5876- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اصْطَنَعَ خَاتَماً مِنْ ذَهَبٍ وَجَعَلَ فَصَّهُ فِي بَطْنِ كَفِّهِ إِذَا لَبِسَهُ فَاصْطَنَعَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ مِنْ ذَهَبٍ فَرَقِيَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ اصْطَنَعْتُهُ وَإِنِّي لاَ أَلْبَسُهُ فَنَبَذَهُ فَنَبَذَ النَّاسُ" .
قَالَ جُوَيْرِيَةُ: وَلاَ أَحْسِبُهُ إِلاَّ قَالَ فِي يَدِهِ الْيُمْنَى
قوله: "باب من جعل فص الخاتم في بطن كفه" سقط لفظ: "باب" من رواية أبي ذر، قال ابن بطال. قيل لمالك يجعل الفص في باطن الكف؟ قال: لا. قال ابن بطال: ليس في كون فص الخاتم في بطن الكف ولا ظهرها
(10/325)
أمر ولا نهي. وقال غيره: السر في ذلك أن جعله في بطن الكف أبعد من أن يظن أنه فعله للتزين به، وقد أخرج أبو داود من حديث ابن عباس جعله في ظاهر الكف كما سأذكره قريبا. قوله: "حدثنا جويرية" هو ابن أسماء، وعبد الله هو ابن عمر. قوله: "اصطنع خاتما من ذهب وجعل" كذا للأكثر، وللمستملي والسرخسي "ويجعل" وقد تقدم شرح الحديث في "باب خاتم الفضة". قوله: "قال جويرية ولا أحسبه إلا قال في يده اليمنى" هو موصول بالإسناد المذكور؛ قال أبو ذر في روايته: لم يقع في البخاري موضع الخاتم من أي اليدين إلا في هذا. وقال الداودي: لم يجزم به جويرية، وتواطؤ الروايات على خلافه يدل على أنه لم يحفظه، وعمل الناس على لبس الخاتم في اليسار يدل على أنه المحفوظ. قلت: وكلامه متعقب فإن الظن فيه من موسى شيخ البخاري، وقد أخرجه ابن سعد عن مسلم بن إبراهيم، وأخرجه الإسماعيلي عن الحسن بن سفيان عن عبد الله بن محمد بن أسماء كلاهما عن جويرية وجزما بأنه لبسه في يده اليمنى، وهكذا أخرج مسلم من طريق عقبة بن خالد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر في قصة اتخاذ الخاتم من ذهب وفيه: "وجعله في يده اليمنى" وأخرجه الترمذي وابن سعد من طريق موسى بن عقبة عن نافع بلفظ: "صنع النبي صلى الله عليه وسلم خاتما من ذهب فتختم به في يمينه، ثم جلس على المنبر فقال: إني كنت اتخذت هذا الخاتم في يميني. ثم نبذه" الحديث. وهذا صريح من لفظه صلى الله عليه وسلم رافع للبس. وموسى بن عقبة أحد الثقات الأثبات، وأما ما أخرجه ابن عدي من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وأبو داود من طريق عبد العزيز بن أبي رواد كلاهما عن نافع عن ابن عمر "كان النبي صلى الله عليه وسلم يتختم في يساره" فقد قال أبو داود بعده: ورواه ابن إسحاق وأسامة بن زيد عن نافع "في يمينه" انتهى. ورواية ابن إسحاق قد أخرجها أبو الشيخ في "كتاب أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم" من طريقه، وكذا رواية أسامة. وأخرجها محمد بن سعد أيضا. فظهر أن رواية اليسار في حديث نافع شاذة، ومن رواها أيضا أقل عددا وألين ممن روى اليمين، وقد أخرج الطبراني في "الأوسط" بسند حسن عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يتختم في يمينه" وأخرج أبو الشيخ في "كتاب أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم" من رواية خالد بن أبي بكر عن سالم عن ابن عمر نحوه، فرجحت رواية اليمين في حديث ابن عمر أيضا. وقد ورد التختم في اليمين أيضا في أحاديث أخرى: منها عند مسلم من حديث أنس "أن النبي صلى الله عليه وسلم لبس خاتما من فضة في يمينه فصه حبشي" وأخرج أبو داود أيضا من طريق ابن إسحاق قال: "رأيت على الصلت بن عبد الله خاتما في خنصره اليمين، فسألته فقال: رأيت ابن عباس يلبس خاتمه هكذا وجعل فصه على ظهرها، ولا إخال ابن عباس إلا ذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم" وأورده الترمذي من هذا الوجه مختصرا "رأيت ابن عباس يتختم في يمينه ولا إخاله إلا قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتختم في يمينه" وللطبراني من وجه آخر عن ابن عباس "كان النبي صلى الله عليه وسلم يتختم في يمينه" وفي سنده لين. وأخرج الترمذي أيضا من طريق حماد بن سلمة "رأيت ابن أبي رافع يتختم في يمينه وقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتختم في يمينه" ثم نقل عن البخاري أنه أصح شيء روي في هذا الباب. وأخرج أبو داود والنسائي والترمذي في "الشمائل" وصححه ابن حبان من طريق إبراهيم بن عبد الله ابن حنين عن أبيه عن علي "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتختم في يمينه" وفي الباب عن جابر في "الشمائل" بسند لين، وعائشة عند البزار بسند لين، وعند أبي الشيخ بسند حسن، وعن أبي أمامه عند الطبراني بسند ضعيف، وعن أبي هريرة عند الدار قطني في "غرائب مالك" بسند ساقط. وورد التختم في اليسار من حديث ابن عمر كما تقدم، ومن حديث أنس أيضا أخرجه
(10/326)
مسلم من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال: "كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم في هذه، وأشار إلى الخنصر اليسرى". وأخرجه أبو الشيخ والبيهقي في "الشعب" من طريق قتادة عن أنس، ولأبي الشيخ من حديث أبي سعيد بلفظ: "كان يلبس خاتمه في يساره" وفي سنده لين، وأخرجه ابن سعد أيضا. وأخرج البيهقي في الأدب من طريق أبي جعفر الباقر قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعلي والحسن والحسين يتختمون في اليسار" وأخرجه الترمذي موقوفا على الحسن والحسين فحسب، وأما دعوى الداودي أن العمل على التختم في اليسار فكأنه توهمه من استحباب مالك للتختم وهو يرجح عمل أهل المدينة فظن أنه عمل أهل المدينة، وفيه نظر، فإنه جاء عن أبي بكر وعمر وجمع جم من الصحابة والتابعين بعدهم من أهل المدينة وغيرهم التختم في اليمنى. وقال البيهقي في الأدب: يجمع بين هذه الأحاديث بأن الذي لبسه في يمينه هو خاتم الذهب كما صرح به في حديث ابن عمر. والذي لبسه في يساره هو خاتم الفضة، وأما رواية الزهري عن أنس التي فيها التصريح بأنه كان فضة ولبسه في يمينه فكأنها خطأ، فقد تقدم أن الزهري وقع له وهم في الخاتم الذي طرحه النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه وقع في روايته أنه الذي كان من فضة، وأن الذي في رواية غيره أنه الذي كان من ذهب، فعلى هذا فالذي كان لبسه في يمينه هو الذهب اهـ ملخصا. وجمع غيره بأنه لبس الخاتم أولا في يمينه ثم حوله إلى يساره، واستدل له بما أخرجه أبو الشيخ وابن عدي من رواية عبد الله بن عطاء عن نافع عن ابن عمر "أن النبي صلى الله عليه وسلم تختم في يمينه، ثم أنه حوله في يساره" فلو صح هذا لكان قاطعا للنزاع، ولكن سنده ضعيف. وأخرج ابن سعد من طريق جعفر بن محمد عن أبيه قال: "طرح رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتمه الذهب ثم تختم خاتما من ورق فجعله في يساره" وهذا مرسل أو معضل، وقد جمع البغوي في "شرح السنة" بذلك وأنه تختم أولا في يمينه ثم تختم في يساره وكان ذلك آخر الأمرين. وقال ابن أبي حاتم: سألت أبا زرعة عن اختلاف الأحاديث في ذلك فقال: لا يثبت هذا ولا هذا، ولكن في يمينه أكثر، وقد تقدم قول البخاري أن حديث عبد الله بن جعفر أصح شيء ورد فيه وصرح فيه بالتختم في اليمين، وفي المسألة عند الشافعية اختلاف والأصح اليمين. قلت: ويظهر لي أن ذلك يختلف باختلاف القصد، فإن كان اللبس للتزين به فاليمين أفضل، وإن كان للتختم به فاليسار أولى لأنه كالمودع فيها، ويحصل يناوله منها باليمين وكذا وضعه فيها، ويترجح التختم قي اليمين مطلقا لأن اليسار آلة الاستنجاء فيصان الخاتم إذا كان في اليمين عن أن تصيبه النجاسة، ويترجح التختم في اليسار بما أشرت إليه من التناول. وجنحت طائفة إلى استواء الأمرين وجمعوا بذلك بين مختلف الأحاديث، وإلى ذلك أشار أبو داود حيث ترجم "باب التختم في اليمين واليسار" ثم أورد الأحاديث مع اختلافها في ذلك بغير ترجيح، ونقل النووي وغيره الإجماع على الجواز ثم قال: ولا كراهة فيه - يعني عند الشافعية - وإنما الاختلاف في الأفضل. وقال البغوي: كان آخر الأمرين التختم في اليسار. وتعقبه الطبري بأن ظاهره النسخ، وليس ذلك مراده بل الإخبار بالواقع اتفاقا، والذي يظهر أن الحكمة فيه ما تقدم، والله أعلم.
(10/327)
قَالَ جُوَيْرِيَةُ: وَلاَ أَحْسِبُهُ إِلاَّ قَالَ فِي يَدِهِ الْيُمْنَى
قوله: "باب من جعل فص الخاتم في بطن كفه" سقط لفظ: "باب" من رواية أبي ذر، قال ابن بطال. قيل لمالك يجعل الفص في باطن الكف؟ قال: لا. قال ابن بطال: ليس في كون فص الخاتم في بطن الكف ولا ظهرها
(10/325)
أمر ولا نهي. وقال غيره: السر في ذلك أن جعله في بطن الكف أبعد من أن يظن أنه فعله للتزين به، وقد أخرج أبو داود من حديث ابن عباس جعله في ظاهر الكف كما سأذكره قريبا. قوله: "حدثنا جويرية" هو ابن أسماء، وعبد الله هو ابن عمر. قوله: "اصطنع خاتما من ذهب وجعل" كذا للأكثر، وللمستملي والسرخسي "ويجعل" وقد تقدم شرح الحديث في "باب خاتم الفضة". قوله: "قال جويرية ولا أحسبه إلا قال في يده اليمنى" هو موصول بالإسناد المذكور؛ قال أبو ذر في روايته: لم يقع في البخاري موضع الخاتم من أي اليدين إلا في هذا. وقال الداودي: لم يجزم به جويرية، وتواطؤ الروايات على خلافه يدل على أنه لم يحفظه، وعمل الناس على لبس الخاتم في اليسار يدل على أنه المحفوظ. قلت: وكلامه متعقب فإن الظن فيه من موسى شيخ البخاري، وقد أخرجه ابن سعد عن مسلم بن إبراهيم، وأخرجه الإسماعيلي عن الحسن بن سفيان عن عبد الله بن محمد بن أسماء كلاهما عن جويرية وجزما بأنه لبسه في يده اليمنى، وهكذا أخرج مسلم من طريق عقبة بن خالد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر في قصة اتخاذ الخاتم من ذهب وفيه: "وجعله في يده اليمنى" وأخرجه الترمذي وابن سعد من طريق موسى بن عقبة عن نافع بلفظ: "صنع النبي صلى الله عليه وسلم خاتما من ذهب فتختم به في يمينه، ثم جلس على المنبر فقال: إني كنت اتخذت هذا الخاتم في يميني. ثم نبذه" الحديث. وهذا صريح من لفظه صلى الله عليه وسلم رافع للبس. وموسى بن عقبة أحد الثقات الأثبات، وأما ما أخرجه ابن عدي من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وأبو داود من طريق عبد العزيز بن أبي رواد كلاهما عن نافع عن ابن عمر "كان النبي صلى الله عليه وسلم يتختم في يساره" فقد قال أبو داود بعده: ورواه ابن إسحاق وأسامة بن زيد عن نافع "في يمينه" انتهى. ورواية ابن إسحاق قد أخرجها أبو الشيخ في "كتاب أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم" من طريقه، وكذا رواية أسامة. وأخرجها محمد بن سعد أيضا. فظهر أن رواية اليسار في حديث نافع شاذة، ومن رواها أيضا أقل عددا وألين ممن روى اليمين، وقد أخرج الطبراني في "الأوسط" بسند حسن عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يتختم في يمينه" وأخرج أبو الشيخ في "كتاب أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم" من رواية خالد بن أبي بكر عن سالم عن ابن عمر نحوه، فرجحت رواية اليمين في حديث ابن عمر أيضا. وقد ورد التختم في اليمين أيضا في أحاديث أخرى: منها عند مسلم من حديث أنس "أن النبي صلى الله عليه وسلم لبس خاتما من فضة في يمينه فصه حبشي" وأخرج أبو داود أيضا من طريق ابن إسحاق قال: "رأيت على الصلت بن عبد الله خاتما في خنصره اليمين، فسألته فقال: رأيت ابن عباس يلبس خاتمه هكذا وجعل فصه على ظهرها، ولا إخال ابن عباس إلا ذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم" وأورده الترمذي من هذا الوجه مختصرا "رأيت ابن عباس يتختم في يمينه ولا إخاله إلا قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتختم في يمينه" وللطبراني من وجه آخر عن ابن عباس "كان النبي صلى الله عليه وسلم يتختم في يمينه" وفي سنده لين. وأخرج الترمذي أيضا من طريق حماد بن سلمة "رأيت ابن أبي رافع يتختم في يمينه وقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتختم في يمينه" ثم نقل عن البخاري أنه أصح شيء روي في هذا الباب. وأخرج أبو داود والنسائي والترمذي في "الشمائل" وصححه ابن حبان من طريق إبراهيم بن عبد الله ابن حنين عن أبيه عن علي "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتختم في يمينه" وفي الباب عن جابر في "الشمائل" بسند لين، وعائشة عند البزار بسند لين، وعند أبي الشيخ بسند حسن، وعن أبي أمامه عند الطبراني بسند ضعيف، وعن أبي هريرة عند الدار قطني في "غرائب مالك" بسند ساقط. وورد التختم في اليسار من حديث ابن عمر كما تقدم، ومن حديث أنس أيضا أخرجه
(10/326)
مسلم من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال: "كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم في هذه، وأشار إلى الخنصر اليسرى". وأخرجه أبو الشيخ والبيهقي في "الشعب" من طريق قتادة عن أنس، ولأبي الشيخ من حديث أبي سعيد بلفظ: "كان يلبس خاتمه في يساره" وفي سنده لين، وأخرجه ابن سعد أيضا. وأخرج البيهقي في الأدب من طريق أبي جعفر الباقر قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعلي والحسن والحسين يتختمون في اليسار" وأخرجه الترمذي موقوفا على الحسن والحسين فحسب، وأما دعوى الداودي أن العمل على التختم في اليسار فكأنه توهمه من استحباب مالك للتختم وهو يرجح عمل أهل المدينة فظن أنه عمل أهل المدينة، وفيه نظر، فإنه جاء عن أبي بكر وعمر وجمع جم من الصحابة والتابعين بعدهم من أهل المدينة وغيرهم التختم في اليمنى. وقال البيهقي في الأدب: يجمع بين هذه الأحاديث بأن الذي لبسه في يمينه هو خاتم الذهب كما صرح به في حديث ابن عمر. والذي لبسه في يساره هو خاتم الفضة، وأما رواية الزهري عن أنس التي فيها التصريح بأنه كان فضة ولبسه في يمينه فكأنها خطأ، فقد تقدم أن الزهري وقع له وهم في الخاتم الذي طرحه النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه وقع في روايته أنه الذي كان من فضة، وأن الذي في رواية غيره أنه الذي كان من ذهب، فعلى هذا فالذي كان لبسه في يمينه هو الذهب اهـ ملخصا. وجمع غيره بأنه لبس الخاتم أولا في يمينه ثم حوله إلى يساره، واستدل له بما أخرجه أبو الشيخ وابن عدي من رواية عبد الله بن عطاء عن نافع عن ابن عمر "أن النبي صلى الله عليه وسلم تختم في يمينه، ثم أنه حوله في يساره" فلو صح هذا لكان قاطعا للنزاع، ولكن سنده ضعيف. وأخرج ابن سعد من طريق جعفر بن محمد عن أبيه قال: "طرح رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتمه الذهب ثم تختم خاتما من ورق فجعله في يساره" وهذا مرسل أو معضل، وقد جمع البغوي في "شرح السنة" بذلك وأنه تختم أولا في يمينه ثم تختم في يساره وكان ذلك آخر الأمرين. وقال ابن أبي حاتم: سألت أبا زرعة عن اختلاف الأحاديث في ذلك فقال: لا يثبت هذا ولا هذا، ولكن في يمينه أكثر، وقد تقدم قول البخاري أن حديث عبد الله بن جعفر أصح شيء ورد فيه وصرح فيه بالتختم في اليمين، وفي المسألة عند الشافعية اختلاف والأصح اليمين. قلت: ويظهر لي أن ذلك يختلف باختلاف القصد، فإن كان اللبس للتزين به فاليمين أفضل، وإن كان للتختم به فاليسار أولى لأنه كالمودع فيها، ويحصل يناوله منها باليمين وكذا وضعه فيها، ويترجح التختم قي اليمين مطلقا لأن اليسار آلة الاستنجاء فيصان الخاتم إذا كان في اليمين عن أن تصيبه النجاسة، ويترجح التختم في اليسار بما أشرت إليه من التناول. وجنحت طائفة إلى استواء الأمرين وجمعوا بذلك بين مختلف الأحاديث، وإلى ذلك أشار أبو داود حيث ترجم "باب التختم في اليمين واليسار" ثم أورد الأحاديث مع اختلافها في ذلك بغير ترجيح، ونقل النووي وغيره الإجماع على الجواز ثم قال: ولا كراهة فيه - يعني عند الشافعية - وإنما الاختلاف في الأفضل. وقال البغوي: كان آخر الأمرين التختم في اليسار. وتعقبه الطبري بأن ظاهره النسخ، وليس ذلك مراده بل الإخبار بالواقع اتفاقا، والذي يظهر أن الحكمة فيه ما تقدم، والله أعلم.
(10/327)
عدد المشاهدات *:
491571
491571
عدد مرات التنزيل *:
153134
153134
حجم الخط :
* : عدد المشاهدات و التنزيل منذ 05/11/2013 ، هذا العدد لمجموع المواد المتعلقة بموضوع المادة
- تم تسجيل هذه المادة بالموقع بتاريخ : 05/11/2013