن مسعود وابن عمر، وقال ابن أبي ليلى: أدركت بقايا الأنصار يجلدون ولائدهم في مجالسهم الحدود إذا زنوا، وروى سعيد أن فاطمة حدت جارية لها، وقال أصحاب الرأي: ليس له ذلك؛ لأن الحدود إلى السلطان، ولأن من لا يملك إقامة الحد على الحر لا يملكه على العبد كالصبي، ولنا قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها» (رواه الترمذي) ، وقوله: " «أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم» رواه الدارقطني، ولأنه يملك تأديبه وتزويجه إذا كانت أمته فملك إقامة الحد عليه كالسلطان وفارق الصبي، إذا ثبت هذا فإنه إنما يجوز له إقامته بالجلد خاصة مثل حد الزنا وحد القذف والشرب، فإن كان قطعا في السرقة لم يقمه السيد؛ لأنه يحتاج إلى مزيد احتياط ففوض إلى الإمام، وإنما ملك السيد الجلد؛ لأنه تأديب وهو يملك تأديبه، وفي تفويضه إليه ستر عليه لئلا يقيمه الإمام فيظهر وتنقص قيمته، ولا يملك إقامته إلا إذا ثبت ببينة أو إقرار، فإن ثبت بإقرار فللسيد سماعه وإقامة الحد به، وإن ثبت بشهادة اعتبر ثبوتها عند الحاكم؛ لأنها تحتاج إلى البحث عن العدالة ولا يقوم بذلك إلا الحاكم، وقال القاضي يعقوب: إن كان السيد يحسن سماع البينة ويعرف شروط العدالة جاز أن يسمعها ويقيم الحد كما يقيمه بالإقرار، فأما إقامته عليه بعلمه فعن أحمد فيه روايتان: إحداهما: لا يقيمه بعلمه كالإمام، والثانية: يقيمه؛ لأنه قد ثبت عنده فجاز له إقامته كما لو أقر، ويختص ذلك بالمملوك القن، فإن كان بعضه حرا لم يملك إقامة الحد عليه؛ لأن الحر إنما يقيم الحد عليه الإمام، وهذا بعضه حر فلا يقيم السيد عليه الحد كما لو كان كله حرا.

ص : 585


(4) وليس له قطعه في السرقة

مسألة 4: (وليس له قطعه في السرقة) ؛ لأن ذلك حق الله تعالى، وهو مفوض إلى نائب الله سبحانه، وهو الإمام.

(5) ولا قتله في الردة، ولا جلد مكاتبه

مسألة 5: (وليس له قتله في الردة) لذلك (ولا جلد مكاتبه) لأنه قد انعقد في حقه سبب الحرية.

(6) ولا أمته المزوجة

مسألة 6: (ولا أمته المزوجة) لما روي عن ابن عمر أنه قال: إذا كانت الأمة ذات زوج فزنت دفعت إلى السلطان، فإن لم يكن لها زوج جلدها سيدها نصف ما على المحصن، ولا يعرف له مخالف، وقد احتج به أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

(7) وحد الرقيق نصف حد الحر

مسألة 7: (وحد الرقيق في الجلد نصف حد الحر) فمتى زنى العبد أو الأمة جلد خمسين جلدة سواء كانا بكرين أو ثيبين؛ لقوله سبحانه:
{وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25] ، ثم قال سبحانه: {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] ؛ ولأن عدتها على النصف من عدة الحرة فيكون جلدها على النصف، ولا فرق بين العبد والأمة بدليل سراية العتق، فالتنصيص على أحدهما تنصيص على الآخر.

ص : 586


(8) ومن أقر بحد ثم رجع عنه سقط

مسألة 8: (ومن أقر بحد ثم رجع عنه سقط) وذلك أن من شرط إقامة الحد بالإقرار: البقاء على الإقرار إلى تمام الحد، فإن رجع عن إقراره أو هرب كف عنه ولم يتبع، لما روي أن ماعزا هرب، فذكر ذلك للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: «هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه» (رواه أبو داود) ، قال ابن عبد البر: ثبت من حديث أبي هريرة وجابر ونعيم بن هزال ونصر بن دهر وغيرهم أن ماعزا لما هرب فقال لهم: ردوني إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «فهلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه» ، ففي هذا أوضح الدلائل على أنه يقبل رجوعه؛ ولأن رجوعه شبهة، والحدود تدرأ بالشبهات.

فصل: ويضرب في الجلد بسوط لا جديد ولا خلق


فصل فيما يشترط في السوط يقام به الحد]
(فصل: ويضرب في الجلد بسوط لا جديد ولا خلق) ؛ لما روي أن رجلا اعترف عند رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، «فدعا له رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بسوط، فأتي بسوط مكسور، فقال: " فوق هذا "، فأتي بسوط جديد لم تكسر غرته، فقال: " بين هذين» رواه مالك عن زيد بن أسلم مرسلا، وروي عن أبي هريرة مسندا، وقد روى عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: " ضرب بين ضربين، وسوط بين سوطين " فيكون وسطا لا جديد فيجرح، ولا خلق فلا يؤلم، وهكذا العذاب يكون وسطا، لا شديد فيقتل ولا ضعيف فلا يردع، ولا يرفع باعه كل الرفع، ولا يحطه فلا يؤلم، قال أحمد: لا يبدي إبطه في شيء من الحدود، يعني لا يبالغ في رفع يده، فإن المقصود أدبه لا قتله.

(9) ولا يمد ولا يربط ولا يجرد

مسألة 9: (ولا يمد ولا يربط ولا يجرد) قال ابن مسعود: ليس في ديننا مد ولا قيد ولا تجريد، وجلد أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلم ينقل عن أحد مد ولا قيد ولا تجريد، ولا تنزع ثيابه بل يكون عليه الثوب والثوبان، وإن كان عليه فرو أو جبة محشوة نزعت؛ لأنه لو ترك عليه ذلك لم يبال بالضرب.

ص : 587


(10) ويتقى وجهه ورأسه وفرجه

مسألة 10: (ويتقى وجهه ورأسه وفرجه) ؛ لأنها مقاتل وليس القصد قتله، وقال علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لكل موضع من الحد حظ إلا الوجه والفرج، وقال للجلاد: اضرب وأوجع واتق الرأس والوجه، وينبغي أن يفرق الضرب على جميع الجسد ويكثر منه في مواضع اللحم كالإليتين والفخذين، والمرأة كالرجل في ذلك.

(11) ويضرب الرجل قائما

مسألة 11: (ويضرب الرجل قائما) ؛ لأن قيامه وسيلة إلى إعطاء كل عضو من الجسد حظه من الضرب، وقال مالك: يضرب جالسا؛ لأن الله سبحانه لم يأمر بالقيام، ولأنه مجلود في حد أشبه المرأة، قلنا: ولم يأمر بالجلوس أيضا ولم يذكر الكيفية فعلمناها من دليل آخر، وأما المرأة فتضرب جالسة ليكون أستر لها.

(12) والمرأة جالسة، وتشد عليها ثيابها، وتمسك يداها

مسألة 12: (وتضرب المرأة جالسة، وتشد عليها ثيابها، وتمسك يداها) لئلا تنكشف، لما روي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: تضرب المرأة جالسة والرجل قائما؛ لأن المرأة عورة وجلوسها أستر لها، ويفارق اللعان فإنه لا يؤدي إلى كشف العورة، وتشد عليها ثيابها لئلا ينكشف شيء من عورتها عند الضرب، وفي حديث عمران بن حصين قال: " «فأمر بها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فشكت عليها ثيابها ثم أمر بها فرجمت» (رواه مسلم) ، قال الأوزاعي: يعني فشدت عليها.

(13) ومن كان مريضاً يرجى برؤه أخر حتى يبرأ لما «روى عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن أمة لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زنت فأمرني أن أجلدها فإذا هي حديثة عهد بنفاس فخشيت إن أنا جلدتها أن أقتلها فذكرت ذلك للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: أحسنت»

مسألة 13: (ومن كان مريضا يرجى برؤه أخر حتى يبرأ لما روى) أبو داود بإسناده «عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: " فجرت جارية لآل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: يا علي انطلق فأقم عليها الحد، فانطلقت فإذا بها دم يسيل لم ينقطع، فأتيته فقال: يا علي أفرغت؟ فقلت أتيتها ودمها يسيل) ، فقال: دعها حتى ينقطع عنها الدم، ثم أقم عليها الحد» رواه مسلم بنحو من هذا المعنى.

ص : 588


(14) فإن لم يرج برؤه وخشي عليه من السوط جلد بضغث فيه عيدان بعدد ما يجب عليه مرة واحدة

مسألة 14: (فإن لم يرج برؤه وخشي عليه من السوط جلد بضغث فيه عيدان بعدد ما يجب عليه مرة واحدة) ؛ لما روى أبو أمامة بن سهل عن بعض أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أنه اشتكى رجل منهم حتى ضنى فعاد جلدا على عظم فدخلت عليه جارية لبعضهم فوقع عليها، فلما دخل عليه رجال من قومه يعودونه أخبرهم بذلك، وقال: استفتوا لي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإني قد وقعت على جارية دخلت علي، فذكروا ذلك لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقالوا: ما رأينا بأحد من الضر مثل الذي هو به، لو حملناه إليك لتفسخت عظامه، ما هو إلا جلد على عظم، فأقر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يأخذوا له مائة شمراخ فيضربوه بها ضربة واحدة» (رواه أبو داود) ، قال ابن المنذر: هذا الحديث في إسناده مقال، ولأنه لما كانت الصلاة تختلف باختلاف حال المصلي فالحد بذلك أولى.

فصل وإن اجتمعت حدود لله تعالى فيها قتل قتل وسقط سائرها


فصل في تداخل الحدود
فصل: (وإذا اجتمعت حدود لله عز وجل فيها قتل قتل وسقط سائرها) وهو قول عبد الله بن مسعود، وقال الشافعي: تستوفى جميعها؛ لأن ما وجب مع غير القتل وجب مع القتل كالقصاص في الأطراف، ولنا قول ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ولا مخالف له من الصحابة، ولأن أسباب الحدود إذا كان فيها موجب للقتل سقط ما دونه كالمحارب إذا أخذ المال وقتل فإنه يقتل ولا يقطع، ولأن هذه الحدود تراد للزجر، ومن يقتل فلا فائدة في زجره، ويخالف حق الأدمي فإنه آكد.

(15) ولو زنى أو سرق مرارا ولم يحد فحد واحد

مسألة 15: (ومن زنى مرارا أو سرق مرارا ولم يحد فحد واحد) ؛ لأن الحد كفارة لمن يحد فإذا فعل موجبه مرارا أجزأ حد واحد كالأيمان بالله سبحانه فإنه تجزئه كفارة واحدة، وكما لو وطئ في رمضان في يوم مرتين فإنه يجزئه كفارة واحدة كذا هاهنا، قال ابن المنذر: أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من أهل العلم.

(16) وإن اجتمعت حدود من أجناس لا قتل فيها استوفيت كلها

مسألة 16: (وإن اجتمعت حدود من أجناس لا قتل فيها استوفيت كلها) لوجود أسبابها.

ص : 589


(17) ويبدأ بالأخف فالأخف منها

مسألة 17: (ويبدأ بالأخف فالأخف منها) فلو شرب وزنى وسرق بدئ بحد الشرب ثم بحد الزنا؛ لأن حد الشرب أخف من حد الزنا فإنه إما أربعون وإما ثمانون، وحد الزنا مائة، ثم يقطع في السرقة.

(18) وتدرأ الحدود بالشبهات، فلو زنى بجارية له فيها شرك - وإن قل - أو لولده

مسألة 18: (وتدرأ الحدود بالشبهات) ؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ادرأوا الحدود بالشبهات» قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الحدود تدرأ بالشبهات (فلو زنى بجارية له فيها شرك وإن قل أو لولده لم يحد) لأن ملكه فيها وإن قل شبهة في درء الحد عنه، وكذلك إذا كانت لابنه؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أنت ومالك لأبيك» (رواه أبو داود) ؛ ولأنه فرج له فيه ملك فلم يحد بوطئه كوطء المكاتبة والمرهونة.

(19) أو وطئ في نكاح مختلف فيه

مسألة 19: (وإن وطئ في نكاح مختلف فيه) كالنكاح بلا ولي، ونكاح المتعة والشغار والتحليل وبلا شهود، ونكاح الأخت في عدة أختها البائن، ونكاح المجوسية (لم يحد) في قول أكثر أهل العلم؛ لأن الاختلاف شبهة والحد يدرأ بالشبهات، قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الحدود تدرأ بالشبهة.

(20) أو مكرها

مسألة 20: (وإن وطئ مكرها لم يحد) ؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» ؛ ولأن الحدود تدرأ بالشبهات، والإكراه شبهة فيمنع الحد كما لو كانت المكرهة امرأة.

(21) أو سرق من مال له فيه حق أو لولده وإن سفل من مال غريمه الذي يعجز عن تخليصه منه بقدر حقه لم يحد

مسألة 21: (ومن سرق من مال له فيه حق أو لولده وإن سفل لم يحد) ؛ لأن ذلك شبهة في درء الحد عنه؛ لأنه أخذ مالا له أخذه، ولما كانت الجارية المشتركة لا يجب
الحد بوطئها، فكذلك المال المشترك لا يجب الحد بالأخذ منه، ومال ولده كماله؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أنت ومالك لأبيك» ، (وكذلك إذا أخذ من مال غريمه الذي يعجز عن تخليصه منه بقدر حقه فإنه لا يحد) ؛ لأن العلماء اختلفوا في حل ذلك، واختلاف العلماء في حل الشيء شبهة في درء الحد، كما لو وطئ في نكاح فاسد مختلف فيه.

ص : 590


فصل: ومن أتى حدا خارج الحرم ثم لجأ إلى الحرم أو لجأ إليه من عليه قصاص لم يستوف منه حتى يخرج


فصل فيمن أتى حدا خارج الحرم ثم لجأ إليه
(فصل: ومن أتى حدا خارج الحرم ثم لجأ إلى الحرم أو لجأ إليه من عليه قصاص لم يستوف منه حتى يخرج) من الحرم فيستوفى منه، روي ذلك عن ابن عباس، وعن الإمام أحمد رواية أخرى أن الجناية إذا كانت فيما دون النفس (استوفيت، وإن كانت في النفس) لم تستوف في الحرم؛ ولأن حرمة النفس أعظم، قال أبو بكر: هذه مسألة وجدتها مفردة لحنبل عن عمه أن الحدود كلها تقام في الحرم إلا القتل، والعمل على أن كل جان دخل الحرم لم يقم حد جنايته حتى يخرج منه، وإن هتك حرمة الحرم بالجناية هتكت حرمته بإقامة الحد عليه، ودليل الأولى قول الله سبحانه: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 97] قيل: المراد بهذا الخبر الأمر، وقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض، وإنما حلت لي ساعة من نهار ثم عادت حرمتها، فلا يسفك فيها دم» (رواه مسلم) ، وروى أبو شريح أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما، ولا يعضد فيها شجرة، فإن أحد ترخص بقتال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقولوا: إن الله أذن لرسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يأذن لكم، وإنما أذن لي ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، فليبلغ الشاهد منكم الغائب» متفق عليه، ووجه الحجة أنه حرم سفك الدم بها على الإطلاق، وتخصيص مكة بهذا يدل على أنه أراد العموم، فإنه لو أراد سفك الدم الحرام لم تختص به مكة فلا يكون التخصيص مفيدا، ومن وجه آخر وهو أنه قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنما أحلت لي ساعة من نهار ثم عادت حرمتها» ومعلوم أنه إنما أحل له سفك دماء كانت حلالا في غير الحرم فحرمها الحرم، ثم أحلت له ساعة، ثم عادت الحرمة، ثم أكد هذا بمنعه قياس غيره عليه والاقتداء به بقوله:
«فإن أحد ترخص بقتال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقولوا: إن الله أذن لرسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يأذن لكم» ، وهذا ظاهر، إذا ثبت هذا فإنه (لا يبايع ولا يشارى) ولا يطعم ولا يؤوى، ويقال له: اتق الله واخرج إلى الحل ليستوفى منك الحق الذي قبلك، فإذا خرج استوفى حق الله عز وجل منه، وإنما كان كذلك؛ لأنه إذا أطعم وأوي تمكن من الإقامة أبدا فيضيع الحق الذي عليه، وإذا منع ذلك كان وسيلة إلى خروجه فيقام فيه حق الله عز وجل.

ص : 591

لكن لا يبايع ولا يشارى

(22) وإن فعل ذلك في الحرم استوفى منه فيه

مسألة 22: (وإن فعل ذلك في الحرم استوفى منه فيه) لا نعلم في ذلك خلافا، وقد روى الأثرم بإسناده عن ابن عباس قال: من أحدث حدثا في الحرم أقيم عليه ما أحدث فيه من شيء، وقال الله سبحانه: {وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ} [البقرة: 191] ، فأباح قتلهم عند قتالهم في الحرم، ولأن أهل الحرم يحتاجون إلى الزجر عند ارتكاب المعاصي حفظا لأنفسهم وأموالهم وأعراضهم كما يحتاج إليه غيرهم، فلو لم يشرع الحد في حق من ارتكبه في الحرم لتعطلت حدود الله في حقهم، وفاتت هذه المصالح التي لا بد منها ولا يجوز الإخلال بها، ولأن الجاني في الحرم هاتك لحرمته فلا ينتهض الحرم لتحريم دمه وصيانته بمنزلة الجاني في دار الملك لا يعصم لحرمة الملك بخلاف الملتجئ إليها بجناية صدرت منه في غيرها.

(23) وإن أتى حدا في الغزو لم يستوف حتى يخرج من دار الحرب

مسألة 23: (وإن أتى حدا في الغزو لم يستوف منه حتى يخرج من دار الحرب) لما روي عن بسر بن أرطاة أنه أتي برجل في الغزاة قد سرق بختية فقال: لولا أني سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «لا يقطع في الغزاة» لقطعتك، وفي لفظ «لا تقطع الأيدي في الغزاة» رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي، ولأنه إجماع الصحابة، وروى سعيد في سننه أن عمر كتب إلى الناس: لا تجلدن أمير جيش ولا سرية ولا رجلا من المسلمين حدا وهو غاز حتى يقطع الدرب قافلا، لئلا تحمله حمية الشيطان فيلحق بالكفار، وعن أبي الدرداء مثل ذلك، وعن علقمة قال: كنا في جيش في أرض الروم ومعنا حذيفة بن اليمان وعلينا الوليد بن عقبة فشرب الخمر فأردنا أن نجلده فقال حذيفة: أتجلدون أميركم وقد دنوتم من عدوكم فيطمعوا فيكم، وأتي سعد بأبي محجن يوم القادسية وقد شرب الخمر فأمر به إلى القيد، فلما التقى الناس قال أبو محجن:
كفى حزنا أن تطرد الخيل بالقنا ... وأترك مشدودا على وثاقيا
فقال لابنة حفصة امرأة سعد: أطلقيني ولله علي إن سلمني الله أن أرجع حتى أضع رجلي في القيد، وإن قتلت استرحتم مني، قال: فخلته حين التقى الناس، وكانت بسعد جراحة فصعدوا به فوق العذيب ينظر إلى الناس، فوثب أبو محجن على فرس لسعد يقال لها البلقاء، ثم أخذ رمحا فجعل لا يحمل على ناحية من العدو إلا هزمهم الله، وجعل الناس يقولون: هذا ملك لما يرونه يصنع، وجعل سعد يقول: الصبر صبر البلقاء والطعن طعن أبي محجن، وأبو محجن في القيد، فلما هزم الله العدو رجع أبو محجن حتى وضع رجله في القيد، فأخبرت ابنة حفصة سعدا بما كان من أمره، فقال سعد: لا والله لا أضرب اليوم رجلا أبلى الله به المسلمين ما أبلاهم، فخلى سبيله، فقال أبو محجن: قد كنت أشربها إذ يقام علي الحد وأطهر منها، فأما إذا بهرجتني فوالله لا أشربها أبدا، وهذا اتفاق لم يظهر خلافه، فأما إذا خرج من دار الحرب فإنه يقام عليه الحد لعموم الآيات والأخبار، وإنما أخر لعارض كما يؤخر لمرض أو نحوه، فإذا زال العارض أقيم، ولهذا قال عمر: حتى يقطع الدرب قافلا.

ص : 592


عدد المشاهدات *:
471792
عدد مرات التنزيل *:
94856
حجم الخط :

* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 21 ماي 2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة

- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 11/02/2017

الكتب العلمية

روابط تنزيل : باب الحدود
 هذا رابط   لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
أرسل إلى صديق
. بريدك الإلكتروني :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
. بريد صديقك :   أدخل بريد إلكتروني صحيح من فضلك
اضغط هنا للطباعة طباعة
 هذا رابط  باب الحدود لمن يريد استعماله في المواقع و المنتديات
يمكنكم استخدام جميع روابط المحجة البيضاء في مواقعكم بالمجان
الكتب العلمية


@designer
1